الرئيسة \  تقارير  \  "2254"... هل تحتاج سورية إلى هذا القرار الدولي؟

"2254"... هل تحتاج سورية إلى هذا القرار الدولي؟

09.09.2025
محمد أمين



"2254"... هل تحتاج سورية إلى هذا القرار الدولي؟
محمد أمين
العربي الجديد
الاثنين 8/9/2025
طرح المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، مجدداً القرار الدولي 2254، من أجل "انتقال سياسي شامل وشفاف" في البلاد، ليُثير أسئلة لم تغب عن المشهد السوري بشكل كامل حول هذا القرار، الذي كما يبدو، تجاوزته الأحداث مع سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024. وحط بيدرسون رحاله مرة أخرى في دمشق، والتقى أول من أمس السبت، وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إذ أجريا وفق بيان لمكتب بيدرسون "نقاشاً شاملاً حول عملية الانتقال السياسي، بما في ذلك مجلس الشعب، والأبعاد الإقليمية والدولية". وأضاف البيان أن الجانبين ناقشا الوضع في السويداء والشمال الشرقي من سورية بالتفصيل، وكذلك الوضع في منطقة الساحل، مشيراً إلى أن "المبعوث الخاص أكد دعم الأمم المتحدة الكامل لسيادة سورية وسلامة أراضيها، داعياً إلى وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية، ومعالجة القضايا الداخلية في سورية من خلال الحوار وبذل جهود صادقة لبناء الثقة". وبحسب البيان، أكد بيدرسون دعم الأمم المتحدة لـ"الحكومة والشعب السوري في سعيهما لتحقيق السلام والاستقرار الداخليين من خلال انتقال سياسي شامل وشفاف وموثوق، بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015".
القرار الدولي 2254
والقرار المذكور، استند إلى بيان "جنيف 1" الذي صدر منتصف العام 2012، بـ"اعتباره الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في سورية"، فيما نص على "تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمل الجميع وغير طائفية"، و"اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية"، وإجراء "انتخابات حرّة ونزيهة على أساس الدستور الجديد تحت إشراف الأمم المتحدة". وصدر القرار حينها عام 2015 في سياق تفاهم أميركي روسي حول القضية السورية، إلا أن التطورات التي شهدتها البلاد والتعقيدات على الأرض حالت دون توافق القوى الدولية والإقليمية على تطبيق بنوده، فضلاً عن رفض النظام السوري حينها التعاون مع الأمم المتحدة رغم عديد جولات التفاوض التي جرت في جنيف. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، قد طالب بعد أيام قليلة من سقوط نظام الأسد، بـ "إعادة النظر في القرار 2254 نظراً للتغيرات التي طرأت على المشهد" في البلاد وانهيار النظام السابق وفرار بشار الأسد إلى روسيا.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها القرار 2254 كوسيلة سياسية ناجعة لتحقيق انتقال سياسي في سورية، إذ أعاد مجلس الأمن التذكير بالقرار، منتصف أغسطس/آب الماضي، في بيان غير ملزم بعد جلسة عقدت على خلفية الأحداث التي عصفت بمحافظة السويداء (بين قوات من الحكومة وموالين لها من العشائر وبين فصائل محلية)، ما أدى إلى انسداد أفق أي حل سياسي لملف هذه المحافظة الجنوبية التي يطالب بعض سكانها اليوم بـ "الاستقلال"، أو "حق تقرير المصير". وفضلاً عن دورتي العنف في الساحل ومحافظة السويداء، وعدم تحقيق تقدم في المفاوضات ما بين الحكومة و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تسيطر في الشمال الشرقي السوري، ربما كان عدم رضى الكثير من القوى السياسية عن سير المرحلة الانتقالية الحالية والتي ينظمها إعلان دستوري (وقّعه الشرع في مارس/آذار الماضي) وُجّهت له انتقادات، سبباً رئيسياً لتحرك جديد من المبعوث الأممي في محاولة للعب دور لتحقيق انفراجة في المشهد السوري المتأزم.
