حين يصفق الدهماء يبكي الشغفون!!
زهير سالم
واحر قلباه…!!
يقول المنتج السوري، والتاجر السوري، أنا يصعب عليّ أن أنافس المستثمر، في الظروف المتكافئة، فكيف عندما تكون كل الرياح معه، وكل الريح ضدي..!!
يقول المنتج الحلبي، لعلك تريد أن تتعرف عليّ أكثر!! أنا صاحب مصنع الكبريت، الذي أممه حزب البعث الحرامي والفاشي، بأعمدته السنية والعلوية والدرزية والسمعولية..
مصنع الكبريت الذي كان يغطي الجغرافيا السورية، وأحيانا العراقية، بأجود أنواع الكبريت، يوم كان الكبريت شريان حياة، به يوقد بابور الكيروسين، وموقد التدفئة، وليس فقط لفافات التبغ..
وحين نزلت الكتيبة المؤللة للسيطرة على مصنع الموصوف المظنون، واستلام مفاتحه، وجدت قصة نجاحه تعتمد على حلة بقطر متر وأعواد خشب، صنعت عند خراط. وأن عمال المصنع، الذي جاء حزب النصب والخفض لينصرهم، كانوا صاحب الورشة وأمه وزوجته، وأطفاله، الذين كانوا يعملون متطوعين -أوفر تايم- بعد عودتهم من مدارسهم…
كبريت أبو المدفع أو أبو المدفعين، ليس نكتة لغوار ولا لصاحب مسرحية كاسك يا وطن…يوم قال: اليمن صار يمنين، ولبنان أربعة، ولو أدركنا اليوم لقال، وسورية صارت ساحة للمستثمرين!!
تواصلي الشخصي مع السوق الاقتصادي في سورية، لم ينقطع منذ نصف قرن، وكنت قبل أن أخرج من سورية عضوا صغيرا في ذلك السوق.
دخلت سوق الوظيفة العامة سنة 1971- مدرسا لمادة اللغة العربية، ذهبت إلى الخدمة العسكرية، سنة 1972، تسرحت سنة 1975..ووجدت استحقاقي الرسمي بين العامين قد خاس ثلثه.. فاستقلت، وعدت طوافا في السوق التجاري، كما العصافير: تغدو خماصا وتعود بطانا، لم أعد يوما بفضل الله خائبا…كما صار يشكو إخواننا المدرسون..
حزب البعث ونظرية "تدبير الراس"
وحين أصبح الناس يضربون المثل ببؤس الموظفين، والعاملين في سلك الدولة، خرج علينا مسؤول حزبي كبير ومن مدينة حلب، وأحفظ اسمه ولا أريد..
وسئل في مؤتمر صحفي عن حال العاملين في سلك الدولة، وضرورة تعديل الرواتب، فقال:
نحن لن نكلف ميزانية الدولة الملايبن.. مواطننا يعرف كيف يدبر رأسه!! ونحن لا نريد أن نغرم تلك الغرامة الضخمة، من أجل كم "دب" لا يريدون تدبير رؤوسهم!!" من لم يفهم النظرية الثورية الاشتراكية فلا يسألني!!
ويبدو أن تدبير الرؤوس أصبح خلقا عاما!!
وفشا البرطيل الذي حسنوه فقالوا الرشوة، وتناسوا لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما..
وقال الراوي يا سادة يا كرام:
وذهبت العثرة على من سموهم معلمي ومدرسي المدارس والجامعات..
ويزعمون: أن مدرسي مادة الجغرافيا، أصبحوا يطالبون التلاميذ برسم خرائط الأقطار على البيضة، فيظفرون مع كل خريطة بمؤنتهم من البيض…
ثم تمادى بهم الزمان فقصر أو طال، فصاروا يبيعون الأسئلة، ثم الدرجات، فقد استثقلوا الاستمرار في الدروس الخصوصية التي ترفع الأقدار..!!
أحدثكم عن التاريخ منذ 8/ 12/ 2024 يقول صاحب مصنع الكبريت الأحمر أو كبريت المدفعين
سأتوقف!! سأتوقف عن الانتاج وعن المحاولة؛ ليس بسبب التأميم، ولكن لأنني سأكون الأحمق إذا حاولت أنا أنافس المصانع التي تعمل بكبس الأزار… والتي تفرش لها الطرق بالورد والريحان…!!
كل المصانع الكبرى في ورشة الشيخ نجار، التي نحت أصحابها في الصخر حتى وقفوا على أرجلهم، يؤكدون أنهم لن يقدروا على الوقوف في وجه الذين يغرفون من البحر، وتأمل الفرق بين" صناعي ينحت من صخر ومستثمر يغرف من بحر.." ثم ارجع إليٌ؛ ولا تنس مظلة القوانين، التي تحمي الغراف…
أما الصادقون من السوريين الذين حملوا بعض ما نحتوه في سني اغترابهم، فحملوا أنفسهم، سراعا إلى وطنهم، فلن أتحدث عن خيبتهم أنا.. ولكن ليحاول أي واحد منكم أن يسأل عن ظروف التصنيع أو ظروف الاتجار..
في سورية الجديدة كل شيء ميسر للمستثمرين، والمستثمر من عليائه يبحث عن مستهلكين، ويريد لقمته ناعمة ساخنة طرية، ولو بزلا من وريد وطن مدنف…
المستثمر يغلق مائة ورشة، ويبني مصنعا..
المستثمر يفتتح "سوبر ماركت" ويغلق خمس مائة دكان، ويقطع رزق المدكنين!!
يفرح الساذج يقول لك: هو سيحولهم في سوقه إلى أجراء!! هل تعرفون صاحب سوق يشغل في سوقه أبناء الستين والسبعين!!
فندق بخمس أو أربع نجوم والغرف بالمئين.. وتغلق الفنادق في المرجة وفي باب النصر ولليلة بليرتين…
كنا ننام عندما انضطر في دمشق والليلة بليرتين!!
عشت في فرنسة بعض عام من 1966 ورأيت عجائز رجالا ونساء يأكلون من الحاويات..
ونحن كان عندنا في حلب حاويات.. ولكن لم أر مرة أيدي، تمتد إليها بحثا عن لقمة أو بعض رغبف…
دعوا البلاد لأهلها يقومون عليها، ويقوّمون ما اعوج من أمرها..المستثمرون مثل النحل يمتصون رحيق البلدان، ويصنعون أقراص العسل في خزائنهم…
أوردها سعد وسعد مشتمل
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
نحن السوريين فيما تيقنا، قدها وقدود…!! نعم والله أليّة غير غموس: قدها وقدود…
وإذا كان بلد يحتاج إلى مستثمرين فعندنا منهم الكثير، بأفكارنا وأموالنا… فكفوا أو فعفوا…
ونطالب بالحماية من تغول المستثمرين في وطننا…نعم من تغول المستثمرين، وثالثة من تغول المستثمرين، ومن مظلة قوانين تمكنهم من أموالنا ومن ر
حدثني أبي عن جدي عن جده:
العب وحدك بتجي راضي..
زهير سالم
مواطن سوري… لا يكتب باسم أحد….
الخميس 30/10/2025