الرئيسة \
تقارير \ بايكار التركية لاعب جيوسياسي .. اتفاقية الدفاع مع السعودية في 3 أسئلة (مقال تحليلي)
بايكار التركية لاعب جيوسياسي .. اتفاقية الدفاع مع السعودية في 3 أسئلة (مقال تحليلي)
27.07.2023
الأناضول
بايكار التركية لاعب جيوسياسي .. اتفاقية الدفاع مع السعودية في 3 أسئلة (مقال تحليلي)
الاناضول
الأربعاء 26/7/2023
مقال مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة الخارجية (EDAM) وكبير المحللين في معهد هدسون ومقره الولايات المتحدة جان قصاب أوغلو يتناول فيه اتفاقية الدفاع السعودية الموقعة بين أنقرة والرياض والنجاحات المتسارعة التي تحققها شركة "بايكار" التركية لتقنيات الطائرات المسيّرة..
تفتح اتفاقية الدفاع السعودية التركية وبطلها شركة "بايكار" التركية لتقنيات الطائرات المسيّرة، الباب واسعا أمام أسئلة مرتبطة بتحول الشركة التركية إلى لاعب جيوسياسيا، وسط صراع صيني أمريكي على الفوز بعقود الأسلحة في الشرق الأوسط.
1. لماذا حولت اتفاقية الدفاع السعودية "بايكار" إلى لاعب جيوسياسي؟
لنبدأ باستنتاج مباشر وواضح؛ لقد أصبحت "بايكار" لاعبا جيوسياسيا قادرا على بيع أنظمة "أقينجي" الاستراتيجية للطائرات المسلحة بدون طيار إلى المملكة العربية السعودية.
الاتفاقية المشار إليها من شأنها أيضا زيادة وزن تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتأثير على التوازن العسكري الإيراني السعودي من خلال تعزيز القدرات العسكرية للرياض، ومنافسة الجهود الصينية الرامية لزيادة حجم مبيعات الأسلحة إلى الشرق الأوسط. وباستخدام بيانات ملموسة.
سنعمل على شرح الاعتبارات السياسية والعسكرية المرافقة لتوسع تأثير بايكار في المنطقة والعالم.
إن زيادة حجم الصادرات الدفاعية يتمخض عنه بطبيعة الحال نتائج جيوسياسية. وترتبط هذه النتائج بالظروف الموضوعية إضافة إلى الفعالية القتالية لأنظمة الأسلحة.
على سبيل المثال، تعد القذائف المضادة للسفن من طراز "هاربون" (Harpoon) التي منحتها الولايات المتحدة لتايوان لحمايتها من البحرية الصينية أو أنظمة قاذفات الصواريخ متعددة السبطانات (M-142 (HIMARS التي جرى منحها للقوات المسلحة الأوكرانية، لتعزيز مقاومتها للجيش الروسي، أمثلة جيدة في هذا الإطار.
إلى ذلك، استحوذت اتفاقية الطائرات المسلحة بدون طيار، التي وقعها "بايكار" مع السعودية، موقع الصدارة على جدول أعمال الاقتصاد الدفاعي، ومن المرجح أن تكون الصفقة واحدة من أكبر مبيعات الصناعات الدفاعية التركية.
ومن ناحية أخرى، هناك أسئلة نحتاج إلى طرحها خارج الاقتصادات الدفاعية؛ لعل أبرزها، لماذا احتاجت السعودية إلى أقينجي؟ وما علاقة بيع أقينجي للسعودية بسياسة الصين في الشرق الأوسط وصراعها العالمي على القوة مع الولايات المتحدة؟.
2. كيف ستؤثر بيرقدار آقينجي على القدرة العسكرية للمملكة العربية السعودية؟
تعتبر المسيرة "بيرقدار آقينجي" واحدة من أهم الأسلحة ذات المنظومة المتطوّرة، وبفضل حمولتها الحربية العالية، وارتفاع الطيران الذي يصل إلى 45 ألف قدم، تحولت أقينجي إلى واحدة من أهم أنظمة الأسلحة الاستراتيجية في مجال الطيران.
وخلال الفترة الماضية، تمكنت بيرقدار آقينجي من دمج المنظومة الصاروخية التركية "قبلان تي ار جي 230" ما جعلها تكتسب قدرات صاروخية وجوية مميزة، ذلك لأن هذا النوع من الصواريخ يجهض عمليات أنظمة الدفاعات الجوية تجاه الهدف، ويمتلك قدرات هجومية ذات سرعة عالية، فضلا عن امتلاكه رؤوس حربية عالية التدمير.
كما تشمل الأنظمة الخاصّة ببيرقدار أقينجي صواريخ ذات ذخيرة متوسطة المدى "سوم" (SOM)، وصواريخ صغير "جاقر" (Çakır)، وحامل الذخائر المتنقلة ذو الكاميرة الكهروضوئية "كمانكش" (Kemankeş).
إلى ذلك، تمتلك الصواريخ المدمجة والطائرات الانتحارية (الكاميكاز) بدون طيار سمات مختلفة تمامًا عن الصواريخ الجوية الباليستية، ذلك أنها مصممة للاقتراب من الهدف بسرعات أبطأ، ولكن على ارتفاعات أقل بكثير وبمناورات معقدة، مع الاستفادة من التضاريس عند الضرورة واستغلال الثغرات ونقاط الضعف في رادارات العدو.
إن كل سلاح جرى إنتاجه في الصناعات الدفاعية التركية، يمتلك دورا مهما في الخطّة العملياتية.
تخيل، في بيئة تشغيلية افتراضية، أن عددا كبيرا من مسيرات آقينجي تهاجم أهدافا مهمة خلف خطوط العدو بصواريخ "قبلان تي آر جي 230" وصواريخ "سوم" و"جاقر" بمشاركة حامل الذخائر المتنقل ذو الكاميرا الكهروضوئية "كمانكش".
في مثل هذا الهجوم، تتقدم كافة صنوف الأسلحة نحو الهدف بزوايا وسرعات مختلفة للغاية وبخصائص طيران مختلفة أيضًا، من أجل تحقيق الخطة العملياتية بالدقة المرجوّة والمكان والزمان المناسبين.
وعودة إلى السعودية، لا بد أن نسأل عن التهديدات التي تواجهها المملكة.
للرد على هذا السؤال، من الضروري النظر في الهجوم الذي استهدف أرامكو عام 2019، والتهديدات الصاروخية وبالطائرات المسيرة التي واجهتها الرياض منذ تدخلها في الأزمة اليمنية، فضلًا عن برامج الصواريخ الإيرانية والأنظمة غير المأهولة.
بيرقدار آقينجي ومن خلال منظومات الأسلحة الاستراتيجية التي تحتويها، ستلعب دورا رئيسيا في تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية للرياض، وإن نجاحها في السعودية سيفتح أبواب الخليج أمام شركة "بايكار".
3. ما هو البعد الصيني لاتفاقية بايكار السعودية وأهمية الاتفاقية بالنسبة للولايات المتحدة؟
يعلم الخبراء العسكريون السعوديون أنهم لا يستطيعون الرد على التهديدات الإقليمية فقط من خلال شن حرب صاروخية باهظة التكلفة.
لهذا السبب، تمتلك السعودية برنامجا متطورا للصواريخ الباليستية وكمية كبيرة من أسراب المسيرات المسلحة. وبالطبع، تهدف السعودية من خلال برنامج الصواريخ الباليستية لتعزيز قوة الردع تجاه إيران الساعية لامتلاك قدرات نووية.
دعونا نترك قضية الحرب النووية جانبا في الوقت الحالي، ونلقي نظرة على المصادر التي تشتري منها المملكة الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار.
البلد الذي نتحدث عنه هنا هو الصين، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الصناعات الدفاعية الأمريكية، المورد التقليدي للأسلحة إلى السعودية، لا يمكنها تصدير هذا النوع من أنظمة الأسلحة إلى الرياض بسبب التفضيلات السياسية لواشنطن.
وفي الختام، أستطيع القول إن بيع السعودية مسيرات تركية من طراز بيرقدار آقينجي جعل شركة "بايكار" التركية، ومقرها تركيا العضو في حلف الناتو، قادرة على منافسة الصين في قطاع أنظمة الحرب الجوية غير المأهولة في السوق الخليجية خصوصًا والعربية عمومًا، والتي تعد واحدة من أهم أسواق الأسلحة في العالم.
إضافة إلى ذلك، نستطيع القول إن دخول آقينجي إلى المنظمة الدفاعية السعودية سيجعل منها قريبا لاعبا مهما في معادلات التوازن الدفاعي بين إيران والسعودية.
-------
** جان قصاب أوغلو، مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة الخارجية (EDAM) وكبير المحللين في معهد هدسون ومقره الولايات المتحدة.
** الأفكار والآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن سياسة الأناضول التحريرية.