فعالية القرار بعد سقوط الأسد
لكن السفير السوري السابق في السويد، بسام العمادي، اعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أن زيارة المبعوث الأممي إلى دمشق "تلاعب للبقاء في منصبه بالرغم من الفشل الذريع الذي أحاط بعمله وانتفاء سبب وجوده، بعد التغيير الكبير الذي حدث في سورية". وفي رأيه فإن "سقوط نظام الأسد وانتهاء المعارضة أنهى ما سمي بالمرحلة الانتقالية بالمناصفة بين النظام والمعارضة، إذ برز مسار جديد تقوده السلطة التي أسقطت النظام البائد". وأضاف أن بيدرسون يصر على أنه مكلف بتسيير المرحلة الانتقالية، بينما هو "لا يمثل الأمم المتحدة"، فمهمته محصورة في "تسيير" تنفيذ القرار 2254 الذي "لم يبق منه الآن شيء".
بسام العمادي: بيدرسون يحاول إقحام نفسه في السلطة الجديدة في دمشق
ورأى العمادي أن دورتي العنف والأحداث التي عصفت في الساحل السوري في مارس الماضي، ولاحقاً في السويداء منتصف يوليو/تموز الماضي "ساعدت في عودة بيدرسون إلى المشهد السوري"، مضيفاً أن الغرب المعني الأساسي بتنفيذ القرار 2254 "أعاد إحياءه، وخصوصاً بعد أن لاحظ أن السلطة الجديدة استأثرت بالحكم في سورية وأقصت جميع القوى السياسية التي شاركت وساهمت في إسقاط النظام (على الأقل سياسياً)، ما ساعد كثيراً في نجاح التحرير العسكري". وفي رأي العمادي، فإن بيدرسون "يحاول إقحام نفسه في السلطة الجديدة في دمشق"، وطالب العمادي وزارة الخارجية السورية بـ"عدم إعطائه الفرصة للتدخل في الشأن السوري".
وكان بيدرسون، تسلم في أكتوبر/تشرين الأول 2018، مهام المبعوث الأممي إلى سورية خلفاً لستيفان دي ميستورا، إلا أنه فشل في تحقيق أي من مهامه، خصوصاً لجهة التوصل إلى حل سلمي للصراع في سورية بناء على القرار الأممي 2254 الذي دهمته الأحداث التي تصاعدت بدءاً من نهاية أكتوبر العام الماضي وانتهت في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لتنتقل البلاد إلى مرحلة جديدة لا يبدو أن تطبيق القرار المذكور من أولوياتها. وفي المقابل، تواصل عديد من القوى السياسية السورية اعتبار أن القرار 2254 لا يزال يصلح للتعامل مع القضية السورية، لا سيما وأنه رسم خريطة طريق واضحة للمرحلة الانتقالية، فضلاً عن كونه القرار الذي حظي بموافقة الدول الكبرى في مجلس الأمن سبيلا لحل المسألة السورية بطرق سياسية. وتأخذ هذه القوى على السلطة في سورية المضي في عملية انتقالية بعيداً عن مضامين القرار المذكور، فيما يكيل البعض منها اتهامات لها بالاستئثار بالقرار وتهميش الفاعلين المحليين سواء المعارضة التقليدية لنظام الأسد، أو تلك التي أفرزتها الثورة خلال سنواتها الطويلة، أبرزها الائتلاف الوطني.
 شلال كدو: تطبيق بنود القرار من شأنه حل المشاكل التي تواجه البلاد
في هذا الصدد، رأى القيادي في المجلس الوطني الكردي، شلال كدو، في حديث مع "العربي الجديد"، أن القرار الأممي 2254 "لا يزال صالحاً وقابلاً للتطبيق لتسيير المرحلة الانتقالية في البلاد". وفي رأيه، لو طُبّق القرار بعد سقوط نظام الأسد "ربما لم تشهد سورية دورات عنف، ولا سيما تلك التي حدثت في الساحل السوري ومن ثم في محافظة السويداء جنوبي البلاد". واعتبر أن "بنود هذا القرار واضحة جداً، فقد نصت على مرحلة انتقالية مدتها 18 شهراً يتم خلالها انتخاب جمعية عمومية لتسيير أمور البلاد وتوفير بيئة آمنة لكتابة دستور والتصويت عليه وإقراره وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية". وتطبيق تلك البنود بمضامينها، وفق كدو، "من شأنه حل المشاكل التي تواجه البلاد"