الرئيسة \  تقارير  \  الدنمارك وبريطانيا.. على مسار الانبعاثات الصفرية

الدنمارك وبريطانيا.. على مسار الانبعاثات الصفرية

16.06.2022
كلير باركر


كلير باركر
الاتحاد
الاربعاء 15/6/2022
تعد الدنمارك والمملكة المتحدة من بين “عدد قليل من البلدان” التي تمضي على المسار الصحيح للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وفقاً للترتيب الذي نُشر الأسبوع الماضي في مؤشر بيئي عالمي رائد. ومن المتوقع أيضاً أن تحقق بوتسوانا وناميبيا هذا الهدف، فيما تتخلف البلدان الأكثر ثراءً والأكثر تقدماً عن الركب. تحتل الولايات المتحدة المرتبة 43 في مؤشر الأداء البيئي، والذي يأخذ أيضاً في الاعتبار قضايا مثل جودة الهواء والتنوع البيولوجي.
ومن المتوقع أن تشكل الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا 50% من الانبعاثات العالمية المتبقية في عام 2050 إذا استمرت الاتجاهات الحالية. قال مارتن وولف، الباحث الرئيسي في التقرير: “ما نراه هو فجوة في المصداقية بين ما تقول الدول إنها ستحققه والسياسات التي تنفذها في الوقت الحالي”. يسجل المؤشر، الذي تنشره جامعتا يل وكولومبيا مرتين سنويا على مدى العقدين الماضيين، الجهود التي تبذلها 180 دولة فيما يتعلق بالصحة البيئية وحيوية النظام البيئي وتغير المناخ. يعتمد الترتيب على 40 مؤشر أداء في 11 مجالاً، بما في ذلك التنوع البيولوجي وموارد المياه والتخفيف من آثار تغير المناخ.
ويدعو “القادة والمتقاعسين” في مختلف البلدان إلى تحقيق الأهداف العالمية. يقدم المؤشر مقياساً جديداً هذا العام لتوقع مدى اقتراب البلدان من تحقيق صافي انبعاثات صفرية، وهو هدف يسمح ببعض الانبعاثات المتبقية التي توازنها مصارف الكربون بحلول منتصف القرن - وهو هدف تم تحديده في قمة المناخ للأمم المتحدة COP26 في اسكتلندا العام الماضي. تعد الولايات المتحدة من بين أقل عشر دول في العالم من حيث احتمالية تحقيق هذا الهدف. وهي تحتل المركز 20 من بين 22 دولة ديمقراطية غربية غنية بشكل عام فيما يتعلق بالأداء البيئي - وهو مركز يعزوه مؤلفو التقرير إلى تراجع تدابير الحماية البيئية في ظل إدارة ترامب، وخاصة الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ وإضعاف قواعد انبعاثات الميثان. قال وولف: “لقد أهدرت الولايات المتحدة حقاً وقتاً مهماً.
وخلال تلك السنوات الأربع، كان أقراننا في الغرب العالمي يحرزون تقدماً”. قال وولف إن توقعات المناخ استندت إلى بيانات من 2010 إلى 2019، لذا فإن المؤشر لا يأخذ في الحسبان سياسات الرئيس جو بايدن المناخية. وقد عاد بايدن للانضمام إلى اتفاقية باريس وأدخلت إدارته لوائح بيئية جديدة. لكنه لم يتمكن من تمرير تشريع طموح بشأن المناخ في الداخل، في مواجهة معارضة الكونجرس.
في مؤشر الأداء البيئي احتلت الدول الأوروبية الغنية المراكز الأولى، حيث جاءت فنلندا ومالطا والسويد بعد الدنمارك وبريطانيا. وقال وولف إن مؤلفي تقرير مؤشر الأداء البيئي “يشعرون بثقة كبيرة” في أن الدنمارك تبذل قصارى جهدها للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية قبل عام 2050 - وربما أقرب إلى عام 2045. تبذل الدولة الاسكندنافية، الرائدة بالفعل في مجال طاقة الرياح، جهوداً كبيرة لتوسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة. ففي أبريل، اقترحت الحكومة فرض ضريبة كربون إضافية على الشركات عالية الانبعاثات.
