الرئيسة \
تقارير \ تصاعد التوتر شمال شرقي سوريا… معركة مرتقبة أم جولة ضغط جديدة؟
تصاعد التوتر شمال شرقي سوريا… معركة مرتقبة أم جولة ضغط جديدة؟
30.09.2025
مصطفى رستم
تصاعد التوتر شمال شرقي سوريا… معركة مرتقبة أم جولة ضغط جديدة؟
مصطفى رستم
اندبندنت عربية
الاثنين 29/9/2025
يأتي هذا التحرك للقوات الحكومية بعد ورود معلومات عن امتلاك "قسد" لطائرات مسيّرة انتحارية وراجمات صواريخ ومدافع بعيدة المدى متمركزة في معمل السكر، وذكرت مصادر ميدانية خلال حديث خاص إغلاق معبر دير حافر، في ريف حلب الشرقي على أوتوستراد (الرقة ـ حلب) الواصل بينها ومناطق سيطرة "قسد".
مع عودة الرئيس السوري أحمد الشرع من نيويورك بعد حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلقاء خطاب وصف بـ"التاريخي" دعا إلى سوريا جديدة موحدة عاد معه ملف شمال شرقي البلاد للواجهة، فالتوتر الآخذ بالتصاعد من جهة المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بات يشي بتطور مرتقب.
الريف الشرقي
وشهدت مدينة حلب، شمال البلاد إعادة افتتاح قلعتها للزوار وسط حفل فني ترقب السوريون معه حضور رئيسهم الافتتاح الرسمي، لكن بعكس كل تلك التوقعات عقد الشرع في مبنى المحافظة اجتماعات عاجلة ضمت قيادات حكومية وعسكرية مع قادة فرق حربية منتشرة على خطوط التماس بين المناطق الحكومية من جهة ومناطق نفوذ الإدارة الذاتية الكردية من جهة أخرى.
وبالتوازي مع ما يشهده ريف حلب الشرقي من توترات، ولا سيما بلدة دير حافر التي خضعت لسيطرة "قسد" منذ الأيام الأولى لسقوط النظام في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، وردت معلومات عن تحرك أرتال للجيش التركي وتحليق طيران مروحي في مطار كويرس، واستهداف الجيش السوري مواقع لـ"قسد" على محور سد تشرين برمايات بالمدفعية.
دخول تركيا
في غضون ذلك لا يعتقد الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية فراس بورزان خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" بأن نتائج زيارة الشرع إلى نيويورك لها علاقة مباشرة بالتصعيد المحتمل تجاه "قسد"، فالعلاقة شهدت توتراً سابقاً على الزيارة مرتبطاً بتنفيذ اتفاق مارس (آذار) الماضي، ترافق مع تحشيد عسكري وتلميح الحكومة إلى مواعيد نهائية في إشارة لإمكان اللجوء إلى الحسم العسكري لكسر جمود المسار التفاوضي، ولا شك في أن النتائج الإيجابية للزيارة ستزيد من منسوب الثقة بدمشق كي تمارس ضغوطاً على نحو أكبر.
ولم يستبعد بورزان "دخول تركيا في عمل عسكري بالنظر إلى مخرجات لقاء ترمب – أردوغان الأخير، وتصريحات السفير الأميركي لدى أنقرة، والتي سبقتها تغييرات متصلة بالوجود العسكري الأميركي في العراق وسوريا، أما توقيت التدخل العسكري فغالباً لن يحصل قبل نهاية العام، وبعد استنفاد كل المهل للمسار التفاوضي مع ’قسد‘".
ويقرأ بورزان المشهد في ظل إعادة تموضع استراتيجية تقوم بها تركيا من جهة الانسحاب الأميركي من العراق (بالتبعية من سوريا) وانكفاء إيران الذي يخلق فراغاً يعتقد معه بمواصلة السعي التركي إلى ملئه أمنياً واستراتيجياً من دون تورط عميق في قضايا المنطقة، وقال "ومن جهة أخرى التصعيد المتدحرج في العلاقة الغربية مع روسيا يزيد من القيمة الجيوسياسية لتركيا بالنسبة إلى الغرب".
ومن الواضح أن صبر أنقرة على وشك النفاد من مماطلة "قسد" في الاندماج وفقاً لاتفاق مارس الماضي الموقع بين الشرع ومظلوم عبدي في دمشق، وتفرض "قسد" نفوذها على منطقة شمال شرقي سوريا الإدارة الذاتية مع وحدات حماية الشعب الكردية، وتتحكم بمصادر ومنابع الثروات البترولية والغذائية، مما يزعج أنقرة ودمشق على حد سواء.
