الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تصريحات متباينة بين أنقرة وموسكو حول “نبع السلام”

تصريحات متباينة بين أنقرة وموسكو حول “نبع السلام”

25.11.2019
منهل باريش


القدس العربي
الاحد 24/11/2019
خفت وتيرة الاشتباكات على حدود تل تمر شرق محافظة الحسكة السورية، خلال الأسبوع الأخير. وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن قوات بلاده بدأت “بتأسيس نقاط تفتيش مشتركة على طريق M4 السريع الواصل بين منبج (غرباً) والقامشلي شرقي سوريا، رداً على تصريحات أطلقها وزير الخارجية التركي، أحمد مولود جاووش أوغلو، حول نية بلاده استكمال عملية “نبع السلام” في منطقة شرق الفرات.
واستغرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تصريحات أنقرة، موضحاً أن السفير الروسي في تركيا تواصل مع المسؤولين الأتراك بخصوص إمكانية استئناف العملية العسكرية التركية في سوريا، وأكدوا له “أن هناك سوء فهم ” موضحين أن أنقرة “لا تشكك في العمل الذي تقوم به روسيا في سوريا”.
وقال لافروف “إن تركيا لن تستأنف عملية نبع السلام في شمال سوريا”.
بدورها، علقت وزارة الدفاع الروسية على كلام جاووش أوغلو، وقال الناطق باسم الوزارة، اللواء ايغور كوناشينكوف: “إن تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، بشأن عدم تنفيذ روسيا لتعهداتها والتهديدات باستئناف العملية العسكرية في شمال سوريا، التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع، يثير الاستغراب لدى وزارة الدفاع الروسية”.
وهدد قائد الدبلوماسية التركية باستئناف العملية في حال لم تلتزم موسكو وأمريكا باتفاق المنطقة الآمنة. وأضاف في رده على أسئلة النواب الأتراك خلال جلسة مناقشة ميزانية وزارة الخارجية التركية في البرلمان التركي، يوم الاثنين الماضي، أنه “في حال عدم التوصل إلى نتيجة بخصوص تطهير شمالي سوريا من تنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” فإن تركيا ستقوم بما يلزم مجددًا كما فعلت عندما أطلقت عملية نبع السلام”.
وعن المخاوف التركية بشأن عدم انسحاب قوات سوريا الديمقراطية “قسد” أشار لافروف إلى أن “الانسحاب سيكتمل تقريباً، والدوريات التركية-الروسية المشتركة في الشمال الشرقي من سوريا تؤكد سريان اتفاق سوتشي المبرم بين الطرفين بما يخص المنطقة”. وعزى تأخر تطبيق بنود سوتشي في بعض المناطق شمال شرقي سوريا إلى “استمرار الولايات المتحدة بالتواجد العسكري في سوريا بالسعي وراء النفط”.
خيار خاطئ
واعتبر لافروف أن تفكير قيادة “قسد” تشكيل “شبه دولة بدعم أمريكي هو خيار خاطئ، خاصة وأن أمريكا تحاول عرقلة الحوار بين النظام السوري و”قسد” مشدداً على أن “الحوار بين الطرفين هو الحل الأمثل لضمان حقوق الأكراد وإزالة المخاوف الأمنية التركية”.
وحول التطورات الميدانية، صرح الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني المعارض، يوسف حمود، لـ”القدس العربي”: “انتهت المرحلة الأولى من عملية نبع السلام، ونسعى إلى ضبط الوضع الأمني بالتوازي”. وعن إشارة وزير الدفاع التركي إلى نشر نقاط تفتيش، أضاف حمود: “نشرنا نقاط تفتيش عسكرية بين الجيش الوطني والجيش التركي بهدف تسهيل عودة اللاجئين إلى بيوتهم والتي غادروها مع بدء العملية العسكرية. وتهدف تلك النقاط إلى تفتيش سيارات العائدين وتأمين سلامة المدنيين”. واتهم “قسد” بتفخيخ سيارات بعض المدنيين من دون علمهم، وقال “لدينا معلومات استخباراتية ومعلومات من الخلايا المعتقلة أن تنظيم PYD مستمر بمحاولة إشاعة الفوضى عبر الاغتيالات والتفجيرات في المناطق التي طردناه منها سابقاً والمناطق التي سيطرنا عليها حالياً”.
