Untitled 10
انتخابات الكونجرس واتجاهات السياسة الأميركية
الاتحاد
الاحد 13/11/2022
تحمل نتائج انتخابات
التجديد النصفي للكونجرس في طياتها العديد من الدلالات والتداعيات ليس فقط على صعيد
الشأن الداخلي، وإنما أيضاً على صعيد توجهات السياسة الخارجية الأميركية في المرحلة
المقبلة من فترة حكم الرئيس جون بايدن.
جرت الانتخابات في لحظة
أميركية حرجة، حيث إنها الأولى منذ الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021،
والذي عكس مخاوف الانزلاق إلى العنف السياسي، وفي ظل حالة ترقب لقيام كل من
الرئيسين السابق والحالي بالإعلان عن إعادة ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة.
كما أنها جرت في ظل لحظة
فارقة من تطور النظام الدولي، حيث استمرار التداعيات السلبية لجائحة كورونا، والحرب
الروسية- الأوكرانية، وأزمتي طاقة وغذاء لم يشهدهما العالم من قبل، وتزايد مطالبات
الدول النامية بقيام الولايات المتحدة والدول الصناعية الكبرى بتمويل أدوات وأساليب
مواجهة التغيرات المناخية، خلال انعقاد قمة المناخ في شرم الشيخ.
وبالرغم من نتائج
انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، فقد وُصِف أداء الحزب “الديمقراطي” بأنه أفضل من
المتوقع، وذلك لنجاحه في إيقاف أو تجنب “موجة حمراء” من “الجمهوريين” في
الانتخابات، إلا أن الحزب “الجمهوري” سيلجأ إلى تفعيل أدوات الرقابة البرلمانية على
أداء الإدارة “الديمقراطية”، والتي يمكن أن تفضي إلى تجاذبات حول سلطة الرئيس جو
بايدن.
ومع ذلك لن يشهد العامان
المقبلان حالة من الشلل السياسي، كما كان يتوقع البعض، ولن تحدث تغييرات هيكلية في
التوجهات الرئيسية للسياسة الخارجية الأميركية، وسوف تستمر إدارة بايدن في المضي في
تحقيق أجندتها الخارجية كما كان خلال الفترة الماضية.
وبتعبير آخر، فإن نتائج
هذه الانتخابات لن تسفر عن حدوث تجاذبات حادة بين الحزبين في ما يخص السياسة
الخارجية الأميركية، ولا سيما في ملفي أوكرانيا وإيران، والموقف من الصين.
فعلى صعيد الحرب الروسية
- الأوكرانية، لن يستمر الدعم الأميركي لأوكرانيا، الذي وصل إلى حوالي 60 مليار
دولار خلال الفترة من فبراير حتى أكتوبر 2022، وقد تضغط إدارة بايدن على الرئيس
الأوكراني للجلوس على طاولة المفاوضات، وذلك على الرغم من انسحاب القوات الروسية من
خيرسون، وهو ما يعني في النهاية أن الخيار التفاوضي هو الذي سيحسم الصراع.
أما الموقف تجاه الصين،
فإنه من الثابت أن هناك حالة إجماع بين الحزبين على توجهات السياسة الأميركية تجاه
الصين، والتي تتمثل في ضرورة مواصلة السياسات الحمائية الأميركية في مواجهة ما
تعتبره واشنطن ميزة غير عادلة تتمتع بها الصين في العلاقات التجارية مع الولايات
المتحدة، فضلاً عن مواصلة بناء وتوسيع شبكة تحالفات دولية من الحلفاء لمواجهة
النفوذ المتزايد للصين، ودعم تايوان، وتطويق مبادرة “الحزام والطريق”.
ومن غير المتوقع أن
تتغير السياسة الأميركية تجاه روسيا كثيرًا، حيث يظل العمل على استمرار نهج
الاحتواء للتطلعات الروسية، وإيقاف محاولاتها زعزعة استقرار دول الجوار، واستمرار
العقوبات والعمل على تفعيل الردع السيبراني لهجماتها السيبرانية المتكررة في دول
آسيا الوسطى، وشرق أوروبا وحول العالم.
وأخيرًا، إن السياسة
الخارجية الأميركية لن تتأثر كثيرًا بنتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، ولا
سيما في ظل تأكيد الرئيس بايدن دعوة زعماء الأغلبية في الحزبين إلى مناقشتها، وستظل
تعمل الإدارة مع حلف الناتو، والشركاء الاستراتيجيين، على احتواء الصين وروسيا،
لكنها ربما لا تستطيع أن تحزر تقدمًا سريعًا في أزمة الملف النووي الإيراني.
مركز تريندز للبحوث
والاستشارات