التحليل السياسي على قواعد أهل الجفر…
وقد كان الجفر مرجعَ القوم قبل أن يتعلموا التنجيم بالأبراج، وقراءة الفنجان..
والجفر دعوى كلها كذب افتراها الرافضة فألحقت بسيدتنا فاطمة بما يقال له مصحفها، وسيدنا علي بما يقال له صحيفته الجفرية لا الحقيقية..!!
ومن معاني الجفر في لغة العرب، جلد ابن المعزى أو الشاة، إذا بلغ أربعة أشهر وسمن واستكرش..
ولكن لما ضاق جلد هذا الحيوان الصغير عن كذب الروافض وافترائهم وافتراء من يدانيهم، زعموا أن الجفر الذي توارثه أئمة أهل البيت، وأهل البيت من إفكهم برآء، زعمو أن الجفر الذي كان عند سيدنا علي رضي الله عنه؛ كان جلد ثور أقرن عظيم، كُتب فيه ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة، من أمور الدنيا والآخرة!!
أما مصحف فاطمة - رضي الله عن سيدتنا فاطمة- فهو على قول أمثلهم طريقة، هو مصحف غير مضاه لكتاب الله، بل فيه علم ما كان وما يكون أيضا..
ذلك أن ادعاءات الزرداشتية المجوسية أو الثنوية أو المزدكية.. تحتاج إلى قواعد من معرفة الغيب، وامتلاك كأس جمشيد، وما إليها من الأسباب..
لعلك مرّ بك الحديث عن"جام جم" يرمزون به في أساطيرهم إلى جام صحن أو كأس ملكهم جمشيد، ينظر فيه فيرى ما يدور في أطراف الأرض..
شططتُ بكم سامحوني، والكلامُ يجر الكلامَ، والفكرة تقتضي أختها..
وأعود بكم إلى خرافة الجفر التي هي واحدة من خرافات الرافضة الكثيرة المتناسلة بالا نشطار أو بالانقسام.،
فهم باعتقادهم بعصمة الأفراد أو بتفوق الرجل السوبرمان على طريقة أصدقائنا الألمان: عن "فاوست" يجعلون دينا كلما ما بدا لهم أو دس عليهم فاستحسنوه على فساد عقل وذوق..
أعود إليكم عن خرافة الجفر…
خرافة رافضية انتشرت منذ القرن الأول أو الثاني الهجري، زعمت أن سيدنا عليا رضي الله عنه، ورث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد ثور كــُتب فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة!!
وانتشرت الفكرة بين هوام الناس من سنة وشيعة على السواء..
يُضرب على عقول الناس وعلى أسماعهم وأبصارهم، فيميلون حيثما يميل بهم الهوى- يا عيني- فتراهم لا يتفكرون ولا يتدبرون ولا يسمعون ولا يبصرون..
وانتشرت عقيدة الجفر تؤكد ، أن هناك مخصوصين معصومين من أئمة أهل البيت، منقوشة أسماؤهم على قوائم عرش الرحمن، يعلمون ما كان وما سيكون..إلى يوم القيامة، علم سرمدي أزلي أبدي…
لم يلجم جهل الجهال قول الله سبحانه وتعالى
﴿ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
قول صريح واضح فصل حاسم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، ولكن هذا لا يمنع هذا الطغام من الناس أن يصدقوا، أن هذا النبي الذي يؤمر أن يصرح أنه لا يعلم الغيب، سيوّرث علم ما كان وما سيكون لعلي- ولبعض بنيه- بل يذهب الغي ببعضهم فيقرر أن فاطمة أفضل من أبيها، وأن الحسين مقدم على أخيه وأبيه وأمه وجده..
شاعت عقيدة الجفر، كما شاع غيرها من اعتقادات الشيعة، بين جميع المسلمين.
وكنت في حلب صبيا مميزا أسمع من حولي من العامة يتداولون علم الجفر، ويتباهون في مجالسهم بصلتهم بمن ورثوه، ويأخذون قرارتهم في الدين والعلم والسياسة والاقتصاد والاجتماع، ويصدقون أن لهذا الجفر المخزون المكنون له رأي في زواج بهية من بهي… فيستشيرونه وينزلون على أمره…
حتى صرت ترى علماء الإسلام الحقيقيين يتعاقبون على مناقشة هذه العقيدة، وإنكارها ورفضها ونسفها، وأن يفتحوا لها فصولا في كتبهم بدأ من أواخر القرن الثاني الهجري حتى القرن العاشر أو الحادي عشر..
يرفضها المحدثون والفقهاء والأصوليون والمتكلمون وأهل المعرفة من العارفين، ولا يقبلها من أهل السنة إلا بعض طغام ممن يدعون التصوف الكذوب..
علماء كثر اشتغلوا على نسف عقيدة الجفر.. جملة وتفصيلا، واحتفلوا كثيرا لنسفها، ولاجتثاها ربما الفخر الرازي أبدع، ولكنه لم يصل إلى ما قرره ابن خلدون رحمه الله تعالى في القرن الثامن الهجري فتأمل!!
عقيدة باطلة فاسدة، بل خرافة أو أسطورة لا أصل ولا فصل، يضطر عالم وفيلسوف ومقدم مثل ابن خلدون، أن يحاربها ويفندها حرمة للدين واحتراما للعقل..
يرفض عقيدة الجفر اعتمادا على أربع قواعد: وقوفا عند النص الشرعي- واحتراما لمقتضى العقل، واعتبارا بحركة التاريخ.. ولعلي نسيت الركيزة الرابعة من مقدمته فهذا علم في ذاكرتي الواهنة منذ عقود، ومن كان مهتما فليراجع..
أوجعتُ رؤوسَكم، وما كان ينبغي لي، وإنما أردت أن أقول لكم لا تقبلوا من أحد تحليلا سياسيا على طريقة أهل الجفر…ولا لقوم يصدرون فيما زعموا عن الجفر…
وردوا على من يحدثكم مثلا على طريقة أهل الجفر.. عن عام أو عن شهر أو عن يوم أو عن غد
اعتبروا بقوله تعالى في مطلع سورة الروم
"وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ.."
يا عزيزنا البصار.. البراج
الله سبحانه وتعالى وهو الذي يعلم السر وأخفى بشرهم فقال: في بضع سنين..
ولم يقل الساعة السابعة وسبع دقائق…وهو القادر على القول العليم به..
ليس واقعة، وليست زلة، ولكننا ابتلينا بما ترون وما تسمعون..
إنا لله وإنا إليه راجعون
زهير سالم
الثلاثاء 2/12/2025