وتدلل خريطة السيطرة الحالية بعد عملية “نبع السلام” أن طريق حلب – القامشلي (M4) خارج منطقة السيطرة التركية، حيث تتمركز عليه قوات النظام بشكل رئيسي، في حين تتواجد قوات المعارضة على بعد 200 -500 م منه. وهذا باستثناء بعض المناطق التي تسعى تركيا إلى فرض تواجدها عليه كأمر واقع بذريعة تأمين منطقة تل أبيض – رأس العين، من هجمات “قسد” أو إرسالها عربات مفخخة إلى المناطق التي سيطرت عليها بعد انطلاق المعركة في 9 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
على صعيد آخر، تستمر واشنطن في إرسال تعزيزات عسكرية إلى منطقة نفوذها التي انكفأت إليها، شرقي دير الزور والحسكة. وأشار مسؤول في الإدارة الذاتية عن منطقة دير الزور، في اتصال مع “القدس العربي” إلى أن “وجهاء وعشائر منطقة دير الزور يجمعون على رفض دخول النظام إلى منطقتهم” وأكد اتخاذ القوات الأمريكية “قواعد إضافية بالقرب من النهر وفي المناطق النفطية”. وحول حصول تغيرات فيما يتعلق بالنفط، لفت إلى أن الأمور “بقيت على حالها ولم يحصل أي تغيير، سواء على مستوى دورة استخراج النفط أو بيعه”. وختم المسؤول: “تلقينا تطمينات من المسؤولين الأمريكيين في وزارتي الخارجية الأمريكية والدفاع بأن القوات الأمريكية باقية في المناطق النفطية بهدف عدم السماح لداعش الاستفادة منها” ونوه إلى  “زيادة نشاط خلايا التنظيم مؤخرا في المنطقة بشكل كبير”.
وتسعى روسيا إلى ملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأمريكي وإعادة الانتشار شرق الفرات حيث دخلت وحدات عسكرية روسية إلى قاعدة صرين العسكرية على الطريق بين منبج وعين العرب كوباني، وبدأت بتجهيز القاعدة العسكرية هناك. وهو الانتشار الروسي الثاني في المنطقة بعد التعزيزات في مطار القامشلي. وأنشأت القوات الروسية مركز مصالحة روسياً قرب قاعدة صرين العسكرية، حسب مصادر محلية اتصلت بها “القدس العربي” إضافة إلى إرسال أعداد إضافية من الشرطة العسكرية الروسية إلى المنطقة.
على صعيد اللاجئين، أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، أن بلاده اتفقت مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على عقد القمة الرباعية حول سوريا على هامش قمة حلف شمال الأطلسي “ناتو” المقرر عقدها في لندن يومي 3-4 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وأضاف أن الاجتماع سيكون على مستوى القادة وأن جدول العمل “سيتناول عملية نبع السلام، وعودة اللاجئين، وإنشاء منطقة آمنة، وما الذي يمكن عمله بشأن العملية السياسية المقبلة”.
ويشار إلى أنها المرة الأولى التي يحصل فيها خلاف في التصريحات بين روسيا وتركيا منذ بدء عملية “نبع السلام”. ومن المحتمل أن يتصاعد الخلاف بسبب مناورة “قسد” في جوار المنطقة والتي أضحت تقاتل تحت راية النظام السوري. وهو ما سيعقد المسألة ويصعّب على روسيا إدارة الملف هناك، بحيث تبقى قادرة على الحفاظ على التوازن بين الأطراف المتحاربة.