الرئيسة \  تقارير  \  دمشق و”قسد”: مفاوضات على وقع تسخين الجبهات

دمشق و”قسد”: مفاوضات على وقع تسخين الجبهات

14.08.2025
جانبلات شكاي



دمشق و”قسد”: مفاوضات على وقع تسخين الجبهات
جانبلات شكاي
القدس العربي
الاربعاء 13/8/2025
دمشق ـ “القدس العربي”: وسط تبادل للاتهامات وتحذيرات من تصعيد التوتر وتسخين للجبهات في بعض أحياء مدينة حلب وريفها الشمالي الشرقي، أجرت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد محادثات وصفت بـ “الجيدة” مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في دمشق، في إطار جهود تبذل لإنجاح لقاء باريس المرتقب، على الرغم من إعلان دمشق يوم الجمعة أنها ستقاطعه.
اجتماع “إيجابي”
وكشف نائب الرئاسة المشتركة لـ “مجلس سوريا الديمقراطي- مسد” علي رحمون في تصريح خاص لـ”القدس العربي” أن لقاء أحمد مع الشيباني في دمشق كان “جيدا وإيجابيا”، وتم خلاله بحث آليات حل الإشكالات التي تقف أمام تنفيذ اتفاق العاشر من آذار/ مارس بين رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع وقائد قوات “سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي.
وبين أن اللقاء ركز على آليات استمرار الحوار للتوصل إلى التوافقات المطلوبة بين السوريين، على الرغم من محاولات البعض التجييش والتحشيد، معبرا عن اعتقاده بأن أجواء اللقاءات السياسية في واد، ومن يقومون بالتجييش والتحريض في واد آخر.
وأضاف: على اعتبار أن إلهام احمد تمثل الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا فمن الطبيعي أن تحصل مثل هذه اللقاءات بين السوريين.
وفي السياق، قال مصدر الكردي، فضّل عدم الكشف عن هويته، لوكالة “فرانس برس” إن اللقاء “عقد مساء الإثنين، بطلب من الحكومة السورية”، موضحا أن “النقاشات تركزت على ايجاد صيغة مناسبة للامركزية، دون تحديد جدول زمني” لتطبيقها.
وهدفت النقاشات، وفق المصدر ذاته، إلى التأكيد على “استمرار العملية التفاوضية عن طريق لجان سورية ـ سورية وبإشراف دولي”. واتفق الطرفان على أن “لا مكان للخيار العسكري”.
ويوم الجمعة الماضي، تعرضت جهود دفع اتفاق العاشر من آذار/ مارس للتنفيذ عبر لقاء مرتقب يجمع الأطراف المعنية في باريس، إلى نكسة بعد استضافة الحسكة “كونفرانس وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا”، ألقيت فيه كلمات مصورة لرئيس المجلس الديني في المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر الشيخ غزال غزال، ولشيخ العقل في طائفة الموحدين الدروز في سوريا حكمت الهجري، الأمر الذي رفضته دمشق.
وقال مصدر حكومي في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية “سانا” إن “المؤتمر يمثّل تهرّباً من تنفيذ استحقاقات وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات، واستمراراً في خرق الاتفاق، وهو في الوقت ذاته غطاء لسياسات التغيير الديموغرافي الممنهج ضد العرب السوريين، تنفذها تيارات كردية متطرفة تتلقى تعليماتها من قنديل”.
واعتبرت دمشق أن هذا المؤتمر “شكّل ضربة لجهود التفاوض الجارية، وبناءً على ذلك فإنها لن تشارك في أي اجتماعات مقررة في باريس، ولن تجلس على طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام البائد تحت أي مسمى أو غطاء، وتدعو “قسد” للانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 آذار، كما تدعو الوسطاء الدوليين لنقل جميع المفاوضات إلى دمشق باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين”.
اجتماع بين أحمد والشيباني… واتهامات متبادلة
وفي المقابل، غردت إلهام أحمد عبر صفحتها على “إكس” في اليوم ذاته، مؤكدة “استمرار تمسّكنا بسوريا الموحَّدة وسلامة أراضيها، ورفضنا القاطع لكل مشاريع التقسيم، في كل مناسبة وموقف”.
