الرئيسة \  تقارير  \  اتفاقية أمنية سورية إسرائيلية: هل تُرضي نتنياهو؟

اتفاقية أمنية سورية إسرائيلية: هل تُرضي نتنياهو؟

24.09.2025
رأي القدس
رأي القدس



اتفاقية أمنية سورية إسرائيلية: هل تُرضي نتنياهو؟
رأي القدس
القدس العربي
الثلاثاء 23/9/2025
اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المحادثات التي تجريها دولة الاحتلال مع الحكومة الانتقالية في سوريا أحرزت “بعض التقدم” حتى الساعة، مضيفاً بأن “الطريق لا يزال طويلاً” في هذا المسار. وإذا كان قد تقصد إحاطة تصريحاته هذه بنبرة تحفظ لعلها تستبق احتمالات ضغوط أمريكية مقبلة تستهدف التوصل إلى صيغة اتفاقية أمنية تشبه أو تسير على غرار اتفاقية فصل القوات لعام 1974، فإنه في الآن ذاته حرص على ردّ السياق إلى “انتصارات لم تكن تخطر على البال” حققتها دولة الاحتلال في المنطقة.
ولم يعد سراً أن سلسلة مباحثات مباشرة سرية أو معلنة جرت في عواصم عديدة إقليمية وعالمية بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، كثير منها كان برعاية المبعوث الأمريكي توماس براك. كذلك بات مكشوفاً الآن أن دولة الاحتلال فوجئت بسقوط نظام “الحركة التصحيحية” على نحو سريع ومباغت، ولم تكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على دراية بالتطورات التي تلاحقت، أو كانت متحسبة لها على الأقل، الأمر الذي انطوى على تعديل سريع بدوره لقواعد اشتباك قديمة مع النظام السوري البائد ظلت راسخة خلال 54 سنة.
فمن جانب أول اعتادت دولة الاحتلال أن تقصف في سائر الأراضي السورية، خاصة تلك التي كانت تعود مباشرة للحرس الثوري الإيراني أو لميليشيات تابعة لطهران، ومن جانب ثان ظل جيش النظام بمثابة حارس للاحتلال الإسرائيلي في الجولان، منشغل أيضاً بقمع انتفاضة الشعب السوري، وبالتالي كان سقوط نظام الأسدين بمثابة خسارة لدولة الاحتلال.
بذلك لم يكن غريباً أن تبدأ أولى قواعد الاشتباك الإسرائيلية الجديدة من عمليات قصف منهجية ومنتظمة تستهدف تدمير ما تبقى في الترسانة العسكرية السورية من أسلحة صاروخية ومدفعية ثقيلة، وأن تتوزع القواعد الأخرى على إسقاط متعاقب لاتفاقية 1974 والتوغل في المنطقة العازلة واحتلال مساحات جديدة في محيط جبل الشيخ والقنيطرة، ووصولاً إلى التدخل في الاشتباكات الدامية التي شهدتها محافظة السويداء بما يشجع على صيغة انفصالية للدروز في الجنوب السوري تتولى تحريكها مجموعات مسلحة تابعة للشيخ حكمت الهجري، برعاية وإشراف شيخ عقل الدروز في دولة الاحتلال.
وفي الطور الراهن من هذه المعادلة بين دمشق وتل أبيب، يلوح أن أبرز العوائق أمام الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة هي وجود توجّه لدى غالبية عظمى إقليمية وعالمية، والإدارة الأمريكية ذاتها أيضاً، في منح سوريا الجديدة فرصة الاستقرار والتحول وإعادة الإعمار. عقبة أخرى هي أن مقاربة الحكومة السورية لهذه الملفات الشائكة اعتمدت عدم توفير الذرائع للحكومة الإسرائيلية كي تذهب أبعد في التصعيد العسكري، وربما الشروع في احتلال مساحات أوسع على امتداد جنوب سوريا، أو الانتقال بمستويات إذكاء التوتير على الساحة الدرزية إلى طرائق أشد خبثاً وخطورة.
وبهذه المعاني وسواها قد لا يكون نتنياهو سعيداً بالتوصل إلى اتفاقية أمنية جدية مع سوريا، خاصة وأنها لن تفضي إلى صياغات تطبيعية، ولعله يفضل الإبقاء على معادلة الأمر الواقع، ومواصلة سياسات في القصف والعربدة والتدخل تتلاءم أكثر مع شخصيته كمجرم حرب مدان حسب القانون الدولي.