الرئيسة \  تقارير  \  حماية البيئة .. بين الكونجرس والمحكمة العليا

حماية البيئة .. بين الكونجرس والمحكمة العليا

04.07.2023
جيم ميرفي



حماية البيئة .. بين الكونجرس والمحكمة العليا
جيم ميرفي
الاتحاد
الاثنين 3/7/2023
في عام 1965، أخبر الرئيس ليندون جونسون غرفةً مليئةً بالحكام ومسؤولي الولايات أنه يجد أن النهر القذر الذي يتدفق على بعد ميل من مبنى الكابيتول مشيناً. والآن أصبح نهر بوتوماك أكثر نظافة، وذلك بفضل قانون المياه النظيفة لعام 1972.
وهذه الصفة التي استخدمها جونسون هي بمثابة وصف مناسب اليوم لإخفاقات المحكمة العليا والكونجرس في حماية الممرات المائية في البلاد. بعد نصف قرن من أعمال التجديد المضنية بموجب قانون المياه النظيفة، أصبحت الممرات المائية والأراضي الرطبة في جميع أنحاء البلاد معرضةً مرة أخرى لخطر التلوث والدمار التام؛ نتيجة قرار أصدرته المحكمة العليا مؤخراً.
وتفسر وكالة حماية البيئة منذ فترة طويلة قانون المياه النظيفة على أنه يحمي معظم الأراضي الرطبة في البلاد من التلوث. لكن ها هي المحكمة قد ضيّقت نطاق القانون بشكل كبير، وخلصت إلى أنه يمنع الوكالة من تنظيم تصريفات التلوث في الأراضي الرطبة ما لم يكن لديها “اتصال سطحي مستمر” بالمسطحات المائية التي وصفتها المحكمة بالجداول والمحيطات والأنهار والبحيرات. ولذا فربما تَفقد نصفُ الأراضي الرطبة في البلاد على الأقل الحمايةَ بموجب هذا الحكم، والذي يقدم تعريفاً لـ”المياه المحمية” أضيق من التعريف الذي سعت إليه إدارة ترامب.
أقر القاضي بريت كافانو، الذي قدم رأياً مؤيداً في الحكم، بتأثيره، وكتب أنه سيكون له “تداعيات كبيرة على جودة المياه والسيطرة على الفيضانات في جميع أنحاء الولايات المتحدة”. إنها أحدث علامة على أن العديد من صانعي القرار في واشنطن ليسوا على دراية بالحالة الهشة المتزايدة للأنظمة الطبيعية التي توفر مياه الشرب والحماية من الفيضانات والموئل المهم للأشخاص والحياة البرية في كل ولاية.
في مارس الماضي انضم مجلس الشيوخ إلى مجلس النواب في محاولة التراجع عن لوائح المياه النظيفة التي وضعتها إدارة بايدن، على الرغم من أنها كانت أقل شمولاً من إجراءات الحماية بموجب قانون المياه النظيفة قبل أن يضعفها الرئيس ترامب. وقد استخدم الرئيس بايدن حق النقض ضد هذا الإجراء. كما فشل الكونجرس لفترة طويلة في توضيح الصياغة في قانون المياه النظيفة التي تسببت في حدوث ارتباك بين القضاة ووضعت القانون في مرمى المحكمة العليا.
الأمر متروك الآن للكونجرس للدفاع عن رؤية قانون المياه النظيفة، الذي صاغه السناتور هوارد بيكر، وهو “جمهوري” من ولاية تينيسي، في عام 1972، خلال مناظرة في قاعة مجلس الشيوخ. قال بيكر: “بينما كنتُ أتحدث مع الآلاف من سكان تينيسي، وجدتُ أن نوع البيئة الطبيعية التي نورثها لأطفالنا وأحفادنا لها أهمية قصوى. وإذا لم نتمكن من السباحة في بحيراتنا وأنهارنا، وإذا لم نتمكن من تنفس الهواء الذي منحنا إياه الله، فما هي وسائل الراحة الأخرى التي يمكن أن توفرها لنا الحياة؟”. حتى الآن لم نتمكن من جعل هذه الرؤية حقيقة واقعية. وعلى الرغم من أن الأمة قد قطعت شوطاً طويلاً، فإن ما يقرب من 50% من أنهار وجداول وبحيرات البلاد ما تزال تعتبر “معطلة”، وفقاً للتقارير التي قدمتها الولايات إلى وكالة حماية البيئة، والتي تمت مراجعتها العام الماضي من قبل مشروع حماية البيئة. هذا ليس وقت التراجع.
