الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : كل أكيتو ونحن بخير

وجهة نظر : كل أكيتو ونحن بخير

05.04.2025
زهير سالم



وجهة نظر :
كل أكيتو ونحن بخير

زهير سالم*
احتفلنا أول أمس بعيدنا الشرعي في يوم الفرح بالنسك والعبادة.
واحتفلنا بالأمس في الأول من نيسان، كما في كل عام، باستقبال يوم عيد الطبيعة، ورأس التقويم الأول في تاريخ الحضارة الإنسانية 6775 سنة..
نحن - جميع السوريين أقصد- عشب هذه الأرض..ورثناها كابرا عن كابرا...
وكل من نزل بنا صبغناه واصطبغنا به. والمفهوم العام للتداول الحضاري أن لكل عصر لبوس...
ستة آلاف وسبع مائة وخمسة وسبعون عاما، على عيدنا في واحد نيسان.. عيد الحياة والخصب والأمومة والطبيعة...أكيتو
أقدم تقويم في العالم . بل أساس التقويمات العالمية، بما فيها التقويم الغريغوري. بدأ هنا!! كانت الشعوب تحتفي بدورة الشمس، ودورة الدفء، ووعد الخصوبة، ووعد الأمومة...وكل ذلك يختصره عيد أكيتو...
كان "أكيتو" يوم عيدنا. ومعنى العيد كما نص عليه الراغب الأصفهاني في كلمات القرآن: هو يوم اجتماع الناس لفرح أو لغيره. ومعنى "المأتم" كما نص عليه ابن قتيبة في أدب الكاتب "مكان اجتماع الناس لحزن أو لغيره" .وأخطر شيء يفعله بعضنا، أن نلقي على الألفاظ عباءات شرعية فنحجر معانيها.
دأب الفقهاء على القول: الحج لغة هو القصد، وشرعا هو قصد البيت الحرام..... الصوم لغة هو الإمساك. وشرعا هو الإمساك عن الأكل والشرب ونحوهما من إلى.. وكذا نقول: العيد لغة هو يوم اجتماع الناس لإظهار فرح ونحوه. وشرعا هو يوم فرح مخصوص بعبادتين مخصوصيتين. إحداهما تقع بعد الصوم، والأخرى يقع بعد الحج. ويعرفان بيوم الفطر ويوم الأضحى. وهذا لا ينقض ذاك ولا يضاره ولا يصادره...
قال شاعرنا بالأمس فصفقنا: دمشق لنا إلى يوم القيامة. وعلى نهجه أقول وهذه الأرض لنا منذ كانت موطن العمارة لأبوينا...لا يحتكرها ولا يحتجزها إلا باغ أو ظالم.
ستة آلاف وسبع مائة وخمسة وسبعون، عاما ونحن هنا، كلنا كنا هنا، كلنا سنبقى هنا.. في سورية الشامية وحدها ثلاث مدن لا أول لها : بمعنى لا تسأل عنها متى بنيت، ولا تسأل عمن بناها: دمشق وحلب وحماة ...
بدون نرقزة ولا عنطزة.. كل أكيتو والسوريون كل السوريين وكل العراقيين وكل المصريين بألف خير...!!
التحدي الأكبر أمام فرعنا الذي ما زال يلبس عباءة جدنا الأول، لا تنس أنها عباءتنا كلنا، فلا يليق أنك تدعيها، وتزهو علينا!! من البغي أن يظل البعض يلح على الخصوصية، فالإلحاح على الخصوصية يستدعي النفور، ويوحي بالاستعلاء.. ولكن التأكيد على المشترك مشترك...
السريانية بدأت وستبقى ثقافة حاضرة في أسماء مدننا وبلداتنا وقرانا وكثير من لحن قولنا...
لنعتز معا، ولنفخر معا، بدلا أن يبغي بعضنا على بعض.
لو كنت أعرف كيف أقول: كل أكيتو ونحن بخير وحرية لقلته... بالسريانية.
أحكي لكم هذه الحكاية كان عندنا في كلية اللغات من جامعة حلب أول ما دخلناها أستاذ للغات الشرقية اسمه أحمد قاسم أستدعي الرحمة له. مع أنني اخترت المضي مع اللغة الفارسية، إلا أنني ظللت أحضر حصصه ما استطعت. في أول العام قال سأقرأ عليكم نصا من اللغة السريانية، مع تحريف بسيط لتخبروني إن كنتم ستفهمون!! وقرأ نصا سريانيا لقصة صغيرة، فما أظن أنه فاتنا من معانيها شيء!!
الذي لا يعجبه كلامي يصطفل، ولكني تعبت عن احتمال التنغيص، فاعذروني..كان في حينا سمان عنده لوحة نقش عليها: الدين ممنوع واللي بيزعل كيفو...
أنا أراهن على الذي تريدون، إن لم تكن لفظة كيفو من لغتنا السريانية...
 
لندن: 3/ شوال/ 1445
2/ نيسان/ 2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي