الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العراق..حدود العودة الأميركية

العراق..حدود العودة الأميركية

20.08.2014
دويل مكمانوس



الاتحاد
الثلاثاء 19/8/2014
عندما أعلن أوباما أنه أمر بتحرك عسكري ضد مقاتلي "داعش"، طغى على لغته تركيز على حدود ذلك التحرك؛ حيث قال: إن الأمر يتعلق بـ"ضربات جوية مستهدفة" ذات أهداف محدودة ومسطَّرة بعناية: حماية الموظفين الأميركيين في كردستان وإنقاذ النازحين العراقيين المرعوبين على جبل سنجار. غير أنه سرعان ما كبرت المهمة وتوسعت. وبحلول عطلة نهاية الأسبوع، كان أوباما يتحدث عن "استراتيجية أوسع في العراق"، استراتيجية تروم مساعدة حكومة جديدة ومحسّنة في بغداد على طرد داعش بشكل كامل".
وقال أيضاً: "سنواصل توفير المساعدة والنصائح العسكرية للحكومة العراقية والقوات الكردية أثناء محاربتها هؤلاء الإرهابيين، وذلك حتى لا يستطيع الإرهابيون إقامة ملاذ آمن دائم لهم"، مضيفا "إن هذا سيكون مشروعا طويل الأمد".
عقيدة أوباما، التي تطورت من خلال أسلوب التجربة والخطأ، تقول إن الولايات المتحدة لن تستعمل القوة العسكرية إلا عندما تكون المصالح الأميركية مهدَّدة؛ ولكن استثناءات "المصالح الحيوية" التي أشار إليها أوباما تشمل الإرهاب الدولي وتهديدات أخرى للمواطنين الأميركيين والإبادة الجماعية– وكل هذه الأمور الثلاثة موجودة في العراق.
وبالفعل، فالرهان في هذه الحرب أكبر بكثير من سلامة أميركيين في كردستان (يمكنهم إجلاؤهم)، أو حتى حيوات آلاف الإيزيديين العراقيين معتصمين بجبل (وإن كانوا بالفعل يستحقون الإنقاذ أيضاً). وهنا قال السفير الأميركي السابق إلى العراق "ريان كروكر" محذراً في مقابلة معه مؤخراً إن مقاتلي "داعش "جعلوا... "القاعدة" تبدو مثل فتيان الكشافة"، مضيفاً "إنهم أقوى منها بكثير، وأكثر منها عدداً. ولديهم آلاف (الأعضاء) الذين يحملون جوازات سفر أجنبية ولا يحتاجون لتأشيرات لدخول الولايات المتحدة أو بلدان غربية أخرى... وقد باتوا الآن يسيطرون على مناطق أكبر بكثير مما فعله بن لادن في أي وقت من الأوقات".
وعليه، فأجل، إن أوباما كان على صواب حين تصرف بشكل حازم حتى تحت عقيدته الخاصة التي تقوم على التحلي بأقصى قدر ممكن من ضبط النفس. ولكن عقيدة أوباما تختلف عن استراتيجية أوباما. فهل رسم الرئيس الأميركي أهدافا واضحة في العراق، وطريقا واضحا لبلوغها؟ ليس تماما. فصحيح أن أوباما حدد بعض الخطوات الأولى: فهو يحاول إرغام السياسيين المتصارعين في العراق على تشكيل حكومة أكثر استيعابا لجميع الأطياف من النظام الاستبدادي الكاره للسنة الذي كان يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي؛ ويريد أن تحظى تلك الحكومة الجديدة، التي لم تتشكل بعد، بدعم دولي أوسع، وأن تعيد بناء الجيش العراقي وتحوِّله إلى قوة تستطيع هزيمة "داعش" على الميدان.
غير أنه مازالت ثمة أسئلة مهمة من دون إجابات: فما هو الدور الذي ستقوم به القوات العسكرية الأميركية تحديدا؟ وماذا لو لم ينجح الزعماء العراقيون في تشكيل حكومة أكثر فعالية واستيعابا للجميع؟ ثم ماذا عن سوريا، التي ترسخت فيها "الدولة الإسلامية" قبل أن تمتد إلى العراق؟
الواقع أنه رغم عدم وجود جنود أميركيين على الأرض، فإن أوباما أدخل الولايات المتحدة في رابع حرب لها في العراق، حرب لن تضع أوزارها بسرعة. ومثلما قال الرئيس الأميركي، فإنها مشروع طويل الأمد.
دويل مكمانوس
محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي إنترناشيونال"