الرئيسة \
تقارير \ "خطة ينون" تحت الضّوء... هل ينجح نتنياهو بتطبيقها في سوريا؟
"خطة ينون" تحت الضّوء... هل ينجح نتنياهو بتطبيقها في سوريا؟
31.08.2025
يحيى شمص
"خطة ينون" تحت الضّوء... هل ينجح نتنياهو بتطبيقها في سوريا؟
يحيى شمص
المصدر: النهار
السبت 30/8/2025
"خطة ينون" (The Yinon Plan)، التي نشرها الصحافي الإسرائيلي عوديد ينون عام 1982، ليست مجرد وثيقة نظرية، بل هي رؤية استراتيجية تُعتبر مرجعاً أساسياً لفهم السياسات الإسرائيلية في المنطقة. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تتبنَّها رسمياً كسياسة حكومية، إلا أن كثيراً من المحللين يرون أنها قد وُضعت بالفعل موضع التنفيذ، خصوصاً في ظل الأزمات التي تعصف بالدول العربية المحيطة.
الهدف من هذه الاستراتيجية هو إضعاف الدول المجاورة ومنع أي تهديد عسكري ضد إسرائيل.
يرى الكثير من المحللين أن إسرائيل تستغل الأزمة السورية لتطبيق هذه الخطة عبر الضربات الجوية، وخلق مناطق نفوذ، ومنع إعادة توحيد سوريا، وإبقاء الدولة السورية منقسمة وضعيفة، ما يمنعها من أن تكون قوة موحدة.
هذه السياسة الإسرائيلية تجعل أي مفاوضات مع سوريا صعبة للغاية. فإسرائيل تستخدم موقفها القوي لفرض شروط أمنية تتعارض مع السيادة السورية، ما قد يعيق أي تقدم حقيقي نحو سلام شامل.
التحدي الأكبر
الأكاديمي والكاتب الدكتور أحمد الكناني يؤكد أن السياسة الإسرائيلية في سوريا، خاصة في عهد رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، تستند استناداً كبيراً إلى "خطة ينون" التي تهدف إلى تفكيك الدول المجاورة.
ويرى الكناني، في حديثه لـ"النهار"، أن إسرائيل بدأت بالفعل بتطبيق هذه الخطة على الأرض، مستغلة الانقسامات الطائفية والديموغرافية في البلاد.
بحسب الكناني، تسعى إسرائيل إلى "تعزيز النزعة الانفصالية في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية"، إلى جانب "تعزيز السيطرة الإسرائيلية في مناطق جبل الشيخ". وإنشاء طريق يربط بين جبل الشيخ وريف دمشق وصولاً إلى السويداء، بهدف إيجاد "اتصال درزي" يخدم أهدافها الاستراتيجية في المنطقة.
بيئة غير حاضنة
وعلى الرغم من المحاولات الإسرائيلية، يؤكد الكناني أن هناك تحديات كبيرة تعيق تطبيق الخطة. ويقول: "هناك بيئة غير حاضنة للتدخلات الإسرائيلية، خاصة في محافظتي القنيطرة ودرعا"، مشيراً إلى أن سكان هذه المناطق التي يغلب عليها المكون السني "يرفضون رفضاً مطلقاً الوجود الإسرائيلي"، وهناك حالات "طرد" للقوات الإسرائيلية في مناسبات عدة.
وفقاً للكناني، فإن هذا الرفض الشعبي قد يعطل المخططات الإسرائيلية التي تسعى للوصول إلى مناطق أعمق داخل الأراضي السورية.
يعتبر الكناني أن الوجود الأجنبي والإقليمي في سوريا، وبالأخص التركي، لا يخدم إسرائيل، وهي "تستغله" فقط لتبرير تدخلاتها.
يرى مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات إبراهيم كابان، أن "سقوط نظام الأسد وتولي أحمد الشرع الحكم غيّرا قواعد اللعبة". إذ "لم يعد الهدف الإسرائيلي محاصرة نظام مركزي، بل منع تشكيل أي قوة عسكرية موحدة على الحدود قد تهددها، سواء كانت من الحكومة الجديدة أو من فصائل منسقة".
تحديات إسرائيل لتنفيذ مخطط "ينون" على المدى الطويل
بحسب كابان، يعكس هذا التكيف بقاء منطق "ينون" القائم على منع التهديد الموحد، لكن مع تحديات جديدة. فوجود بيئة سورية هشة، وحكومة انتقالية تواجه مقاومة محلية، وانسحاب إيراني، والوجود التركي في الشمال والغرب، كلها عوامل تزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي.
وعلى الرغم من أن تفكك الدولة المركزية يخدم بشكل غير مباشر فكرة "ينون" في إضعاف القدرة على بناء بنية عسكرية موحدة، إلا أنه لا يسهّل التفاوض.
ويرى كابان، في تصريح لـ"النهار"، أن الوجود العسكري الأجنبي والإقليمي يوفر لإسرائيل ذريعة لشن هجمات على سوريا. فبعد الانسحاب الإيراني الفعلي، لم تعد الذريعة الرئيسية هي وجود قوات إيرانية مباشرة، بل استمرار وجود فِرق موالية لإيران ومخاطر إعادة التموضع.
ويسهّل الضعف المؤسسي في سوريا، في هذه المرحلة، على إسرائيل العمل داخل مناطق معينة بحجة الأمن الحدودي. ويشير كابان إلى أن أحداث السويداء "وفّرت لإسرائيل مبرراً إضافياً للتدخل، إذ يمنحها الفراغ الأمني والقوى المحلية نافذة للعمليات".