الرئيسة \
تقارير \ اعتقال خلية حزب الله في ريف دمشق: رسائل الشرع إلى ترامب
اعتقال خلية حزب الله في ريف دمشق: رسائل الشرع إلى ترامب
15.09.2025
منهل باريش
اعتقال خلية حزب الله في ريف دمشق: رسائل الشرع إلى ترامب
منهل باريش
القدس العربي
الاحد 14/9/2025
يُنظر إلى عملية الاعتقال كإجراء أمني قد يحمل دلالات تطمينية تجاه واشنطن وتل أبيب، في ظل تقارير تشير إلى اتفاق أمني مرتقب بين دمشق وتل أبيب برعاية أمريكية.
في تطور أمني هو الأول من نوعه يبرز ملامح العلاقة غير الودية بين الإدارة السورية الجديدة وحزب الله اللبناني ما بعد سقوط نظام الأسد، تبادل الطرفان الاتهامات حول النشاط الأمني السري للحزب في سوريا ومن خلفه إيران.
وفي رد هو الثاني على اتهامات السلطات في دمشق، نفى “حزب الله”، الخميس، أي انتماء لعناصر يتبعون له جرى اعتقالهم في ريف دمشق الغربي، ردًا على إعلان وزارة الداخلية السورية إلقاء القبض على “خلية إرهابية” تابعة له، كانت تخطط لعمليات داخل الأراضي السورية. وأكد الحزب، في بيان رسمي، أصدرته العلاقات الإعلامية، عدم وجود أي نشاط له على الأراضي السورية، وزاد أنه “حريص كل الحرص على استقرار سوريا وأمن شعبها”.
تفاصيل العملية الأمنية في ريف دمشق
أعلنت السلطات السورية، الخميس، عن نجاح مشترك بين وحدات الأمن الداخلي وجهاز الاستخبارات العامة في تفكيك شبكة إرهابية، يُزعم ارتباطها بميليشيا حزب الله اللبناني، وكانت تتمركز في بلدتي سعسع وكناكر، بريف دمشق الغربي. وأسفرت العملية عن احتجاز خمسة أفراد، ومصادرة ترسانة من الأسلحة الثقيلة والذخائر.
بناءً على تصريحات العميد أحمد الدالاتي، قائد قوى الأمن الداخلي في ريف دمشق، التي نقلتها وسائل إعلام رسمية، فقد نفذت العملية إثر مراقبة مكثفة وجهود ميدانية دقيقة. مضيفًا أن التحقيقات الأولية كشفت عن تدريبات عسكرية خضع لها المحتجزون في معسكرات داخل الأراضي اللبنانية، مع خطط محتملة لأعمال تهدف إلى تقويض الأمن العام والاستقرار الوطني. وشملت المصادرة قواعد إطلاق صواريخ، وتسعة عشر صاروخًا من نوع “غراد”، إلى جانب صواريخ مضادة للدروع، وأسلحة شخصية متنوعة، وكميات وفيرة من الذخائر، حسب الصور التي نشرتها وزارة الداخلية السورية.
وأكد الدالاتي نقل الملف إلى الجهات المختصة لاستكمال ومواصلة التحريات لاستكشاف الروابط الكاملة والغايات المقصودة.
من جهة أخرى، أفادت مصادر محلية بأن نطاق نشاط الشبكة كان محصورًا في بلدتي الزاكية وسعسع، دون إشراك عناصر من كناكر، ما يعكس تركيزًا جغرافيًا محدودًا في مناطق حدودية ذات أهمية استراتيجية.
وحول شخصية المتهمين، استنكر عدد كبير من أهالي كناكر الخبر الذي نشرته وزارة الداخلية والذي يشير إلى وجود عناصر من كناكر ينتمون إلى الخلية، وعلق العشرات من أهالي البلدة رافضين صيغة الخبر، وقال بعضهم أنه لا يوجد أحد من أصحاب الصور المنشورة من البلدة من أبناء كناكر والتي يصفها نشطاؤها بـ”شامة الثورة”.
وأكد مصدران محليان في سعسع لـ”القدس العربي” أن الخمسة معتقلين الذين نشرت صورهم وزارة الداخلية هم من بلدة سعسع. وحول انتماء الموقوفين إلى حزب الله اللبناني والعمل معه، قال مصدر محلي إنه من غير المعروف وجود أي نشاط علني سابق للمعتقلين مع الحزب خلال فترة سيطرة النظام ونشاط حزب الله وإيران جنوب سوريا. وأضاف المصدر المقيم في سعسع أن مصدر السلاح هو غالبًا الثكنات العسكرية القريبة وجرى سرقتها لحظة فرار جيش النظام من المقرات العسكرية الكثيرة المنتشرة في المنطقة.
التواجد الإيراني المعقد
يأتي هذا التطور وسط التوترات الإقليمية المتصاعدة عقب التحولات السياسية في سوريا، حيث تواجه الجهات المسؤولة تحديات أمنية متزايدة، أخطرها من إيران وإسرائيل، ويبرز هذا الحدث عمق التعقيدات التي تحيط بجهود دمشق في إعادة ترسيخ الأمن الداخلي، مع مخاوف محتملة من تصعيد الاتهامات المتبادلة بين الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة على الأرض السورية.
اللافت في تعاطي دمشق، هو إدارتها لملف إيران من خلال نكران وجوده منذ اليوم التالي لسقوط نظام بشار الأسد ووصول إدارة العمليات العسكرية التي قادها أحمد الشرع إلى دمشق. حيث كرر التركيز على هزيمة إيران وزوال وجودها، والذي فسر وقتها باشرك العرب ودول الخليج خاصة بالانتصار على إيران وهزيمة مشروعها إلى غير رجعة.
حقيقة الأمر، أن جهاز الأمن العام وفصائل المنطقة الشرقية لم تتوقف عن اعتقال ومداهمة الأوكار والخلايا المرتبطة بإيران بشكل شبه يومي في دير الزور وتحديدًا في البوكمال والميادين. فقد بنى الحرس الثوري الإيراني شبكة علاقات عسكرية واقتصادية ومصلحية لا يمكن زوالها بزوال نظام بشار الأسد فورًا.
حملات أمنية سابقة
تشهد المناطق الحدودية السورية، خاصة في ريف دمشق وحمص، حملات أمنية مكثفة تستهدف خلايا مشتبه بها في الارتباط بالنظام السابق وحزب الله، حيث تسعى الحكومة السورية الانتقالية إلى تعزيز سيطرتها الأمنية وإعادة بناء الثقة مع الجهات الدولية. في إطار هذه الحملات، أعلن جهاز الاستخبارات العامة في محافظة حمص، خلال تموز(يوليو) الماضي، اعتقال شخص كان بحوزته عبوات ناسفة جاهزة للاستخدام، تبين ارتباطه بشبكة تابعة لميليشيا “حزب الله” اللبناني، والتي نقلت هذه المواد عبر معابر تهريب غير شرعية عبر الحدود. وأكدت وزارة الداخلية السورية أن هذا الاعتقال جاء نتيجة متابعة ميدانية دقيقة، مشددة على أن مثل هذه العمليات تهدف إلى منع أي محاولات لإثارة الفوضى في المناطق الحساسة جغرافيًا.
وفي اذار (مارس) الماضي، أطلقت مديرية الأمن العام في ريف دمشق حملة واسعة النطاق في منطقة السيدة زينب، مستهدفة خلايا مرتبطة بـ”حزب الله” كانت تخطط لتنفيذ عمليات “إجرامية” تستهدف الاستقرار العام. وأسفرت العملية عن اعتقال عدد من العناصر المشتبه بهم.
تُعد هذه الحملات الأمنية عنصرًا أساسيًا في استراتيجية الحكومة السورية الجديدة، التي تركز على إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي من خلال مكافحة الجماعات المسلحة المرتبطة بالنظام السابق والجهات الإقليمية الداعمة لها.
ويأتي الإعلان عن تفكيك خلية حزب الله في ريف دمشق ضمن سياق يشهد تحولات جذرية في المشهد السوري عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، حيث أدى سقوط النظام السابق إلى إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية والدولية، مع تركيز متزايد على تعزيز الاستقرار ومواجهة التهديدات المشتركة. ويتزامن هذا التطور مع إعلان الرئيس السوري أحمد الشرع عزمه زيارة الولايات المتحدة خلال الفترة من 21 إلى 25 ايلول (سبتمبر) الجاري، بعد منح واشنطن له تأشيرة دخول لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط تكهنات بشأن إمكانية عقد لقاء مع الرئيس دونالد ترامب على هامش الاجتماعات.
ويُنظر إلى عملية الاعتقال كإجراء أمني قد يحمل دلالات تطمينية تجاه واشنطن وتل أبيب، لا سيما في ظل تقارير تشير إلى اتفاق أمني مرتقب بين دمشق وتل أبيب برعاية أمريكية، من المقرر إعلانه في نهاية زيارة الشرع إلى أمريكا، بهدف مواجهة ما يُعرف بـ”محور المقاومة” المدعوم إيرانيًا، وذلك كجزء من جهود أوسع لإعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة.
وتعكس هذه التطورات ديناميكية معقدة في السياسة الإقليمية، حيث تسعى السلطات السورية الجديدة إلى تعزيز شرعيتها الدولية وسط تحديات داخلية وخارجية متشابكة تشكل إسرائيل وإيران أخطرها على الإطلاق، ويسعى الشرع وإدارته إلى حلحلة العقد من خلال اتفاق أمني، إلا أن الاتفاق أصبح أكثر صعوبة بعد أحداث السويداء الدامية، وبالطبع فإن كلفته ستكون أكبر على إدارة الشرع والوحدة السياسية لسوريا في حال تقديم تنازلات أمنية وعسكرية في كامل منطقة الجنوب.