يعكس مركز بريطانيا المتقدم في القائمة في الغالب الخطوات التي تم اتخاذها خلال العقد الماضي لاستبدال محطات الطاقة التي تعمل بحرق الفحم بالغاز الطبيعي والطاقة المتجددة - وهي خطوات وصفها وولف بأنها “أمور سهلة التنفيذ”. سيتطلب المزيد من التقدم إجراءات أكثر صرامة في السنوات المقبلة، وفقاً للجنة تقدم المشورة لحكومة المملكة المتحدة بشأن سياسة المناخ. كما تفوقت البلدان الأصغر والأقل دخلاً على الولايات المتحدة. صُنفت ناميبيا وبوتسوانا مع الدنمارك والمملكة المتحدة على أنهما الأفضل أداءً في مؤشر المناخ.
ومن المتوقع أيضاً أن تصل إلى الصفر في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050، على الرغم من أن وولف حذر من أن الحفاظ على هذا الاتجاه سيعتمد على كيفية نمو اقتصاداتها.
وقال وولف إن التمويل المناخي الذي وعدت به الدول الأكثر ثراء سيكون مهماً. ويتوقع التقرير أن تظل الصين وروسيا والهند والولايات المتحدة من أهم الدول التي تنتج الانبعاثات في النصف الثاني من القرن. ولأول مرة منذ إنشاء المؤشر، تحتل الهند المرتبة الأخيرة في الأداء البيئي العام. يأتي هذا التقييم في الوقت الذي أعلنت فيه الهند مؤخراً أنها ستعيد فتح مناجم الفحم القديمة وتزيد الإنتاج لمواجهة نقص الكهرباء. وقد تخلفت الدولة عن تعهدها باستخدام 175 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول هذا العام.
وبالمثل، فقد عززت الصين اعتمادها على الفحم، فيما أظهرت دراسة جديدة أنه سيعزز مستويات الميثان. لم توقع الصين وروسيا والهند على التعهد المتفق عليه في COP26 لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. توقع مؤشر الأداء البيئي أن تمثل الصين ما يقرب من 29% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية في عام 2050، تليها الهند بنسبة 11% والولايات المتحدة بنسبة 8% وروسيا بنسبة 5%.
قال وولف إن ألمانيا هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي يُتوقع أن تكون من بين الدول الأكثر إنتاجاً للانبعاثات بحلول ذلك العام، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تحرك البلاد لإغلاق المحطات النووية بعد كارثة فوكوشيما 2011، حيث حل الغاز الطبيعي والفحم محل جزء كبير من الطاقة التي كانت توفرها المحطات النووية في السابق. تواجه العديد من البلدان التي احتلت مرتبة متدنية صراعات وعدم استقرار، ونقص في الأموال.
وقد اتهمت الدول النامية الدول الغنية، التي تتحمل أكبر قدر من المسؤولية عن تغير المناخ، بنقل المشكلة إلى الدول الأفقر دون توفير الأموال الكافية لمساعدة البلدان النامية على تنفيذ سياسات صديقة للمناخ أو القيام بما يكفي لخفض انبعاثاتها.
من المقرر أن يعقد مسؤولون من جميع أنحاء العالم قمة المناخ المقبلة COP27 في مصر في نوفمبر. ويأمل مؤلفو التقرير أن يتمكن المؤشر من تحفيز تغييرات السياسة بشأن التخفيف من آثار تغير المناخ وفي قضايا منفصلة ولكنها ذات صلة مثل حماية الموائل والتنوع البيولوجي.
*كلير باركر
تكتب عن الشؤون الخارجية لصحيفة واشنطن بوست.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة “واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس”