الرئيسة \  تقارير  \  فاينانشيال تايمز: ما هي لعبة أردوغان المزدوجة بين روسيا والغرب؟

فاينانشيال تايمز: ما هي لعبة أردوغان المزدوجة بين روسيا والغرب؟

14.08.2022
السياق


ترجمات - السياق
السبت 13/8/2022
رأت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا أتاح فرصة أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للعب دور مزدوج، بصفته رجل دولة، وكذلك وسيط سلطة.
وقالت الصحيفة، في افتتاحيتها، إنه صحيح أن الفضل يُنسب للرئيس التركي بتوسطه في الصفقة التي تم إبرامها مع كييف وموسكو، التي سمحت باستئناف شحنات الحبوب من الموانئ الأوكرانية، لكنه حرص في الوقت نفسه على حماية العلاقات الاقتصادية المهمة بين أنقرة وموسكو.
وتابعت: "بعد لقائه الذي استمر أربع ساعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة الماضي، باتت العواصم الغربية تشعر بالقلق من أن يعمل أردوغان على تعميق علاقاته بموسكو في الوقت الذي يقوم فيه شركاؤه في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالعكس، كما يبحث الكرملين عن طرق لتجنُّب العقوبات الغربية المفروضة عليه، ولذا فإن اللعبة التي يمارسها الرئيس التركي تبدو معقدة ومحفوفة بالمخاطر".
وذكرت الصحيفة أن العلاقة بين أردوغان وبوتين، الذي وصفته بأنه رجل قوي ومنافس جيوسياسي، كانت متوترة، لاسيما بسبب أولوياتهما المتباينة في الصراع السوري، أما في أوكرانيا، فرغم إثارة أنقرة لغضب موسكو من خلال تزويد قوات كييف بطائرات هجومية من دون طيار، فإن تركيا لم تعتمد عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا، كما أنها تستمر في شراء النفط والغاز الروسي بالوتيرة المعتادة نفسها، وأبقت أجواءها مفتوحة أمام الطائرات التجارية الروسية، فضلاً عن حرصها على الحفاظ على السياحة الروسية المربحة، التي كانت قد خسرتها عام 2015 بعدما أسقطت مقاتلة روسية فوق سوريا.
وأضافت الصحيفة: "لا تزال النقاط التي اتفق عليها أردوغان وبوتين، في اجتماعهما الذي عُقد في سوتشي، غير واضحة، فقد تحدث بيان مشترك عن زيادة العلاقات التجارية والطاقة وتعميق التعاون في قطاعات تشمل النقل والصناعة والتمويل والبناء، كما قال نائب رئيس الوزراء الروسي إن تركيا ستبدأ دفع جزء من ثمن الغاز بالروبل، ونُقل عن الرئيس التركي -في وقت لاحق- قوله إن خمسة بنوك تركية ستتبنى نظام المدفوعات (مير) الروسي، الذي يفضله السياح الروس في أنقرة بعد أن علقت شركتا (فيزا) و(ماستركارد) العمليات الروسية".
وأشارت الصحيفة إلى أن العواصم الغربية تشعر بالقلق من إمكانية استخدام نظام "مير" للالتفاف على العقوبات المفروضة على موسكو، رغم عدم وجود دليل على موافقة أردوغان على المقترحات الروسية المفترضة، المسربة من المخابرات الأوكرانية، التي تتحدث عن تعميق التعاون المصرفي والطاقة، الذي قد يساعد موسكو في التهرب من العقوبات الغربية.
ولدى أردوغان سبب وجيه لجذب التدفقات المالية الروسية، في الوقت الذي يحاول فيه الفوز بإعادة انتخابه العام المقبل، وسط أزمات ديون وعملة متصاعدة، نتجت -إلى حد كبير- عن سوء إدارته للاقتصاد، إذ بلغت معدلات التضخم أعلى مستوياتها في 24 عاماً عند 79.6% في يوليو الماضي، وانخفضت قيمة الليرة إلى النصف مقابل الدولار على مدى 12 شهراً، حسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أنه رغم عضوية تركيا في "الناتو" فإنها ليست ملتزمة قانوناً بفرض العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا، مضيفة أنه من المرجح أن يؤدي أي تعميق لعلاقاتها الاقتصادية مع موسكو إلى تأجيج الاحتكاكات بالغرب، في الوقت الذي تتباطأ فيه أنقرة بشأن عضوية السويد وفنلندا في الحلف.
ورأت "فاينانشيال تايمز" أن موقف أردوغان يمثل اختباراً لقدرة التحالف الغربي على تنفيذ العقوبات على المستوى العالمي، قائلة إن الفشل في منع تجاوز العقوبات من خلال تركيا، سيجعل من الصعب كبح جماح الأسواق الناشئة مثل الصين، التي كانت -حتى الآن- حذرة بشأن تقديم المساعدة لروسيا.
كان أحد كبار المسؤولين الأوروبيين قد أشار إلى الصحيفة، في مقابلة معها، إلى أن الدول الغربية قد تدعو الشركات والبنوك إلى الانسحاب من تركيا، في حال نفَذ أردوغان التعهدات التي أعلنها –الجمعة- لكن تركيا تعد دولة مهمة للغاية من الناحية الجيوسياسية، وكذلك مهمة بالنسبة للشركات الغربية، كما تشعر القارة بالقلق الشديد من قدرة أنقرة على إغراق القارة بالـ3.7 مليون لاجئ من سوريا وأماكن أخرى الذين تستضيفهم، ومع ذلك، فقد فرضت الولايات المتحدة إجراءات عقابية على تركيا، على سبيل المثال بسبب شرائها نظام دفاع جوي روسي، كما أن هناك خطرًا من إمكانية فرض عقوبات أمريكية ثانوية أخرى.
ونهاية الافتتاحية، قالت الصحيفة: "رغم أنه يجب حساب هذه العقوبات بشكل جيد، لتجنُّب رد فعل داخلي عنيف، يمكن لأردوغان استغلاله، فإنها لا يزال بإمكانها إحداث ضرر يمكنه من تعويض فوائد تعاون أنقرة مع موسكو"، وحذرت أردوغان من المبالغة في تصرفاته، في هذه اللعبة الجيواستراتيجية التي يمارسها.