الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأدباء السوريون

الأدباء السوريون

20.08.2014
عيسى الشيخ حسن



الشرق القطرية
الثلاثاء 19/8/2014
جاذبت صديقي أطراف الحديث عن الرواية السورية، وتساءلنا عمّن يقابل نجيب محفوظ في الرواية المصرية، تحدثنا عن حنّا مينة وفارس زرزور، وتذكرت الروائي الحلبي وليد إخلاصي، فقال لي بالأمس كنّا في سيرته مع أصدقاء، أتعرف أين هو الآن؟ فتوقعت أن يكون ذاك الكاتب الأرستقراطي الذي توحي صورته وهو يمسك بالغليون أن يكون في لندن أو باريس في موسم الهجرة من سوريّة، ولكنه خيّب توقعاتي وقال لي لقد نزح إلى جيبوتي حيث يعمل ابنه موظّفاً هناك.
آلمني الخبر مع احترامي لأهل المكان، ففي هذا الإقليم عاش المهاجرون المسلمون الأوائل إلى الحبشة، وعاش رامبو بعدما زهد الثقافة والأدب، ولكنني حزنت أن كاتباً وروائياً مثل وليد إخلاصي لم يمتلك ترف الخيارات فيختار، وأنه في النهاية وجد من يعيله من أولاده ويسكنه معه في بلاد لم يعتد طقسها المناخي الصعب، وهو ابن الشمال السوري المعتدل، والفضاء الثقافي الثريّ الذي عاشه في حلب، آلمني أن يدفع السوريون ثمناً غالياً للحرية التي زاد عدد المتشائمين بمستقبلها.
طفر الدمع من عين صديقي وهو يرى دهشتي، وتذكرنا معاً روايته الجميلة زهرة الصندل وعوالمها الجميلة التي تذكرك بمائة عام من العزلة لماركيز وتشابههما في الجدّة المعمّرة الشاهد على الأحداث، وقد استطاع أن يعبر من عين الرقيب رغم أنه يتحدث عن موضوع يؤذي ذاكرة السلطات.
في موسم الهجرة والنزوح يتفقد المرء أصحابه ويسأل كلما وجد صاحباً أين فلان؟ وماذا حلّ بفلان، فترى أن روائياً كخيري الذهبي هاجر إلى الخليج، ومسرحياً كنجم الدين سمّان يقيم في الجزائر، وشاعراً كمحمد علاء الدين عبد المولى يقيم في المكسيك، وشعراء آخرين كأديب حسن محمد غادر إلى تركيا ومحمد المطرود وعارف حمزة وكثيرين غيرهم لاجئون في ألمانيا، بغض النظر عن أسماء كثيرة هاجرت قبل الثورة، وأسماء أخرى متناثرة في مصر ولبنان والأردن والدول الإسكندنافية، ودول الخليج. كالحال العراقية قبل سنوات قريبة حيث قضى أهم شعراء البلاد خارج وطنهم " الجواهري ومصطفى جمال الدين والبياتي في دمشق وكمال سبتي في هولندا وسركون بولص توفي في ألمانيا".
البلاد التي تدفع ثمن ما يجري بالتقسيط المريع على حدّ رأي الشاعر السوري إبراهيم الزيدي المقيم في بيروت، هاهي تفقد آثارها وتحفها وفنانيها وأبنيتها الأثرية، البلاد التي تفقد البشر والحجر في تسارع حميم نحو الهاوية، في ظل تجاهل العالم الذي بات المشهد بالنسبة إليه مملاً، إلاّ أنها لا تعدم ضحكة العشب كلّما أمطرت.
لا أعرف عن موقف وليد إخلاصي السياسي، وعن وقوفه مع النظام أو المعارضة، ولا أدري إن كان مجبراً في تصريحاته أوّل الثورة، ولكن الذي أعرفه أن هذا الرجل وغيره هم ممّن تشكلت ذائقتنا الأدبية على نصوصهم.