وجهة نظر :
في أوليّة زيارة سيادة الرئيس أحمد الشرع إلى فرنسة.. أي دلالة، وأي توظيف..؟؟
زهير سالم*
من المتوقع أن يكون سيادة الرئيس أحمد الشرع قد وصل سحابة اليوم إلى فرنسة، وحل ضيفا على قصر الإليزية…
ترتيب الزيارة الرسمي، ومنح الأولية لجمهورية "ماريان" الفرنسية بتجلياتها متعددة الوجوه، ليس أمرا يأتي مصادفة أو عبثا..
صحيح أن العالم اليوم يدار، بعقول جديدة، وسواعد جديدة، إلا أنه ما يزال يحتفظ ببعض القواعد التقليدية، للأمور التي لا يراها تستحق النزاع عنها.
في تصورنا إن اختيار باريس لتكون المحطة الأوربية الأولى لزيارة الرئيس الشرع لم يكن بعيدا عن نظر الأمريكي، ولا القرار الأوربي، وهذا ما يجب أن يكون حاضرا في خلفية ملف الزيارة..وخلفية تفكير معديه.
بالنسبة لكل أولئك الذين ذكرتهم، فسورية منذ الحرب العالمية الأولى، ومنذ سايكس بيكو كانت في العهدة الفرنسية.
وعند هؤلاء أيضا ففرنسة هي الأعلم والأخبر وهي الأولى كذلك. وبالنسبة لهم ثالثا فإن النموذج العلماني الفرنسي، الأكثر إيغالا في القطيعة مع الله والدين وانحيازا لمدرسة "شارلي ايبدو" هي الأقدر على تلقين دروس الانخلاع والخلاعة معا. أو على اشتراط التمسك ببنودها.
تذكرون في أواخر القرن العشرين، كيف دعا الرئيس الفرنسي جاك شيراك بشار الأسد وهو مجرد من أي وصف بروتوكولي في سورية، إلى قصر الإليزية، ثم كان عرابه لدى سائر دول الاتحاد الأوربي..
وتذكرون.. وبعدما تجرأ بشار الأسد على اغتيال، رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري، وتحرك جمع غفير من دول العالم طلبا للحساب والقصاص… كيف التقى بوش الابن بالرئيس الفرنسي ساركوزي.. فأقنعه الثاني أنه الأولى بالملف السوري، وأنه سيتعهد بترويض الأسد، وكيف دعا الرئيس ساركوزي بشار الأسد، إلى قصر الإليزية تحت شعار "المتوسطية" بينما كانت يدا بشار ملطخة بدم الحريري وما تزال. ربما يجدون في ملفات المخابرات الأسدية، ما يثبت الجريمة على مرتكبها!!
بعد شفاعة ساركوزي لبشار الأسد دخلت سورية في مرحلة الإحماء العملي للثورة، التي كلف بقيادة ملف التدمير فيها الوصي القاصر، والذي قرأت عنه بالأمس لنائبه الأكبر منه، يصفه بأنه كان سيكوباتيا!! أي معتل أو مختل نفسيا وعقليا، وتساءلت عندما قرأت هذا التوصيف؛ هل يعتذرون لأنفسهم أو يعتذرون عنه!!
أستحضر هذه الملفات وأنا أتابع ملف الزيارة التي يقوم بها السيد الشرع ووزير خارجيته لفرنسة. وإذا كان الرجلان أمينين عندنا نحن أبناء السواد العام في سورية، ولا نشك في أمانتهما وفي حرصهما فإننا نرجو أن تتوفر لهما مناطات القوة أيضا…
حريصون على إنجاح الزيارة مع الجمهورية الفرنسية.. وأن ندرك أن النجاح هنا يترتب عليه ما بعده على أكثر من مستوى..
حريصون على أن تكون كل أبعاد الموقف حاضرة في عقول وقلوب الزائرين وفي أوضح أبعادها، وأن يكون التعاطي حاضرا..
حريصون على أن نبلغ الدولة الفرنسية الموقف الايجابي مع رقاقة رقيقة أن جيش الشرق في سورية قد طوى أعلامه، وأن على الفرنسيين أن يتعاملوا مع سورية جديدة…يقودها الشعب السوري نفسه، وأن ممثله العملي اليوم هو هذه الإدارة الجديدة التي ندعو الله لها بالرشد والتسديد.
وقديما قالوا: أرسل حكيما ولا توصه، ونظن في حاملي رسالة الشعب السوري الحكمة والسداد والرشاد
لندن: 9/ ذو القعدة/ 1446
7/5/2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي