الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سيناريوهات الحرب والسلام مع إيران

سيناريوهات الحرب والسلام مع إيران

07.08.2018
عبدالله السويجي


الخليج
الاثنين 6/8/2018
قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن مواجهته مع إيران ولجوئه إلى السلاح الاقتصادي، قوبلت بالإشادات من قبل العديد من المحللين السياسيين الأمريكيين وعدد من مراكز الدراسات، الذين رأوا أن هذه المواجهة المستندة إلى خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وفرض عقوبات على إيران تبدأ في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ستقود إلى انكماش أو انهيار الاقتصاد الإيراني، الأمر الذي سيخلق مشاكل معيشية واقتصادية للشعب، ما قد يؤدي للبدء في عصيان مدني أو مظاهرات تجوب البلاد مثلما حصل منذ فترة وجيزة ويحدث الآن في بعض المناطق.
وتنبع هذه الثقة من نجاح الدبلوماسية الأمريكية مع كوريا الشمالية بحيث أدت إلى البدء بالتخلص من برامجها النووية استجابة للاتفاق، وهذا يجعل الولايات المتحدة تتفرغ لمواجهة إيران بسهولة. ويقول محللون آخرون: إن الرئيس الأمريكي وضع أولوية مواجهة الإرهاب جانباً وتفرّغ لمقارعة إيران والتنافس مع الصين تجاريا، على الرغم من أنه لم يتم القضاء نهائيا على تنظيم "داعش" ولا تزال "القاعدة" تنشط في سوريا والعراق وليبيا وأفغانستان، وكذلك حركة طالبان التي تواجه الجيش الأمريكي في القرى والمدن.
وتزداد المواجهة الأمريكية - الإيرانية اقتصادياً مع توجيه الإدارة الأمريكية تحذيراً لبريطانيا وفرنسا وألمانيا من تجاهل العقوبات المفروضة على إيران والاستمرار في استيراد نفطها، وهو ما سيخلق أزمة جديدة مع أوروبا لن يكون حلها سهلا، خاصة أن صدى الأزمة التي خلقها ترامب في اجتماعه مع القادة الأوروبيين في قمة حلف الناتو ومطالبته الدول الأعضاء بدفع المزيد من الدولارات لتعزيز الحلف، ما زال يتردد صداه، فإذا أضيف التهديد الجديد ستكون الأزمة قد ارتفعت سخونتها، خاصة أن العلاقات الأوروبية - الإيرانية لا تقتصر على استيراد النفط وإنما هناك علاقات مصرفية وتجارية وصناعية وغيرها، فهل سينجح ترامب في الضغط على حلفائه وبالتالي سيقوّض الاقتصاد الإيراني، أم أن أوروبا ستعاند وتتذرع بسياساتها الخاصة؟
إيران من جهة أخرى، تعاند وتكابر وتتصرف وكأن الأمر لا يعنيها بشكل مباشر، فتطلق التهديدات على لسان قاسم سليماني قائد الحرس الثوري، الذي قال إن المواجهة لن تكون مع الجيش الإيراني ولكن مع الحرس الثوري، ويهدد في الوقت ذاته بتعطيل الملاحة في باب المندب ومضيق هرمز، ومنع تدفق 4 ملايين برميل نفط يوميا إلى آسيا وأوروبا والصين، وهذا الإجراء قد يضر بإيران لأن الدول المستوردة ستحتج بشدة على هذا الإجراء وستدخل في مواجهة مع إيران.
ومن جانب آخر لم تستجب إيران لدعوة التفاوض التي وجهها ترامب، وقالت إنه لو كان ملتزماً لما خرج من الاتفاق النووي، وهو موقف لا يشي بأن إيران ستستسلم بسهولة للضغوط.
الطرفان الأمريكي والإيراني يلعبان لعبة شد الأعصاب، لأن الولايات المتحدة لن تدخل في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران إلا إذا شجعت حلفاءها على خوض الحرب ولعبت هي دور الداعم والمؤيد، وإيران أيضا لا تحبذ الدخول في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة أو مع حلفائها لأن النتائج ستكون وخيمة، وقد يتوصل الطرفان الأمريكي والإيراني، بعد إحساس إيران بالخطر المصيري، إلى اتفاق نووي جديد يرضي طموحات وغرور الرئيس ترامب، ويحافظ على إمكانيات إيران، لكن ماذا ستفعل لو طُلب منها وقف دعم حلفائها مثل "حزب الله" في لبنان والعراق والحوثيين في اليمن و"حماس" في قطاع غزة، هل ستضحي بهم وتنجو بنفسها أم ستلعب على الزمن قدر الإمكان لمدة أربع سنوات، أي فترة حكم ترامب، ثم تواصل المفاوضات مع إدارة جديدة.
السؤال الأهم من كل ذلك، ماذا لو نشبت حرب في المنطقة بين إيران والولايات المتحدة؟ هل ستكون حرب استنزاف أم حرباً طاحنة وصادمة، تفقد السلاح الصاروخي الإيراني، بشكل خاص، فاعليته؟ وهل إذا نشبت الحرب ستوعز إيران لحلفائها في لبنان وسوريا بالتحرش ب"إسرائيل" وفتح جبهة على الحدود الشمالية لفلسطين؟
السيناريوهات كلها محتملة، ولا شك أن المخططين الاستراتيجيين واللوجستيين يراعون ذلك، ويدركون خصوصية المنطقة، والجغرافيا التي ستغطيها الحرب، والخسائر التي سيتكبدها الطرفان عسكرياً واقتصادياً وبشرياً.
لهذا، فإن على إيران الدخول مباشرة في مفاوضات مع الولايات المتحدة من جديد، والموافقة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، والالتزام ببرنامجها النووي السلمي، والمساهمة بشكل جدي في نشر الاستقرار في منطقة الخليج، لأن هذه المنطقة تشكل أهمية استراتيجية عالمية وليست محلية فقط، وأي محاولة للسيطرة عليها وعلى الممرات البحرية ستقابل برد أممي كبير.