الرئيسة \  واحة اللقاء  \  المنطقة الآمنة بانتظار اجتماع أردوغان وترامب.. و"حرييت" تتحدث عن اختلاف على العمق

المنطقة الآمنة بانتظار اجتماع أردوغان وترامب.. و"حرييت" تتحدث عن اختلاف على العمق

15.09.2019
جابر عمر وعدنان أحمد


إسطنبول
العربي الجديد
السبت 14/9/2019
يستمر الغموض بشأن المضي قدماً في تطبيق المنطقة الآمنة شمالي شرق سورية، وسط تصريحات متناقضة يشير بعضها الى توافق تركي أميركي على تطبيق الاتفاق بين الجانبين الذي جرى التوصل إليه في مطلع أغسطس/ آب الماضي، فيما يحذر المسؤولون الأتراك من أن أنقرة ستتحرك منفردة لتطبيقه حتى نهاية الشهر الجاري، في حال وجدوا مماطلة من الجانب الأميركي.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية شون روبرتسون، إن تعاون بلاده مع تركيا بشأن المنطقة الآمنة في سورية يسير بشكل جيد. وأضاف في تصريح لقناة "الحرة" الأميركية أن مسؤولين عسكريين أميركيين من القيادتين الوسطى والأوروبية بحثوا مع الجانب التركي في "النجاحات" التي أُحرزت حتى الآن لتنفيذ الآلية الأمنية وإقامة مركز عمليات مشتركة.
وبشأن تفاصيل عمق المنطقة الآمنة ومساحتها، التي يختلف بخصوصها الجانبان الأميركي والتركي، قال روبرتسون إنها ستعتمد على الأوضاع على الأرض، حسب تعبيره، مؤكداً أن الحوار "هو الطريقة الفضلى لمعالجة الهواجس الأمنية التركية". وشدد المسؤول الأميركي على أهمية الشراكة مع "قسد" في قتال تنظيم "داعش"، ووصف تلك الشراكة بأنها "راسخة ومستمرة".
وكانت المروحيات التركية قامت أمس الخميس بطلعة جوية رابعة، مع المروحيات الأميركية، في أجواء شمالي سورية، في إطار المرحلة الأولى من إنشاء المنطقة الآمنة على طول الحدود.
وذكرت وكالة "الأناضول" أن أربع مروحيات تركية وأميركية أقلعت من مركز العمليات المشتركة في قضاء أقجة قلعة بولاية شانلي أورفة التركية، لتنفيذ جولة التحليق المروحي المشترك الرابعة، وذلك بعد انسحاب "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) من المنطقة.
ولا تزال تفاصيل المنطقة الآمنة مجهولة حتى الآن، فيما يواصل المسؤولون الأتراك توجيه الانتقادات للجانب الأميركي بالمماطلة في تنفيذ الخطوات المتفق عليها لإنشائها. وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي، أن بلاده مصممة على إنشاء المنطقة الآمنة قبل نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الحالي، ولو من جانب واحد.
من جهته، أعلن "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) أنه نفذ من جانبه كل ما يترتب عليه بموجب اتفاق المنطقة الآمنة بين الجانبين الأميركي والتركي. وقال الرئيس المشترك لـ"مسد" رياض درار، اليوم الجمعة، إنهم نفذوا كامل الاتفاق مع تركيا بشأن المنطقة الآمنة، معتبراً أن "تهديدات أنقرة باجتياح شمال البلاد تهدف إلى ابتزاز الأوروبيين والأميركيين".
وأضاف درار بحسب موقع "باسنيوز" الكردي: "انسحبت "قسد" من منطقة الحدود، وهناك مجالس عسكرية هي التي تقوم بتأمين هذه الحدود والمناطق، وهي مجالس أبناء المنطقة".
غير أن وكالة "الأناضول" التركية قالت في تقرير لها أمس الخميس إن "قسد" تواصل وجودها في المناطق المتاخمة للحدود التركية، لافتة الى مواصلة رفع أعلامها هناك.
وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، قال قبل يومين إن الخطوات المتخذة من واشنطن لتطبيق المنطقة الآمنة ما زالت "شكلية"، مضيفاً، خلال مؤتمر صحافي مع وزير خارجية الجبل الأسود في أنقرة، أن "الولايات المتحدة لم تلتزم بتعهداتها وفي مقدمتها خارطة طريق منبج، بسبب انخراطها في علاقات مع تنظيم بي كا كا الإرهابي"، حسب تعبيره.
في غضون ذلك، يواصل الجانب التركي اتخاذ الاستعدادات لإقامة هذه المنطقة، حيث ذكرت وسائل إعلام تركية ان اجتماعاً عقد في المجمع الرئاسي التركي الخميس برئاسة نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكتاي، مع وزراء وتقنيين أتراك، الى جانب الهلال الأحمر التركي ونواب عن إدارة الكوارث والطوارئ التركية، وذلك بهدف مناقشة الاستعدادات التي اتُّخذت بشأن المنطقة الآمنة.
وتتخوف تركيا من تكرار سيناريو اتفاق منبج الذي جرى الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة عام 2016، وما زالت أنقرة تنتظر تنفيذه حتى الآن، وهو ما دفع المسؤولين الأتراك الى تكثيف تصريحاتهم في الآونة الأخيرة بأن تركيا لن تسمح بتكرار هذا السيناريو بشأن المنطقة الآمنة، ولو اضطرت إلى إقامتها من جانب واحد.
وتشير التصريحات المتناقضة بين المسؤولين الأميركيين والأتراك إلى تواصل الخلاف بين الجانبين حول تفاصيل إقامة هذه المنطقة الآمنة، وتحديداً بشأن طولها وعمقها، حيث تسعى تركيا لإقامة المنطقة، بعمق 32 كيلومتراً، من الحدود التركية باتجاه الأراضي السورية. وفي المقابل اقترحت واشنطن منطقة آمنة عبارة عن شريط منزوع السلاح لمسافة 5 كيلومترات، تعززها منطقة إضافية خالية من الأسلحة الثقيلة لمسافة 9 كيلومترات، ممّا يجعل الامتداد الكامل للمنطقة داخل سورية أقل من نصف المساحة التي كانت تريدها تركيا. كما تريد تركيا إقامة المنطقة الآمنة على امتداد 460 كيلومتراً على طول الحدود التركية السورية، بحيث تقطع التواصل بين مواقع الوحدات الكردية. وفي المقابل، ترى واشنطن أن هذه المنطقة يمكن أن تمتد مسافة 140 كيلومتراً فقط، من دون أن تقطع ارتباط الوحدات الكردية.
ومن الواضح أن التفاهم الأميركي - التركي الأخير إنما رمى بالدرجة الأولى الى وقف التوتر بسبب التهديدات التركية بشن عملية عسكرية، ولكن لا يزال الغموض يلفّ تفاصيله، حيث كانت واشنطن معنية بوقف العملية العسكرية التركية، أكثر من اهتمامها بالمنطقة الآمنة نفسها، وهو ما نجحت فيه حتى الآن.
ويرى مراقبون أنه من غير المرجح أن تقدم تركيا على أي عمل منفرد في شرق الفرات قبل الاجتماع المرتقب بين أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب المرتقب الشهر الجاري، خلال اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
المنطقة الآمنة: اتفاق على طولها واختلاف على العمق
من ناحيتها، قالت صحيفة "حرييت" التركية، اليوم الجمعة، إن تركيا وأميركا تواصلان مفاوضاتهما لإنشاء المنطقة الآمنة، حيث أسفرت المباحثات عن توافقات عدة، منها طول المنطقة الآمنة، حيث اتفق الطرفان على أن تكون بطول 150 كيلومتراً، في وقت يستمرّ الخلاف على عرضها.