وقالت: “اليوم نؤكد التزامنا باتفاقية 10 آذار/ مارس بين الرئيس أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي، وبناءً على ذلك نحن منخرطون في مباحثات بنَّاءة لتنفيذ بنود الاتفاقية بالاندماج الحقيقي على أساس الشراكة في إطار الدولة السورية، الوطن المشترك للجميع”.
وختمت بالقول: “نبدي استعدادنا لاستكمال المباحثات في اجتماع باريس المقبل، مؤكدين أن الحوار والتوافق هما الطريق الوحيد لبناء مستقبل سوريا المزدهر لجميع أبنائها”.
ورفض رحمون الأخذ بالأجواء السلبية بين دمشق والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، وقال في تصريحه لـ “القدس العربي” إن “قسد” ما زالت كما كانت، يدها ممدودة للحوار بغية التوصل لاتفاق، واليوم يجري العمل للإعداد للقاء باريس الهام وسط ظروف تشير إلى أن الحكومة في دمشق ليست في أحسن أحوالها، خصوصا بعد صدور البيان الرئاسي عن مجلس الأمن وما تم نشره عن الجرائم في السويداء”.
وشدد على أن “هناك الكثير مما يتم نشره إعلامياً لا يعبر صراحة عن موقف الحكومة الحقيقي، و”قسد” لم تتلق أي موقف تجاه لقاء باريس، بل على العكس أعتقد أنهم بادروا للتواصل بشأن هذا اللقاء، والدليل وصول إلهام أحمد إلى دمشق ولقاؤها الشيباني”.
اتهامات وتسخين للجبهات
وخلال اليومين السابقين تبادلت الدوائر الإعلامية لكل من “قسد” ووزارة الدفاع السورية الاتهامات حول تسخين الجبهات، حيث نشر المركز الإعلامي لـ”قسد” الإثنين بيانا عبر صفحته الرسمية على “تليغرام” تحدث فيه عما سماها “تحركات استفزازية لقوات حكومة دمشق”.
وقال إن “المجموعات التابعة لحكومة دمشق، تحاول منذ عدة أيام، استفزاز قواتنا، حيث بدأت بتحركات مشبوهة في عدة مناطق، خاصة في محيط بلدة دير حافر والقرى التابعة لها، حيث تستمر في خرق وقف إطلاق النار، رغم أن قواتنا لا تزال تلتزم بالصبر ولا ترد على تلك الاستفزازات المستمرة، ولكن إن استمرت باستهداف قواتنا، سنضطر للرد عليها من منطلق الدفاع المشروع”.
وذكر بيان “قسد” أن “مجموعات أخرى لا تزال، ومنذ عدة أيام، تتجمع في محيط حيي الشيخ مقصود والأشرفية (داخل حلب) وتكثف دوريات عناصرها، إضافة إلى تحليق طائرات درون تابعة لها في سماء الحيين بشكل شبه مستمر في استفزاز واضح ومكشوف، حيث فجرت إحداها في أطراف الحي”. واعتبر البيان أن “محاولات تلك المجموعات تعد انتهاكاً لوقف إطلاق النار، كما أنها تناقض روح الاتفاقية التي وقعها مجلس أحياء الشيخ مقصود والأشرفية مع حكومة دمشق في الأول من نيسان/ إبريل الماضي، وهي موضع استنكار من قبل أهالي الحيين، وتعرض سلامة المدنيين القاطنين فيهما للخطر”.
ودعا البيان “الحكومة السورية إلى ضبط سلوك تلك العناصر المنفلتة، وألا تتسبب في انهيار الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة بيننا، وأن تبتعد عن كل ما من شأنه زيادة التوتر، وتحافظ على السلم الأهلي في كامل مدينة حلب وسائر المناطق”.
في المقابل، نشرت وكالة “سانا” الرسمية أمس تصريحا نقلته عن “إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع” قالت فيه إن مجموعتين تابعتين لقوات “قسد”، قامت بالتسلل نحو نقاط انتشار الجيش العربي السوري في منطقة تل ماعز شرق حلب، واندلعت إثر هذه الخطوة التصعيدية اشتباكات عنيفة في المنطقة، أسفرت عن استشهاد أحد جنود الجيش.
وقال بيان الوزارة إن “وحدات الجيش العربي السوري، وضمن قواعد الاشتباك، ردّت على مصادر النيران، وأفشلت عملية التسلل، وأجبرت القوات المتقدمة نحو موقع تل ماعز على الانسحاب إلى مواقعها الأصلية”.