هل سيصعد الكونجرس ويزيل الضرر الذي أحدثته المحكمة من خلال مراجعة القانون لتحقيق هدفه المعلن المتمثل في “استعادة والحفاظ على السلامة الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية لمياه الأمة”؟ هل سيبحث القوانين التي تواجه تحديات قانونية لمعالجة القضايا المحتملة؟ أم سيستمر المشرعون في السماح لما وصفته القاضي إيلينا كاجان بـ”تنصيب المحكمة نفسها كصانع قرار وطني بشأن السياسة البيئية”؟ إن الإجراءات الحمائية التي تضعفها المحكمة أمر حيوي. إنها مسألة علمية بسيطة. تتدفق المياه إلى أسفل المنحدرات، ولا يمكنك حماية الأنهار والبحيرات والجداول الرئيسية ما لم تحمي أيضاً منابعها التي تغذيها. وغالباً ما تكون هذه المنابع عبارة عن أراضٍ رطبة وجداول صغيرة. يجب علينا حماية النظام بأكمله لحماية مجتمعات المصب والبيئة. لقد تم وضع إعفاءات طويلة الأمد لأنشطة الزراعة وتربية المواشي الروتينية مثل الحرث والحصاد وصيانة الخنادق والبرك والطرق الزراعية.
واستثنى القانون والقواعد المطبقة له التلوث من مياه الصرف الزراعي وكذلك من أحواض التخزين والأراضي الرطبة المروية. وعلى النقيض من ذلك، فإن قانون المياه النظيفة الضعيف يمثل تهديداً للزراعة والمصالح التجارية الأخرى. إذ تعتمد الزراعة على إمدادات مياه مستقرة وغير سامة والحماية من تهديدات الفيضانات. إن إزالة إجراءات الحماية الأساسية لإمدادات الري وفتح الأراضي الرطبة التي تمتص الفيضانات أمام التنمية يضر بالمزارعين.
وعلاوة على ذلك، ومع التهديدات المزدوجة المتمثلة في زيادة تقلبات الطقس والتنمية فائقة السرعة، فقد أصبحت الأمة بالفعل مغمورة في عصر الجفاف المتزايد والفيضانات الشديدة، والتي تفاقمت بسبب فقدان الأراضي الرطبة. يواصل الأميركيون إبداء دعم ساحق لوضع إجراءات حماية قوية للمياه النظيفة. وقد أظهر استطلاع وطني العامَ الماضي أن أكثر من أربعة من كل خمسةِ بالغين يريدون أن تقوم وكالة حماية البيئة بأخذ زمام المبادرة لحماية المياه النظيفة.
لم يكن قرار المحكمة العليا المرة الأولى التي تقلل فيها هذه المحكمة العليا من سلطة الحكومة لحماية البيئة. في الصيف الماضي، قامت المحكمة بالحد من سلطة وكالة حماية البيئة بموجب قانون الهواء النظيف، وهو قانون تاريخي آخر، لتنظيم انبعاثات الكربون من محطات الطاقة. يحتاج الكونجرس للاستماع إلى الشعب الأميركي وإلى صوت العلم. يجب على المشرعين أن يتذكروا ما رآه الرئيس جونسون في ذلك اليوم وهو يحدق في نهر بوتوماك الملوث. إنهم بحاجة إلى منع تراجع المحكمة العليا عن حماية البيئة.
جيم ميرفي*
*مدير الدعم القانوني للاتحاد الوطني للحياة البرية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة “نيويورك تايمز”