الرئيسة \
تقارير \ الاستثمار في سوريا : كيف تتوزع الرساميل بين الداخل والخارج؟
الاستثمار في سوريا : كيف تتوزع الرساميل بين الداخل والخارج؟
25.06.2025
رهام علي
الاستثمار في سوريا : كيف تتوزع الرساميل بين الداخل والخارج؟
دمشق - رهام علي
المدن
الثلاثاء 24/6/2025
بعد سقوط النظام في سوريا، لم تُفتح أبواب السياسة فحسب، بل برزت أيضاً أسئلة جوهرية حيال مستقبل الاقتصاد. وفي خضم هذه المرحلة الانتقالية، تُعاد صياغة الخريطة الاستثمارية للبلاد، وسط تباين واضح بين خطاب الدولة، وحذر المستثمر، وواقعية الخبراء. فهل بدأت فعلاً معركة استعادة الثقة؟
خريطة استثمارية جديدة
في هذا السياق، يكشف مدير هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية، في تصريح لـ"المدن"، أن خريطة الاستثمار لعام 2025 تنسجم مع توجه الحكومة الجديد في ربط المشاريع باحتياجات الوزارات القطاعية، بما يضمن طرح فرص مدروسة ذات جدوى اقتصادية حقيقية.
ولضمان جدية التنفيذ، يشير حموية إلى اعتماد آلية متابعة تشمل تأمين مستلزمات الإنتاج أو شراء المنتج النهائي من قبل الوزارات المعنية، إضافة إلى فرض مبلغ ضمان يُعرف بـ"حسن التمكين"، يُسترد بعد التحقق من التزام المستثمر بتنفيذ المشروع.
وفي ما يتعلق بالتسهيلات، يؤكد حموية وجود تحسن ملحوظ في بيئة الاستثمار، يشمل إعفاءات ضريبية على الصادرات، وتبسيط الإجراءات الإدارية، فضلاً عن تسهيل حركة المستثمرين وفضّ النزاعات عبر تحكيم تجاري مستقل. كما يشير إلى دور كل من وزارات الخدمات وبيئة الأعمال.
أما بشأن أولويات الاستثمار، فيؤكد مدير الهيئة أن "إعادة الإعمار ومشاريع البنية التحتية" تتصدر المشهد حالياً، على أن تتبعها قطاعات أخرى ضمن خارطة متكاملة تتماشى مع واقع البلاد واحتياجاتها التنموية.
بيئة مؤهلة للإنتاج والتصدير
من جانبه، يرى رئيس المنتدى الاقتصادي السوري المهندس عماد غريواتي في تصريح لـ"المدن"، أن إعداد خريطة استثمارية متكاملة في سوريا يتطلب مراعاة الخصائص الزراعية والموقع الجغرافي الحيوي للبلاد، والصناعات التي يمكن أن تتميز بها سوريا سواء تلك العريقة أو الحديثة، نظراً لوجود مهارات بشرية ذات تعليم عالٍ، ما يسمح بتحويل سوريا إلى منصة إنتاج وتصدير إقليمية.
ويضيف غريواتي أن تنمية القطاعات الزراعية والصناعات الغذائية المرتبطة بها تمثل ركيزة أساسية للاستثمار، نظراً لتنوع المناخ والتربة وتوفر الأيدي العاملة. كما أن الانفتاح التدريجي على الأسواق الخارجية يستوجب تحفيز الاستثمارات في قطاعات النقل، والتغليف، والخدمات اللوجستية، لتأمين وصول المنتجات السورية إلى الأسواق العالمية بجودة وتنافسية عالية.
كذلك يؤكد غريواتي على أهمية التوازن بين احتياجات التنمية الريفية والفرص الصناعية في المدن الكبرى، وتوزيع المحفزات على المدن بما يجعلها وجهة استثمارية رابحة، مع التركيز على خلق فرص عمل مستدامة وتعزيز القيمة المضافة محلياً.
المغتربون يبدون رغبة بالاستثمار
وفي إطار مساعي استعادة ثقة المستثمر السوري في الداخل والخارج، نشرت شركة "إندكيترز كونسلتنغ"، ومقرها دبي، تقريراً تحليلياً بعنوان "تطلعات السوريين حول مستقبل الأعمال والاستثمار"، قدمت فيه مؤشراً لقياس ثقة المستثمر في ظل تفاؤل حذر تجاه المستقبل.
وفي تصريح لـ"المدن"، يوضح رائد الأعمال السوري ومؤسس الشركة سامي إسماعيل، أن الهدف من المؤشر هو قياس المزاج الاقتصادي لدى السوريين في الداخل والخارج في ضوء التحولات السياسية. ويؤكد أن "المعنويات المرتفعة" تُعد عاملاً حاسماً في توجهات الاستثمار، مشيراً إلى أن 79.3 في المئة من السوريين في الخارج و77.5 في المئة في الداخل أبدوا نيتهم في إطلاق مشاريع استثمارية خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويضيف أن أهم المتطلبات التي أشار إليها المشاركون لتحفيز الاستثمار تمثلت في الاستقرار الأمني (16 في المئة)، ووجود قضاء فعّال (13.8 في المئة)، إلى جانب تسهيلات مالية، وضمانات واضحة، وبيئة قانونية مستقرة.
كذلك، يكشف إسماعيل أن 61.8 في المئة من السوريين في الخارج و46.2 في المئة في الداخل عبّروا عن ثقتهم بقدرة الحكومة الانتقالية على تحسين البيئة الاستثمارية، ما يعكس تفاوتاً ناتجاً عن اختلاف الواقع المعيشي.
ويختم بالقول: "المعنويات الإيجابية لا تكفي وحدها؛ فالسلوك الاستثماري لا يزال مشروطاً ببنية قانونية وضمانات فعلية على الأرض، وتشريعات حديثة تواكب طموحات المستثمرين السوريين حول العالم".