الرئيسة \  في وداع الراحلين  \  الأخ الداعية المهندس محمد نور سويد في ذمة الله

الأخ الداعية المهندس محمد نور سويد في ذمة الله

14.08.2024
زهير سالم



في وداع الراحلين
الأخ الداعية المهندس محمد نور سويد في ذمة الله
زهير سالم*
وصحبتنا تمتد على مدى أكثر من نصف قرن..
أول كتاب قرأناه معا كان لشيخنا ومعلمنا الراحل الكبير الشيخ عبد الله علوان رحمه الله تعالى وجعل الخير في عقبه إلى يوم الدين "حتى يعلم الشباب.."
أفاجئكم بأمر وأنا أودعه وداع راحل؛ ولم نكن دائما أنا وأخي محمد نور متفقين..
وكنا كلما اشتد الخلاف على أمر بيننا أكتب له أو يكتب لي: أما علمتَ يا حبيب!! أما قرأتَ يا حبيب!! كيف تقول: يا حبيب!! كيف تنقل وتروج يا حبيب!!
أما على الأسس فنعم، وأما على الكثير من الطرائق والأساليب…فقد كان تاج علاقتنا: يا حبيب..
فكيف فعلتها اليوم يا حبيب؟؟ ترحل وتترك حبيبك في وهدة، وهو أحوج ما يكون إلى حبك!!
وكنا حتى آخر منشور تلقيته منه؛ أو أرسلته إليه مثل طفلين في المدرسة الابتدائية، نختصم ونصطلح في ساعة واحدة ثلاث مرات.. لعله هكذا يكون الحب أيها الحبيب الألد..
يغمرني بنقده، ويغمرني بمختاراته، ويغمرني بمجموعاته التي يؤسسها على الواتس..
قال لي يوما: مجموعة للخط الجميل، أجبته أنا الذي كان يضرب به المثل بالخط المفشكل، وإن خطي لأسوأ من خط الرافعي، وكم فرحت عندما علمت أن خط الرافعي لا يقرأ!! فقال فقط لتتأمل..
قال لي:مجموعة لتنسيق الزهور!! قلت له وأين نحن في هذه المخاضات مما تذكر، قال لي: هناك عشاق ومهتمون ومولعون نجمعهم ونعطيهم فرصتهم، وتشاركهم بهجتهم..
وسبق أن قال لي: مجموعة للصلاة على النبي- صلى الله وسلم على رسول الله؛ فقلت لا أعرف كيف أقول، فقال لي: هم القوم لا يشقى جليسهم…وإغضبه أمر في مجموعة فاشتق غيرها ومضى، غضوب غير حقود، وأجمل ما يكون الإنسان إذا كان كذلك!!
محمد نور سويد الفتى الحلبي الذي حاز في طفولته بطولة في السباحة..
والذي أصيب في طفولته بمرض أقعده فأخرجه منه صدق الالتجاء إلى الله..
والذي مر بسجون الظالمين فذاق منها ما ذاق..
والذي ظل يذكر مشايخه بلغة من التبجيل والاحترام..حتى يهيج المخالفين!!
والذي كتب في منهج التربية الإسلامية وفي التعريف بالإمام أبي حنيفة، والذي كان يلح على أفكاره في أهل السنة والجماعة، ونقد المخالفين فيقسو عليهم، غيرة على ما يعتقد أنه الحق…
أخي الراحل الحبيب أدعو الله أن يتقبلك ويتقبل منك، وأن يغفر لك ويرحمك، وأن يرفع كتابك في عليين..
وما عهدناك إلا محبا لله ولكتابه ولرسوله ولدعوة الإسلام ودعاته..
اللهم إنه وفد عليك فاجعل قراه منك الجنة.
كنت أرجو أن أكون السابق وتكون من يكتب في هذا المقام..
ولكن لم يترك قدر الله لزهير حبيبا يا حبيب..
وخالص العزاء والمواساة لأسرته وآله وأحبابه وإخوانه أجمعين
وإنا لله وإنا إليه راجعون..
لندن: ٨/ صفر/ ١٤٤٦
١٣/ ٨/ ٢٠٢٤
____________
*مدير مركز الشرق العربي