الرئيسة \  مشاركات  \  الاختلال والاحتلال : أيّهما سببٌ ، وأيّهما نتيجة !؟

الاختلال والاحتلال : أيّهما سببٌ ، وأيّهما نتيجة !؟

06.09.2018
عبدالله عيسى السلامة




الاختلالاتُ ، التي تُثقل القلوبَ والعقولَ ، في الأفكار والسلوكات.. تؤدّي إلى أنواع من الاحتلالات ، تُثقل الكواهلَ ، وتحرق الأنفاس ! 
في الحديث الشريف :
يوشك الأمم ، أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة ، إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم ، يومئذ ، كثير، ولكنكم غثاء ، كغثاء السيل.. وليَنزعنّ الله ، من صدور عدوّكم ، المهابة منكم، وليَقذفنّ الله ، في قلوبكم ، الوهن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حُبّ الدنيا، وكراهية الموت !
فهل الاحتلال ، هو نتيجة للاختلال ، دائماً ، أم قد يكون سبباً له ، في بعض الأحيان ، أم هما يتبادلان المواقع ، بين السبب والنتيجة !؟
الضعفُ ، أسبابه كثيرة ، قد تتداخل ، أحياناً ، وقد يكون كلّ منها ، مستقلاّ ، بذاته ! وللزمن ، وما يحمله ، من أحداث وتطوّرات ، أثر كبير، في صناعة الضعف ! وقد يكون الضعف البسيط ، سبباً، في حصول الضعف المعقد، وقد يكون السبب الصغير، سبباً، في نشوء الضعف الكبير! فالضعفُ ، الذي لايعالج ، أو لا يؤبَه له ، قد  يجرّ ضعفاً معقداً ، أو كبيراً ! وقد تكون عوامل الضعف، داخلية، كما قد تكون خارجية .. وقد يَجرّ الضعف الداخلي ، ضعفاً خارجياً ، كما قد يجرّالضعف الخارجي، ضعفاً داخلياً ! وكلما كان التشابك قويّاً ، بين الداخل والخارج ، كان كلّ منهما ، سبباً لصاحبه ، أونتيجة له ! 
وعلى سبيل المثال : ضعف الأمّة الإسلامية ، اليوم ، ليس وليد ليلة ، أو عام ، أو أعوام عدّة ، بل هو نتيجة زمن طويل ، تراكمَ فيه الضعف ، وتغلغلَ في مفاصل الأمّة ..أسهمت فيه ، عناصر كثيرة ، بعضُها سببٌ .. وبعضها نتيجةٌ ، صارت ، مع الزمن المتطاول ، سبباً ، لضعف جديد !
وأسبابُ ضعف الأفراد ، قد تتشابه ، مع أسباب ضعف الأمم والجماعات ، حيناً ، وقد تختلف عنها، في كثير من الأحيان !
فالمرض : ضعف صحّي ، قد يصيب الفرد ، فيؤدّي ، إلى ضعف مالي ، لعجز المريض ،عن الكسب ! ثمّ ، قد يؤدّي الضعف المالي ، إلى ضعف اجتماعي ! والضعف المالي ، ذاتُه ، قد يؤدّي، إلى استفحال ، في الخلل الصحّي ، لعجز المريض ،عن معالجة مرضه .. وهكذا !
أمّا الضعف ، على مستوى الدول والأمم والشعوب .. فتدخل فيه مسبّبات كثيرة ، من أهمّها : ضعف القيادات المؤهّلة ، أو العاجزة ، عن أن تقود الناس ، بحكمة ووعي وشجاعة ! والأمثلة كثيرة ، قديماً وحديثاً ، على أهمّية القائد ، في حياة الأمّة : اجتماعياً ، وسياسياً ، وعسكرياً ..!
ومن مسبّبات الضعف ، أيضاً: تأثيرُ الناس ، بعضِهم ببعض ، في علاقات تبادلية ، في الغالب ؛ فضعف الضعيف ، قد يؤثر في عزم القويّ ، فيضعف ، وقد يجرّ غيره ، إلى الضعف !        
وحالةُ الغُثائية ، التي تعيشها الأمّة ، اليوم ، هي تراكُمٌ ، لأنواع مزمنة ، متشابكة ، من الضعف، على سائر المستويات ؛ برغم وجود أفراد ، ذوي أهليات عالية ، بين صفوف الأمّة! لكنّ السَراة ، الذين يقودون الناس ، مغيّبون ، لأسباب كثيرة ، ومنهم : العلماء ، والساسة ، والعسكر، والوجهاء.. وغيرهم !
 والشاعر يقول :
 لا يُصلحُ الناسُ فوضَى ، لاسَراةَ لهمْ    ولا سَراةَ ، إذا جُهّالهم سادُوا