الرئيسة \
تقارير \ العشائر العربية في السويداء: تاريخها وعلاقتها مع المكون الدرزي
العشائر العربية في السويداء: تاريخها وعلاقتها مع المكون الدرزي
19.07.2025
عبسي سميسم
العشائر العربية في السويداء: تاريخها وعلاقتها مع المكون الدرزي
عبسي سميسم
العربي الجديد
الخميس 17/7/2025
شكلت الأحداث الدامية الأخيرة التي طرأت على محافظة السويداء جنوبي سورية خلال اليومين الماضيين تهديداً حقيقياً للسلم الأهلي بين عشائر البدو السورية في المحافظة والمكوّن السوري الدرزي بعد سقوط عشرات الضحايا من الجانبين، في واحدة من أسوأ حالات العنف والاقتتال المناطقي والطائفي منذ سنوات.
ووفق الباحث في مجال العشائر العربية، أحمد أبو نجد، ينتمي البدو في السويداء إلى قبائل عربية عديدة أبرزها زبيد، كما ينتسب آخرون إلى عنزة وبني خالد والفواعرة. ويوضح أن وجود هذه العشائر في الجبل قديم جداً، ويعود لمئات السنين ويقال إنّ تسمية جبل العرب جاءت نسبة لهذه العشائر العربية.
ولا تتوفر إحصائية دقيقة ورسمية لعدد سكان العشائر في السويداء، لكن أبو نجد تحدث عن تقديرات تشير لوجود حوالى 250 ألف نسمة من أبناء العشائر العربية في السويداء ومحيطها، ويشكلون حوالى ثلث سكان المحافظة، وفق تقديراته. ويضيف أبو نجد لـ"العربي الجديد" أنه منذ سنوات طويلة عاشت هذه العشائر بجوار المجتمع الدرزي، ويرتبط الجانبان بعلاقات اجتماعية واقتصادية قائمة على التجارة والزراعة والمصاهرة، مع فوارق نمطية في أسلوب العيش، إذ استقر الدروز في القرى، بينما حافظ البدو لفترات على نمط الترحال قبل أن تستقر هذه العشائر بمعظمها منذ منتصف القرن العشرين.
ولم تخلُ العلاقة بين المكونين خلال هذه السنوات من التوتر بسبب خلافات حول المراعي أو قضايا جنائية فردية تحولت أحياناً إلى خلافات جماعية. ويوضح أن أحداث عام 2000 التي شهدتها السويداء من صدامات حادة ما بين البدو والدروز، التي تطورت إلى معارك متفرقة أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، أثرت كثيراً على العلاقة بينهما لسنوات طويلة.
ورغم هذه التباينات، لم تصل العلاقة إلى صدامات طائفية شاملة، بفضل وجهاء العشائر وقيادات المجتمع المدني في السويداء، الذين كانوا يسارعون إلى احتوائها. ويُتهم النظام السابق باستخدام العشائر العربية في السويداء ورقةَ ضغط في وجه المجتمع الدرزي، من خلال دعم بعض شيوخ العشائر بامتيازات أمنية وحتى توظيف بعضهم بمهام استخباراتية، وتجنيدهم لصالحه في المحافظة، وتأجيج الأوضاع بين فترة وأخرى وسيلةً للسيطرة لا سيّما بعد انطلاق الثورة السورية في 2011.
كما ساهمت عمليات الخطف المتكرّرة في المنطقة، التي كانت تجري من عصابات اتّجار بالبشر ومليشيات مدعومة من النظام السابق من الطرفين في تأجيج علاقات الدروز والعشائر الموجودة في المنطقة، كما استخدم النظام أفراداً من عشائر البدو في تجارة المخدرات التي تعبر خطوط تجارتها من مناطقهم. وشكلت التوترات بين المكونين الدرزي والبدوي في مرات عديدة تهديداً بحرب شاملة بين الطرفَين وكانت تنتهي في معظم الأحيان بتدخل وجهاء من الطرفين.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد عادت الخلافات للتصاعد بين عشائر البدو وجيرانهم بسبب غياب الدولة عن المحافظة، وانتشار السلاح بين أيدي جميع الأطراف، ووجود مليشيات مسلحة لدى الطرفين، الأمر الذي كان يؤدي إلى اشتباكات واعتداءات بينهما بسبب خلافات فردية كانت تتطور إلى مواجهات جماعية تؤدي أحياناً لقطع الطرقات بين الجانبَين.
ويوم السبت الفائت، اندلعت اشتباكات مسلحة واسعة بين العشائر البدوية والفصائل الدرزية المسلحة في حي المقوس بمدينة السويداء وتوسعت إلى قرى ومناطق أخرى بالمحافظة سقط فيها عشرات الضحايا وخُطف مدنيون من منازلهم، وتدخلت بعدها قوات الجيش السوري بهدف فكّ الاشتباك وفق ما أعلنت