واعتبر أن “هذا التصعيد الجديد يأتي في وقتٍ تستمر فيه قوات “قسد” باستهداف مواقع انتشار الجيش في منطقتي منبج ودير حافر بشكلٍ دائم، كما تقوم بالتوازي مع ذلك، بإغلاق بعض طرق مدينة حلب أمام الأهالي بشكلٍ متقطع وشبه يومي، انطلاقاً من مواقع سيطرتها قرب دوار الليرمون، ضاربةً بعرض الحائط جميع التفاهمات والاتفاقات المبرمة مع الحكومة السورية”.
وأكدت على “ضرورة التزام “قسد” بالاتفاقات الموقّعة مع الدولة السورية، والتوقف عن عمليات التسلل والقصف والاستفزاز التي تستهدف عناصر الجيش والأهالي في مدينة حلب وريفها الشرقي، وأن استمرار هذه الأفعال سيؤدي إلى عواقب جديدة”.
وأمس نقلت صفحات ومواقع الإلكترونية، بيانا عمن سمته أحد شيوخ عشيرة الناصر المنضوية ضمن عشائر الولد “البوشعبان” الشيخ فرج الحمود الفرج السلامة، يدعو فيها إلى “النفير العام” للقتال ضد ميليشيات “قسد”، داعياً شيوخ قبيلة “البوشعبان” إلى إرسال بياناتهم فوراً لتأكيد مشاركتهم، ومؤكداً أنه سيتولى بنفسه قيادة المعارك.
وفي السياق، أصدرت عشيرة “الصعب” بياناً تماشياً مع إعلان الشيخ فرج، وقع عليه الشيخ ياسر بن علوش المشعل، أعلنت فيه النفير العام لقتال “شذاذ الآفاق من لصوص قنديل ومن معهم من اللصوص المحليين الذين يدّعون المشيخة”، مؤكدة أن النفير دائم حتى صدور بيان بإلغائه “كوننا في ساحة حرب وأعداؤنا لم يغمدوا سيوفهم بعد”.
وفي المقابل، وفي تصريحات له نشرها موقع وكالة أنباء “هاوار” الكردية حذّر الشيخ علي حماد الأسعد الفاضل الملحم، من تنامي خطاب الكراهية ومحاولات إذكاء الفتنة بين مكونات الشعب، مؤكداً أن من يشعلها يخدم أجندات خارجية ويضرب استقرار المنطقة، داعياً إلى تحكيم العقل وقطع الطريق أمام من يستثمر في الدم والفرقة.
وطالب الملحم، الذي سمته الوكالة أحد شيوخ قبيلة الجبور العربية، “الحكومة المؤقتة في دمشق إلى الجلوس مع شيوخ العشائر الأصلية، وعدم إظهار بعض الشخصيات العشائرية التي تلعب على عدة حبال وتتبدل مع كل فصيل يحكم، وشدد على أن الواجب هو إبراز الشخصيات التي تحكم بالحكمة، لا بالمصالح المتقلبة”.
وفي تعقيبه على بيان النفير العام ضد “قسد” قال رحمون لـ”القدس العربي” إنه جزء من التحشيد والتجييش والحرب الإعلامية ولا معنى له أبداً، مشيرا إلى أن الشيخ فرج الحمود شخصية معروفة لكن ياسر علوش المشعل لم اسمع به ابدا، معتبرا بأنه ليس هناك اليوم من شخصيات عشائرية يتم الترويج لها، لها وزنها، ومعظم العشائر منقسمة على ذاتها، ولا يمكن أن يكون لها أثر على قوات “قسد” كقوة منظمة ومدربة بإشراف التحالف الدولي.
كذلك رفض الناطق باسم وفد الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا للتفاوض مع الحكومة السورية الانتقالية، ياسر سليمان، التعليق على بيان “النفير العام”، الذي دعا إليه الشيخ فرج الحمود السلامة، لكنه أوضح لـ”القدس العربي” ان إدارته “تسعى إلى صناعة سلام يحفظ حقوق السوريين ويصون كرامتهم ويحقن دماءهم ولن نكون سبباً في إشعال حروب لا طائل منها ويكون الخاسر الوحيد فيها هو الشعب السوري”.
وأضاف: “نحن سوريون ونحب السوريين ولن نفرط فيهم تحت أي ظرف من الظروف”.