الاحتجاجات الإيرانية في عيون السوريين
18.01.2023
د. محمد بكر غبيس
الاحتجاجات الإيرانية في عيون السوريين
د. محمد بكر غبيس
الشرق الاوسط
الثلاثاء 17/1/2023
رئيس منظمة “مواطنون من أجل أميركا آمنة ومأمونة”.
يراقب السوريون في جميع أنحاء العالم الاحتجاجات في إيران بشعور لطالما خالجهم، يمزج بين الأمل والرهبة. نتذكر على الفور الانتفاضة الشجاعة ضد النظام السوري، لكننا نتذكر جلياً القمع الجماعي للمتظاهرين العزل، واستخدام القوات الحكومية العنف المميت الذي وصل إلى حد الإبادة الجماعية.
الهجمات على الإيرانيين المسالمين من الحكومة التي يقودها الملالي في طهران، تعيد إلى الأذهان ذكريات قوية عن نضالنا. ونحن جميعاً، إذ نحمّل نظام الأسد ووحداته الأمنية الوحشية المسؤولية عن الاعتقالات الجماعية والتعذيب والقتل، فقد رأينا أفعاله تحظى دوماً بدعم قوي ونشط من إيران وميليشياتها، بما في ذلك “حزب الله” و”الحرس الثوري” الإيراني.
خلال رحلتي الأخيرة لتقصي الحقائق في شمال سوريا، شاهدتُ الدمار الذي ارتكبه نظام الأسد منذ عقد من الزمان، وسمعتُ عن سيطرة الميليشيات الإيرانية على محيط حلب، وتجنيدهم الشباب السوري، ومواجهتهم المجتمع السوري الأوسع، حتى إن بعض اللقطات أظهرت عدداً قليلاً من الإيرانيين الذين دعموا عمليات الأسد في سوريا يتم القبض عليهم من المتظاهرين في إيران.
إن التحالف بين خامنئي إيران وأسد سوريا هو شهادة على أهدافهما المشتركة، واستعدادهما لاستخدام أكثر الأساليب وحشية، وصولاً إلى هدفهما الواحد.
فالنساء الإيرانيات يقاتلن من أجل التحرر من “شرطة الأخلاق” الإيرانية، تماماً كما تظاهر الشعب السوري من أجل التحرر من ديكتاتورية الأسد. لكن، مرة أخرى، ها هو النظام الإيراني يخمد صرخة أخرى من أجل الحقوق الإنسانية والمدنية الأساسية. فمنذ اليوم الأول، عمل آيات الله على قمع ثورة الإيرانيات لانتزاع حرية التجمهر، وحرية التفكير، وحتى حرية الناس في ارتداء الملابس بالطريقة التي يرغبونها. لقد استندوا في قمعهم إلى مبررات دينية غامضة وملتوية، لكنهم في الواقع عملوا فقط على تعزيز أجندتهم وسلطتهم السياسية. وبالنسبة لي، كل هذا ما هو إلا تذكير بما فعلته إيران في سوريا، وكيف دعمت جيش الإبادة الجماعية لبشار الأسد، الذي أباد عدداً كبيراً من شعبه.
وعندما أشاهد مقاطع فيديو لنساء إيرانيات شجاعات يتظاهرن من أجل الحرية، فإنني أرى النظام الإيراني يدعم الحركات العنيفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط. أراه في لبنان، حيث يسيطر “حزب الله” بشكل أساسي على بلد لطالما كان حياً ومتطوراً، وأراه في العراق، حيث قام بتمويل وتسليح الميليشيات التي تقوّض الدولة، وأراه في اليمن، حيث يدعم المقاتلين الحوثيين ويُديم حرباً مدمرة ومجاعة، وبالطبع، أراه في سوريا، حيث كان بمثابة قوة إضافية لنظام وحشي. ومثلما حدث في مرات كثيرة من قبل، فإن النظام الإيراني يعمل على تقليص حرية شعبه ويعمد إلى الضرب والاعتقال، وحتى قتل أولئك الذين يرفضون الإذعان. إن النظام الإيراني يدعم أي نظام أو قوة تعارض الحقوق الفردية والحكم الذاتي. لقد سئم الشعب الإيراني وتعب من تعمُّد آيات الله حرمانه من الحريات الشخصية وتحويل الدين إلى أداة للقمع.
لقد عشت في الولايات المتحدة لعقدين من الزمان، وتذوقت طعم الحرية، وأعتقد أن الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط يستحقون هذه الحرية أيضاً. ويعلم المتظاهرون في إيران أنهم يستحقون الحق في التجمع والتفكير، وممارسة معتقداتهم الدينية، واختيار من يدير حكومتهم. وبالمثل، فإن الناس في سوريا ولبنان واليمن وغيرها، يدركون ذلك أيضاً. إنهم جميعاً ينتظرون نفس الحقوق والحريات الأساسية، بمنأى عن القمع الإيراني، حتى يتمكنوا من عيش حياتهم كما يحلو لهم.
يجب علينا أن ندعمهم.
* رئيس منظمة “مواطنون من أجل أميركا آمنة ومأمونة”.