إلى أي حد يتناقض ترامب مع نتنياهو في سوريا؟
28.05.2025
سميح صعب
إلى أي حد يتناقض ترامب مع نتنياهو في سوريا؟
سميح صعب
المصدر: "النهار"
الثلاثاء 27/5/2025
تحرُك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو الرئيس السوري أحمد الشرع، قطع الطريق إلى حد كبير على الاستراتيجية التي يتبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سوريا، منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
عندما التقى نتنياهو ترامب في البيت الأبيض في نيسان / أبريل الماضي، طلب منه أمرين: مساعدة إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية، وعدم رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
فوجئ نتنياهو بترامب يعلن عن الذهاب نحو الخيار الديبلوماسي مع طهران وعن تحديد الجولة الأولى من المفاوضات في 12 نيسان الماضي في سلطنة عُمان. ابتلع نتنياهو كبرياءه على مضض، وأكد أن "النموذج الليبي" يجب أن يكون المعيار لأي اتفاق نووي جديد.
المفاجأة الثانية التي صدم بها نتنياهو، كانت إعلان ترامب في المحطة السعودية من جولته الخليجية في وقت سابق من أيار / مايو الجاري، عن رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا منذ 1979، وأتبع ذلك باستقبال الشرع في الرياض، وبكيل المديح له.
ولم تتأخر إدارة ترامب في وضع قرار رفع العقوبات موضع التنفيذ اعتباراً من الجمعة، عندما أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو تعليق مجموعة من العقوبات الواردة في "قانون قيصر" لمدة 180 يوماً.
وتعزيزاً للتواصل مع السلطات السورية الجديدة، التقى المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك الشرع في اسطنبول، السبت، على هامش زيارة الأخير لتركيا.
وأشاد باراك بـ"الخطوات الجدية" التي اتخذها الرئيس السوري في ما يتعلق بالمقاتلين الأجانب والعلاقات مع إسرائيل، وتعهد مساعدة الولايات المتحدة في البحث عن مواطنين أميركيين فقدوا في سوريا خلال الحرب. لكنه لم يسهب كثيراً في شرح الخطوات التي تحدث عنها.
وكان ترامب نفسه، قد أكد رغبته في رؤية سوريا وهي تنضم في نهاية المطاف إلى "اتفاقات أبراهام"، في وقت يحرص الشرع على تكرار أن بلاده تريد علاقات سلمية مع جيرانها، بمن فيهم إسرائيل.
إن رفع العقوبات عن سوريا، أمدّ الشرع بـ"شريان الحياة" وفق تعبير صحيفة "النيويورك تايمز" الأميركية، وأربك حسابات نتنياهو، الذي لم يخفِ، لا هو ولا وزراء حكومته، رغبتهم في "تفكيك" سوريا إلى كيانات على أساس عرقي وديني، ولا عدم ارتياحهم إلى النظام الجديد، مسقطين عليه تجربة "حماس" في غزة. أما ترامب فيمضي في تعزيز سلطات الشرع، لأن البديل بحسب روبيو هو عودة سوريا إلى الحرب الأهلية.
كيف سيحاول نتنياهو التأقلم مع الاستراتيجية الأميركية الجديدة نحو سوريا؟ الواضح، أن إسرائيل لجأت إلى الحوار مع تركيا للتفاهم على ما تريده من سوريا، وسط تقارير في الإعلام الإسرائيلي عن موافقة أنقرة على مطلب نتنياهو جعل الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح، وعلى التنسيق الأمني للحؤول دون حصول صدام بين الجيشين الإسرائيلي والتركي فوق الأرض السورية.
سبق لترامب أن أبدى استعداده للتوسط بين إسرائيل وتركيا، مطالباً نتنياهو بالتصرف "بعقلانية" في سوريا، من دون أن يخفي ارتياحه الى الدور التركي بعد سقوط الأسد.
ومن المؤكد أن التحول الأميركي إزاء سوريا، يعد جزءاً أساسياً من سياسة أوسع نحو الشرق الأوسط، دشنها الرئيس الأميركي بجولته الخليجية. ولا يغيب عن البال أن التفاوض مع إيران هو جزء من هذه السياسة المفتوحة على أكثر من احتمال.
وترامب يأخذ المصالح الإسرائيلية في الاعتبار، على رغم التباين الظاهر في المواقف مع نتنياهو، في ما يتعلق بقضايا المنطقة وصراعاتها. وعند نقطة معينة، لا يشارك ترامب نتنياهو في استراتيجيته القائمة على أبدية الحروب، والتنكر الكامل للوسائل الديبلوماسية.