وأوضحت الصحيفة أن المسافة التي اتفق الجانبان عليها هي جزء من مسافة 440 كيلومتراً، تشمل بلدتَي تل أبيض ورأس العين، أي تتجاوزهما وليس ما بينهما فقط، ولكنّ إصرار أنقرة على عمق 30 كيلومتراً، لم يحظَ بموافقة أميركية حتى الآن، إذ لا تزال واشنطن تفاوض على مسافة 5-14 كيلومتراً.
وبينت الصحيفة أن الأبعاد التي يتم الحديث عنها، تأخذ شكلاً مستطيلاً كبيراً، وتطبيق المنطقة الآمنة سيكون في هذه المنطقة في أول مرحلة، وتهدف تركيا لاحقاً إلى زيادة طول المنطقة شرقاً وغرباً، لتشمل كامل الحدود التركية.
وعن السيطرة على هذه المنطقة، قالت الصحيفة، إن تركيا تريد أن تكون السيطرة لها فيها، وأميركا لا ترى ما يمنع ذلك، كما أنها تريد أن تكون السيطرة الجوية لها في هذه المنطقة. ويشمل الاتفاق أيضاً استعادة الأسلحة الثقيلة من الوحدات الكردية في هذه المنطقة، وأميركا وافقت على ذلك، لكنّ تركيا تريد أن تتأكد من مرحلة الانسحاب وجمع الأسلحة، كما أن الجيش التركي سيتأكد بنفسه من تدمير مقرات وقواعد من تصنفهم أنقرة بالتنظيمات الإرهابية.
أما في ما يخص القوة التي ستكون على الأرض لحفظ الأمن، على شكل حرس وشرطة، فقد جرى التوافق على تشكيل هذه القوة بشكل مشترك، من دون أن يكون هناك تواجد للعناصر الإرهابية من أبناء المنطقة من العرب والتركمان والأكراد، أي أن تركيا وأميركا ستكون لهما قوائم تشمل أسماء مدرجين بقوائم الإرهاب، لن يُسمح لهم بأن يكونوا في هذه القوة.
وذهبت الصحيفة إلى أن المزاعم الأميركية بتدريب قوات لتأمين المنطقة الآمنة، تخالف الاتفاقيات الثنائية، وهي بالتالي غير واقعية ومنطقية، مؤكدة أن كل التفاصيل المتبقية ستتم مناقشتها في لقاء الزعيمين رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب في لقائهما المقبل في نيويورك، من أجل حلّ ما تبقى من مسائل عالقة دبلوماسياً، وإلا فإن تركيا تهدّد بالتحرك العسكري، وتواصل حشودها العسكرية على الحدود.
وبينت الصحيفة أن السبب الأساسي الذي يدفع تركيا لتأسيس المنطقة الآمنة، هو معلومات حصلت عليها عن وجود شبكة أنفاق كبيرة في الطرف السوري من الحدود تربط بين المنظمات الإرهابية، ما يشكل خطراً على الأمن القومي التركي، فيما تمنع المنطقة الآمنة الارتباط بين هذه الأنفاق، بحيث إن إقامة المنطقة تدمر هذه الأنفاق.
المفوضية الأوروبية: نتابع
من جهتها، قالت المفوضية الأوروبية إنها تتابع عن كثب المباحثات بين الولايات المتحدة وتركيا لتشكيل منطقة آمنة شرقي الفرات شمالي سورية. وجاء ذلك على لسان المتحدثة باسم المفوضية، مايا كوسيانيتش في مؤتمر صحافي في بروكسل، اليوم الجمعة.
وأضافت: "بشكل عام، يجب أن يكون الهدف منع نشوب نزاعات مسلحة جديدة في شمال شرق سورية"، مؤكدة أنه "لا يمكن تحقيق حل مستدام في سورية إلا من خلال الانتقال السياسي بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة".