الرئيسة \  تقارير  \  يديعوت أحرنوت : لماذا رفح؟

يديعوت أحرنوت : لماذا رفح؟

03.04.2024
ميخائيل ميلشتاين




يديعوت أحرنوت : لماذا رفح؟
ميخائيل ميلشتاين
الغد الاردنية
الثلاثاء 2/4/2024
مسألة الحملة في رفح تلوح بالتدريج كموضوع آخر في الحرب الحالية التي تعكس فجوة عميقة بين عالم الشعارات والواقع الفعلي. بعض من أصحاب القرار، وعلى رأسهم نتنياهو يصورون الحملة كخطوة وجودية تقرب نهاية الحرب وتتيح خلق واقع جديد في قطاع غزة. وهكذا، ينضم النقاش حول رفح إلى الإعلانات بشكل "النصر المطلق"، "تفكيك كتائب حماس" ووعود بمحو، هزيمة أو إسقاط المنظمة. هذه تطرح منذ نصف سنة، فترة وإن كانت حماس ضُربت بشدة ولكن معظم قياداتها نجوا وهي تواصل إدارة القتال في معظم القطاع وتشكل عنوانا للمفاوضات في مسألة المخطوفين.
إن إصرار أصحاب القرار في إسرائيل على الحملة في رفح "لكل شرط" يترافق وعلامات استفهام مقلقة أخرى. في هذا الإطار يُشرح بأن تفكيك أربع كتائب حماس العاملة في المدينة ضروري لغرض إسقاطها، وأن الحملة المستقبلية ستتيح الحسم في الصراع ضد المنظمة. وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن، الذي شارك في مداولات الكابينت قبل نحو أسبوع شعر بالحاجة لأن يبدي منظرا ثاقبا حين قال إنه حتى بعد العملية في رفح سيبقى تحدي حماس – وإنه بدون نظام بديل، ستنشأ فوضى وإسرائيل ستعلق في عزلة دولية حادة. مستشفى الشفاء يجسد في هذا السياق حقيقة أن في المناطق التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي لكنه أخلاها، لا ينشأ "واقع جديد" بل تتحقق عودة زاحفة لحماس أو الفوضى.
إن الشعارات حول العملية في رفح مطلوب استبدالها بشرح واع يعرض للجمهور في إسرائيل وللأسرة الدولية. العملية في رفح، بـ 1.5 مليون فلسطيني يكتظون في المنطفة حيويا – لكن أهم منها هو السيطرة على منطقة الحدود التي بين سيناء والقطاع ("محور فيلادلفيا")، بوابة غزة على العالم، والتي تهريب السلاح عبرها أتاح لحماس التحول من منظمة حرب عصابات الى جيش يهدد إسرائيل. سيطرة كهذه ضرورية لغرض تغيير الواقع في القطاع، لكن لا يحتمل ان تشبه أنماط العمل في المرحلة الثالثة من الحرب، أي الدخول والخروج دون بقاء دائم في المنطقة.
لعملية في منطقة الحدود شرطان واجبان: الأول – نقل السكان المتواجدين في المنطقة، بما في ذلك السماح بعودة جزء منهم الى الشمال (الامر الذي يرتبط بالطبع بالمفاوضات في موضوع المخطوفين)؛ والثاني – تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة ومع مصر. خطوة غير منسقة، إن لم نقل استفزازية، من شأنها أن تسيء أكثر فأكثر للعلاقات المتوترة على أي حال مع الإدارة الاميركية، بل وان تترجم الى وهن في الاسناد العسكري والسياسي. وكل هذا بينما على جدول الأعمال إمكانية نشوب حرب في الشمال؛ مع القاهرة – خطوة كهذه من شأنها أن تضعضع استقرار العلاقات الإستراتيجية، بخاصة إذا ما تحقق اجتياح جماهير غزة إلى سنياء.
الخطاب في موضوع رفح يشبه ثلاثة مداولات أخرى تجري بشكل شبه منفصل الواحدة عن الأخرى منذ بداية الحرب: مسألة المخطوفين، الوضع الإنساني في القطاع واليوم التالي في المنطقة. القاسم المشترك شبه الوحيد في المواضيع الأربعة هو غياب عمق إستراتيجي. طاولة المداولات مفعمة بالخيالات (إقناع قيادة حماس بإخلاء غزة أو إقامة نظام عشائر)، بدلا من تحليل ثاقب للسيناريوهات الذي يحتمل أن يكون ممكنا العمل عليها في المدى البعيد، بما في ذلك تلك المشحونة سياسيا – مثلا حوار ما مع السلطة.
مسألة رفح لا يمكنها أن تبقى كبحث يجري بين سياسيين وجنرالات، بل كمسألة يجب على الجمهور أن يكون مشاركا فيها ويعرب عن رأيه. في هذا الإطار من الضروري التساؤل هل حقا هذه خطوة تغير الواقع وبالفعل تقرب هزيمة حماس، وما هي في واقع الأمر تلك الهزيمة وكم يمكن تحقيقها دون السيطرة على كل قطاع غزة والبقاء هناك لزمن طويل. إضافة إلى ذلك، من الحيوي أن يطرح الجمهور أسئلة حول تداعيات خطوة عسكرية بدون تنسيق مع الولايات المتحدة ومصر. الحملة العسكرية المركزة كفيلة بأن تكون ناجحة، لكن نتائجها الإستراتيجية وبخاصة في المستوى السياسي – محملة بالكارثة.