الرئيسة \
تقارير \ يديعوت أحرنوت : إسرائيل أمام الاختبار الأكثر تعقيدا في تاريخها
يديعوت أحرنوت : إسرائيل أمام الاختبار الأكثر تعقيدا في تاريخها
19.11.2023
أهود باراك
يديعوت أحرنوت : إسرائيل أمام الاختبار الأكثر تعقيدا في تاريخها
بقلم: أهود باراك
الغد الاردنية
السبت 18/11/2023
7 تشرين الأول (أكتوبر) سيخط في تاريخنا كالقصور الأخطر في تاريخ الدولة. قصور الاستخبارات والمنظومة العملياتية، قصور قيادة الأمن ورئيس الوزراء. سترافقنا الندب لسنوات جيل فأكثر. لكننا شعب مقاتل، يصحو في لحظات الاختبار، يتحد ويعمل على إزالة التهديد. في نهاية ستة أسابيع، الجيش الإسرائيلي يتواجد عميقا في غزة، يدمر بنى تحتية لحماس، يتقدم نحو تحقيق الأهداف، وفي مركزها تحييد القدرة العملياتية والسلطوية لحماس، الى جانب تحرير المخطوفين. تدور الحرب في ظل أربعة اضطرارات كل واحد منها على حدة من شأنه أن يحبط مجرد قدرتنا على تحقيق الأهداف: تحرير المخطوفين، ردع حزب الله وإيران، الإبقاء على الشرعية للعمل لزمن طويل في غزة، ومسألة "اليوم التالي": الأمن لـ"الغلاف" وكذا ماذا وكيف سيحصل لأجل أن يتمكن سكان الشمال من العودة الى بيوتهم.
الولايات المتحدة مشاركة في الحدث، بشكل عميق وغير مسبوق. قطار جوي يحمل أسلحة وعتادا قتالية أطلق في غضون 72 ساعة. مجموعتان من حاملات الطائرات انتشرتا وعليهما نحو 150 طائرة وكذا غواصة نووية وسفن أخرى مسلحة بصواريخ جوالة واعتراض ونحو الفين مقاتل مارينز. طائرات قصف ثقيلة دفع بها الى الأمام نحو قاعدة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في صقليا. على الطريق، رزمة مساعدات لإسرائيل بمبلغ 14.3 مليار دولار والولايات المتحدة تحمينا من قرارات معادية في مجلس الأمن. مذكورة أيضا الزيارة التي تشكل سابقة والتي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن، خطاباته الباعثة على الأمل ولقاءاته الباعثة على الانفعال التأثر مع عائلات المخطوفين.
عمليا، يوجد هنا تغيير جوهري في الاتجاه. فالولايات المتحدة التي كانت توشك على "ترك" الشرق الأوسط في صالح أولويات أخرى كالمنافسة الاستراتيجية مع الصين والحرب الروسية الأوكرانية، اكتشفت بأن الشرق الأوسط لا يتركها، وهي تعود، وبقوة. الولايات المتحدة تقف على رأس محور شرق أوسطي "معتدل ومسؤول"، وهي تقف أمام محور مضاد لـ"دول وكيانات مارقة" محور "المارقين" مسنود من روسيا وبمشاركة الصين، وبذلك ارتبط بشكل غير مباشر بالحرب في أوكرانيا وبأسواق النفط والغاز.
في أعقاب قصور 7 تشرين الأول (أكتوبر)، تقف إسرائيل أمام الاختبار الأكثر تعقيدا في تاريخها. يوجد احتمال حقيقي لأن نفقد جزءا من المخطوفين وأن يتسع القتال في الشمال (يحتمل حتى الى الضفة). يوجد خطر ما في أن تنشأ حرب استنزاف لعدة سنوات، بقوى تصعد وتهبط، مع ثمن عسكري-سياسي واقتصادي-اجتماعي جسيم للغاية.
يقال من جهة أخرى، إسرائيل ليست في خطر وجودي. نحو 30 ألف مقاتل حماس مع نحو 10 آلاف صاروخ، وحتى الى جانب 60 ألف مقاتل حزب الله بحوزتهم أكثر من 150 ألف صاروخ ومقذوفة صاروخية لا يمكنهم بأي حال أن يهزموا إسرائيل عسكريا وإن كان يدور الحديث في حينه عن حرب طويلة أكثر بكثير مع ثمن باهظ بالخسائر وكذا ثمن اقتصادي باهظ للغاية. لكن إسرائيل ستتغلب وستنتصر عسكريا.
لا يوجد، كما أسلفنا، خطر وجودي، لكن يوجد خطر حقيقي لقضم قدرة صمود المجتمع الإسرائيلي. في 7 تشرين الأول (أكتوبر) انهار عقد الدولة مع مواطنيها، والذي في مركزه واجب الدولة لضمان أمنهم الجسدي. دولة إسرائيل قامت كي تضمن أن يكون مكان واحد في العالم يمكن لليهود فيه أن يتمتعوا بهذا الأمن. للسيادة يوجد ثمن. نحن نكون مدعوين من حين الى آخر لأن نقاتل في سبيل الحق في الوجود في بلادنا. أن نقاتل نعم. أن نذبح لا. لكن هذا حصل. ومن هنا عمق الصدمة ومظاهر القلق.
في كل أبعاد التحدي: مصير المخطوفين، ردع إيران وحزب الله، الزمن والشرعية لاستكمال المهام ومسألة "اليوم التالي"، يوجد للولايات المتحدة دور مركزي، وأحيانا دور حرج، لمجرد تحقيق أهدافنا. إسرائيل هي دولة سيادية، وحتى الولايات المتحدة لا يمكنها أن تملي على إسرائيل كيف تعمل. لكن يدور الحديث عن أهم أصدقائنا وعن رئيس التزامه بأمن إسرائيل عميق ومستقر. فهو يطلب من حكومة إسرائيل أن تنظر بمسؤولية وبوعي الى الوضع وأن تتخذ القرارات. قرارات ترتبط بأرض الواقع، ليس فقط بالدم الذي يغلي وعن حق. أو بدوافع وأماني بعض من زعمائنا.
الكثير من الفرضيات التي اتخذها نتنياهو انهارت هي أيضا في تشرين الأول (أكتوبر) انهارت فرضية أن "حماس هي ذخر والسلطة هي عبء". انهارت فرضية أنه وجد الطريق للسلام مع العالم العربي، في ظل تجاهل الفلسطينيين. انهارت فرضية أنه يمكن الاستخفاف والخداع للولايات المتحدة مثلما فعل نتنياهو لأوباما وبايدن. انهارت فرضية "سيد الأمن" الذي يتحدث 15 سنة عن إسقاط حماس ووجد نفسه يوجه 1.5 مليار دولار لحماس والآن أمام أفظع النتائج. انهارت أيضا فرضية الزعيم من "مصاف آخر". لقد أخطأ الرجل الظن بالسنوار، وببوتين، وبأوباما، وبترامب والآن يخطئ ببايدن.
في الوضع العادي كان معقولا أن توثق إسرائيل العلاقات مع الولايات المتحدة وتعمل معها بانسجام قدر الإمكان، في محاولة لحل موضوع المخطوفين وإنتاج زمن وشرعية لاستكمال الأهداف وأن تجري لهذا الغرض مباحثات مع الولايات المتحدة ومع الجيران العرب على مخطط "اليوم التالي"، الذي الى جانب ترتيبات أمنية تلبي مطالبنا يحتمل أن تقام قوة عربية تنقل قطاع غزة بالتدريج الى السلطة الفلسطينية التي يتعين عليها أن تكون معززة وتثبت أهليتها. غير أنه ليس الولايات المتحدة وليس الشركاء في المحور المعتدل سيعمقون مثل هذا الحوار دون أن يقتنعوا بأن إسرائيل مستعدة لفصل جديد من محاولة الدفع قدما بتسوية سياسية مع الفلسطينيين، حتى وإن كانت متدرجة لسنوات ومع علامات طريق ملزمة.
الحكومة الحالية مشلولة عن العمل بمنطق. وجود سموتريتش وبن غفير في الحكومة يسد الطريق أمام إمكانية البحث مع الولايات المتحدة في الحلول القابلة للتحقق ويؤدي الى احتكاك خطير معها وإلى خطر على عموم اتفاقات السلام والتطبيع. سموتريتش وبن غفير في الحكومة لأن نتنياهو يعنى ببقائه الشخصي وبإنقاذ نفسه من محاكمته. القرار الذي يلوح في الأفق للعمل في ظل تجاهل موقف الولايات المتحدة من شأنه أن يتبين كبقاء للأجيال ويعرض للخطر مكانة، قوة وحرية عمل إسرائيل. الوصف كله، يبدو هاذيا، لكن هذا هو الوضع. ومحظور أن يستمر.
إن القتال في الميدان يتقدم كما ينبغي، لكن الحكومة ورئيسها لا يكادان يؤديان مهامهما. فموضوع المخطوفين يلفه ضباب كثيف ويبعث على القلق. وموضوع الزمن والشرعية يداران دون إنصات للعقل السليم وبفائض إنصات للمظاهر. موضوع "اليوم التالي" مدحور ويثير خطابا فارغا سيضطر لأن يتراجع أمام الواقع أو أن يؤدي بإدارة الحرب الى طريق مسدود. رئيس الوزراء يتصرف كمن هو ليس مؤهلا للتحدي. مشغول "باليوم التالي" السياسي. يغرد في الليالي ضد قادة جهاز الأمن، يجمع البروتوكولات ويستخدم "آلة السم"، يدور في النهار كمدمن على "التقاط الصور" في الوحدات العسكرية التي لا تريد حقا أن تراه. يقصون الاحتياط وينزعون السلاح عن الجنود النظاميين. فهل يحتمل أن يكون هؤلاء المقاتلون، المطالبون بإعطائه الثقة لدرجة المخاطرة بحياتهم بعد ساعة من زيارته، يكتشفون بأنه ليس لرئيس الوزراء حتى ولا ذرة ثقة - بهم؟