أما تركيا، فتدفع باتجاه دمج "قسد" مع الجيش السوري الجديد، ويتوقع مراقبون أنه مع الفشل في تنفيذ الاتفاق فإنها لا تملك سوى خيار العمل العسكري، وهي الفرصة التاريخية لاستكمال المنطقة العازلة وإنهاء التهديدات على حدودها الجنوبية، بعد حرب طويلة الأمد امتدت منذ ثمانينيات القرن الماضي وجهاً لوجه مع "حزب العمال الكردستاني".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ركز خلال تصريح سابق على ضرورة الدمج، وأشار إلى تشكيل لجنة من تركيا وسوريا والعراق والولايات المتحدة لمناقشة مصير معتقلي تنظيم "داعش" في معسكرات الاعتقال شمال شرقي البلاد التي تديرها "قسد" منذ مارس عام 2019، حين سقط آخر معاقل التنظيم في بلدة الباغوز بالريف الشرقي لمحافظة دير الزور.
و"قسد" هي تحالف متعدد الأعراق والأديان الكردية والعربية والآشورية والسريانية والتركمانية والأرمينية والشركسية وغيرها، إذ تشكل نسبة العرب 60 في المئة وفق "البنتاغون"، لكن مصادر أخرى ترى أن نسبتهم أقل، في حين يعيش العرب نزاعاً مع المكون الكردي بسبب هيمنة وحدات الشعب الكردية على قيادة القوات والمنطقة، وتأسست في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015 للوقوف في وجه تنظيم "داعش" بدعم من قوات التحالف الدولية.
إزاء ذلك لا تزال نقطة الخلاف بين دمشق و"قسد" تتمثل في مستقبل العلاقة بينها والجيش السوري الجديد، ومستقبل الإدارة الذاتية وطبيعة النظام السياسي في ما إذا كان مركزياً أو لا مركزياً. وكشفت الرئيسة المشتركة للعلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا إلهام أحمد عن مقترح تولي قائد "قسد" مظلوم عبدي أو أحد ضباط "قسد" منصب وزير الدفاع أو رئيس الأركان.
ومع كل ما يدور من أجواء ساخنة، يتوقع المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك تشكيل حكومة سورية مركزية وشاملة قبل نهاية العام الحالي، ستضمن حقوق جميع المكونات والأقليات مع دعم أميركي للأكراد وباقي المكونات، وألمح إلى أن "الفيدرالية ليست حلاً مناسباً للأزمة السورية".
استعراض قوة
من جانبه تحدث "المرصد السوري لحقوق الإنسان" عن اجتماعات عقدت في محافظة حلب ضمت قيادات من الحكومة السورية الانتقالية وقيادات من فصائل الجيش الوطني أفضت إلى إرسال فرق عسكرية وصفت بـ"الاستعراضية" مزودة بآليات وأسلحة ثقيلة، من بينها دبابات ومدافع بهدف منع أي عمل عسكري محتمل من قبل "قسد" على محاور ريف حلب الشرقي.
ويأتي هذا التحرك للقوات الحكومية بعد ورود معلومات عن امتلاك "قسد" لطائرات مسيّرة انتحارية وراجمات صواريخ ومدافع بعيدة المدى متمركزة في معمل السكر، وذكرت مصادر ميدانية في حديث خاص إغلاق معبر دير حافر في ريف حلب الشرقي على أوتوستراد (الرقة ـ حلب) الواصل بينها ومناطق سيطرة "قسد".
وفي سياق آخر لقي أربعة عناصر من "قوات سوريا الديمقراطية" مصرعهم بهجوم مسلح جديد نفذه مسلحون مجهولون، هاجموا بالأسلحة الرشاشة موقعاً عسكرياً لهم في مقر البلدية ببلدة أبريهة في ريف دير الزور الشرقي، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الطرفين ومقتل أحد المهاجمين، وفي السياق ذاته هاجم مسلحون بالأسلحة الرشاشة سيارة عسكرية لـ"قسد" في بلدة محيميدة، مما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر بجروح. وألقى مهاجمون في حادثة منفصلة قنبلة يدوية على بلدة أبو حمام في ريف دير الزور الشرقي من دون تسجيل إصابات.