الرئيسة \  تقارير  \  "السلام بالقوة"... عقيدة نتنياهو تعرقل المفاوضات مع سوريا

"السلام بالقوة"... عقيدة نتنياهو تعرقل المفاوضات مع سوريا

10.09.2025
حايد حايد



"السلام بالقوة"... عقيدة نتنياهو تعرقل المفاوضات مع سوريا
حايد حايد
المجلة
الثلاثاء 9/9/2025
في الشهر الماضي، بدت المفاوضات السورية-الإسرائيلية أقرب ما تكون إلى تحقيق تقدم ملموس. فبعد أشهر من المحادثات السرية، أعلنت السلطات الانتقالية السورية رسميا عقد أول اجتماع مباشر ورفيع المستوى مع مسؤولين إسرائيليين في باريس. وشارك الوفد السوري، برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني، في محادثات مع الجانب الإسرائيلي بوساطة أميركية هدفت إلى بحث إمكانية التوصل إلى ترتيب أمني يخفف حدة التوتر.
وقد عكست طبيعة هذه المحادثات غير المسبوقة في الذاكرة الحديثة وجود زخم يدفع المسار إلى الأمام، وسرعان ما ظهرت تكهنات بإمكانية إبرام اتفاق قبل الخطاب المرتقب للرئيس المؤقت أحمد الشرع أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر سبتمبر/أيلول. غير أن فرص تحقيق اختراق حقيقي أخذت تتراجع تدريجيا، بعد أن بدلت العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة داخل سوريا مسار التوقعات، وأسفرت عن مقتل عدد من عناصر الجيش السوري. ورغم أن البعض اعتبر هذا التصعيد تراجعا مفاجئا، فإنه لم يكن مستبعدا تماما.
لقد أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الدوام أن السلام الإقليمي لا يتحقق إلا بالقوة. وفي هذا السياق، جاء تصعيد العدوان الإسرائيلي الأخير ليؤكد ثبات هذه العقيدة وليس الانحراف عنها. إن الإصرار على اتباع نهج "السلام بالقوة"، من دون مبررات حقيقية، يقوض فرص التوصل إلى سلام.
استراتيجية "تصفير المشاكل" السورية
منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، اتبعت الحكومة الانتقالية السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع نهجا مختلفا بوضوح في الدبلوماسية الإقليمية. فقد أوضح الشرع أن سوريا "لا تشكل تهديدا لأحد"، وأن حكومته لن تسعى إلى مواجهة مع إسرائيل، بل ستركز جهودها على الحوار والسيادة والرقابة الدولية لا على الحرب.
وقد أتاح هذا التحول سلسلة من المحادثات المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل، بوساطة دول عدة منها أذربيجان والولايات المتحدة، وتوجت في باريس عندما جلس وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وجها لوجه مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، في لقاء غير مسبوق أقرت به دمشق علنا.
وعبرت سوريا، بقيادة الشرع، عن موقفها التفاوضي بوضوح. فالأولوية بالنسبة لدمشق هي استعادة وحدة أراضيها ومنع التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية. ورفض الشرع صراحة نموذج اتفاقيات إبراهام، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية دون معالجة الخلافات الجوهرية. وقال: "الوضع السوري مختلف. لدينا أراض محتلة في مرتفعات الجولان."
ويرى الشرع أن الهدف الحالي هو التوصل إلى اتفاق يعيد إحياء المبادئ الأساسية لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974، وهو اتفاق يقوم على إجراءات لبناء الثقة بين الجانبين وترسيخ الاستقرار في جنوب سوريا. ويؤكد أنه عندها فقط يمكن دفع المفاوضات نحو تسوية أشمل تعالج احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان.