الرئيسة \  مشاركات  \  الوقت السوري الذي يضمحل كقالب الجليد

الوقت السوري الذي يضمحل كقالب الجليد

10.05.2025
يونس قاسم



الوقت السوري الذي يضمحل كقالب الجليد
يونس قاسم
السوري المتمسك بهويته الوطنية والحريص عليها، يمثل الشعب السوري بكل مكوناته، ولو كان فرداً وحيداً منتمياً بالولادة لمكون سوري صغيرأو كبير . لذلك تنصرف عبارة حلف الأقليات، لتحديد هوية أولئك الذين انصرف سعيهم وانتماؤهم لخدمة مكون أثني أو مذهبي أو ديني على حساب الوطن السوري الذي يجمعنا .
وعليه فإننا لا نرى تعبير حلف الأقليات يشمل : الأكراد ولا من بحكمهم على الصعيد الثقافي، ولا يشمل المسيحيين ولا اليهود ولا من بحكمهم على الصعيد الديني، ولا يشمل الموحدين ولا الإسماعيليين ولا العلويين، ولا من بحكمهم على الصعيد المذهبي .
لقد مرت سورية الوطن بأزمات شديدة عبر تاريخها الطويل، ليس أولها تقسيم الوطن العربي لدويلات وفق اتفاقيات سايكس ـ بيكو في نهاية الحرب العالمية الأولى، وليس أخرها ـ على مايبدو ـ ستين عاماً من استنبات فطر الطائفية السام على جسد المجتمع السوري، لتمزيق ما تبقى من سورية وتحويلها لكانتونات طائفية،على يد أدعياء (الوحدة والحرية والإشتراكية) من الطائفيين، والذين كان المجرم حافظ الأسد أكثرهم إيغالاً بالطائفية، الذي عمل جاداً ولعقود لبناء وطن مفكك ضعيف هزيل، ينهشه الفقر والتخلف والخوف، بمواجهة سلطة طائفية وجيش إجرامي،لا علاقة لهما بكلمة وطن، فاستبيحت دماء السوريين وكرامتهم ووجودهم الإنساني والبشري، على أيدي جيش دمَّر سورية وهجَّر الملايين من شعبها، وقتل الملايين بقيادة بشار الأسد خليفة المجرم الطائفي حافظ الأسد، وصاحب عهده وأمين وصيته في إبقاء السوريين في حالة صراع وتوتر طائفي، لمنعهم من قولة كلمة لا، في وجه الاستبداد والاستعباد والتقزيم .
وإن ما نلمسه من التقاطعات بين جمهور المعلقين على ما ينشره بعض أبناء الأقليات السورية، يعكس حقيقة أن غالبيتهم العظمى ضد بناء دولة وطنية ديمقراطية، ولو على مقياس إيزو البريطاني، لأنهم تذوقوا ثمرة حكم حلف الأقليات، ويعرفون - صغاراً وكباراً - أن مطالبهم ومصالحهم كانت تمشي في دوائر الدولة برفق وآمان، وأنها ستجد طريقها للإستجابة ولو تأخرت قليلاً .
ونحن الشعب السوري كنا نرى ونسمع، ولكن بإدراك سطحي لما نرى ونسمع من تجاوزات تطال كل القوانين والأعراف الوطنية، وخاصة على المستوى الاقتصادي والسياسي، وكنا نرد ظاهرة الفساد المستشرية على الصعيد الوطني لفساد عائلة الأسد، دون التعمق في دراسة هوية المستفيدين وهوية دافعي ثمن ذلك الفساد، ولو فعلنا ذلك لتوصلنا لحقيقة صادمة، تعكس عمق الفساد ودلالاته على الصعد المجتمعية والاقتصادية والأمنية وأبعاده المستقبلية .
نعم كنَّا كسوريين ننظر للشبهات بحسن نية، بل ونقمع كل دعوة للتبصُّر بما يجري في الوقع، ومنذ الاستقلال المنقوص الذي تم عام 1946، والذي قال فيه المرحوم شكري القوتلي : فكرت بحل هذا الجيش وتشكيل جيش وطني بدلاً منه، لأنه من بقايا جيش الشرق الذي بنته فرنسا بغالبية من الأقليات، مروراً باستقالة لؤي الأتاسي رئيس مجلس قيادة " الثورة " في تموز 1963 على خلفية المجزرة بحق الضباط الذي حاولوا الإنقلاب على سلطة البعث، التي استأثرت بالسلطة على حساب الضباط الناصريين، الذين كانوا الثقل العسكري في إنقلاب الثامن من آذار 1963، الذي كان هدفه المعلن هو إعادة الوحدة بين سورية ومصر، وانتهاءً بملحمة تسريح ضباط الجيش العربي السوري بتهم متعددة، أولها تهمة الإنفصال ثم تهمة الناصرية، ثم تهمة بعث العراق، إلى أن تمَّ تحويل الجيش العربي السوري، لجيش سلطة لاعلاقة لها لا بسورية ولا بالعروبة .
 ولازال كثير من السوريين وحتى اليوم، يعتقد بأن الغمة قد زالت برحيل الأسد، وأنَّ ما يجري على الأرض في المناطق الثلاث، ما هي إلا أعراض ثانوية، سيتم تجاوزها بالمعالجة المتأنية والرحيمة .
وربما يعتقد الثورجية والقومجية السوريون، أن ظاهرة الهجري ومن حوله في السويداء ومايتبعها ثقافياً و وصولاً للداخل الفلسطيني ...إلخ، وظاهرة غياث دلة ومقداد فتيحة ومحمد محرز جابر، وفصائل سهيل الحسن، في الساحل السوري، وأذرع حزب العمال الكردستاني التركي في سورية، والمرتبطة بشخص الطائفي جميل بايك مندوب الولي الفقيه لدى الحراك الكردي العام،هم فقط متخوفون من حكم إسلامي متشدد،، ويحتاجون فقط لتطمينات !!!!
والحقيقة أن سبب خوفهم،هو ماحدده رئيس الجمهو رية السيد أحمد حسين الشرع من أهداف لبناء دولة ديمقراطية حقيقية، يسود فيها دستور وقوانين وانتخابات حقيقية، تكون السيادة فيها للشعب السوري، بما فيه من مكونات أثنية ومذهبية وطنية، وهذا الخوف هو ما جمعهم في جبهة آل الأسد الطائفية منذ تأسيسها، وكان لهم كثير من المغانم على حساب باقي الشعب السوري المغلوب على أمره، باستثناء بعض الذيول الذين يقودون بعض المواقع شكلياً، أو شركاء اقتصاديين في مشاريع كبيرة،ليس لهم منها إلا الفتات والإسم .
وعليه أن ما يجري في سورية، هو أن حلف الأقليات متكاتف ومتضامن ويخوض معركة مصير انسجاماً ووفاءً لتحالفه مع حافظ وبشارمن بعده، وما ابتعاد بشار عن قيادة الحلف مباشرة ومن داخل سورية، إلَّا لتأكيد شعار مطروح من الحلف ( الأسد أو نحرق البلد ) والذي يهدف لتكريس فهم ذو بعد دولي يقول : أن سورية لايمكن أن تنتظم كدولة إلا بتحالف القوى الطائفية . ولهذا السبب خرج بشار هارباً، بعد أن كلَّف جنود حلفه الأقلوي، بفتح جبهاتهم التي نسمع ونرى معاركها، حيث تبادل الأدوار بين الجبهات يتم وفق وتيرة مدروسة ومنظمة،وعلى نفس النمط يتم تبادل الأدوار داخل الجبهة الواحدة، بين متظاهرين بالرفض وبيع الشعارات الوطنية وحسن الانتماء، وبين غلاة القتلة والمجرمين من حملة السلاح في حلف الأقليات،ومعهم رعاة الحلف الأقلوي السوري الذي تكون قبل عام 1963، والهدف لدى الجميع في المرحلة الراهنة هو :
1 ـ إشغال القيادة الوطنية السورية بمنازعات وتوترات متتالية، لتعطيل إنفاذ العدالة الإنتقالية وتمتين بناء الدولة .
2 ـ إنهاك القيادة واستنفاذ قواها ومواردها المحدودة في مواجهة تلك الذيول .
3 ـ تيئيس الكتلة العظمى من الشعب السوري،من سياسات القيادة الثورية، وفرط عرى تماسكها وتضامنها مع قيادة الثورة.
4 ـ تفكيك الجبهة الشعبية الثورية السورية الملتفة حول قيادة الثورة، بدفعهم وبسبب قلة الإنجازات، وضنك المعيشة،للإنصراف عن قيادة الثورة، لتأمين ضروريات الحياة لعوائلهم .
5 ـ وبذلك يحقق الحلف الأقلوي هدفه في عزل قيادة الثورة عن الشعب السوري، لتقف عارية بلا جمهور وازن، بمواجهة حلف الأقليات ومن خلفه الكيان وماهو أبعد من الكيان .
6 ـ وبعد استكمال عدة التسليح والتدريب وتأمين كل مقومات النجاح ـ التي كان العمل قائماً عليها من أيام حافظ، ولازال حتى اليوم ـ ووصول قيادة الثورة للوضع المزري المرسوم لها .
7 ـ آنذاك تكون قيادة حلف الأقليات في الداخل السوري وفي الخارج، قد أصبحت جاهزة لإطلاق كل الحلفاء ووفق المخططات المرسومة،وتحت شعار " تحرير سورية من الإرهاب "، وستكون مجازر بحق الشعب السوري، سنحسد اليهود على رحمة هتلر بهم، وستكون هجرات لم يشهدها التاريخ، وستمتد المجازر على كل الساحات الخضراء، وقد تنسينا ماجرى ويجري حتى اليوم .