اخر تحديث
الخميس-18/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ السلطات الأربع موزّعة.. فمَن يجمعها في العمل السياسي ؟ وكيف ؟
السلطات الأربع موزّعة.. فمَن يجمعها في العمل السياسي ؟ وكيف ؟
19.02.2018
عبدالله عيسى السلامة
(السلطة على الأبدان ، والسلطة على الأموال ، والسلطة على العقول ، والسلطة على القلوب).
الحديث هنا ، ينصبّ ، على فرض السلطة على الناس ، من الناحية السياسية . أمّا النواحي الأخرى ، الاجتماعية ، والإنسانية ، وغيرها .. فلها سياقات أخرى مختلفة ، لا مجال للحديث عنها هنا ، كسلطات الأب على أبنائه ، حين يكونون قاصرين ، وحين يكبرون ، وسلطات الوصيّ على مال اليتيم القاصر وبدنه ..!
*) الحاكم المستبدّ : سلطته مطلقة على الأبدان والأموال ، يفعل بها ما يشاء : ينهب من المال ما يشاء ، ويحبس ، أو يقتل ، أو ينفي ، من البشر، ما يشاء .. دون أن يحدّ من سلطته قانون ، أو يعترض على سلوكه أحد ، فهو ـ في نظر نفسه وسدَنة حكمه ـ إله ، لا رادّ لسلطانه ( فعّال لِما يريد) و (لا يُسأل عمّا يَفعل) ! وقد كان الطغاة المستبدّون كذلك ، عَبر التاريخ ..!
أمّا سلطة الحاكم المستبدّ ، على العقول والقلوب ، فلا تأتي عن طريق القوّة المادية ، التي يملكها ، والتي يهيمن بها على الأبدان والأموال ، بل بوسائل أخرى ، يغلب عليها الخداع والتضليل ، وتزييف الحقائق ..!
فرعون مصر، مثلاً ، أراد إقناع الشعب المصري بألوهيته ، عن طريق إظهار قوّته وملكه وغناه : ( أليسَ ليْ ملك مصرَ وهذه الأنهارُ تجري مِن تَحتي..)
وأصدر حكماً جازماً ، بأن ما يراه ، هو حصراً ، هو المناسب لهم ، وهو الخير، وهو الحقّ والصواب : ( ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيلَ الرشاد ) ! وحين قدّم موسى حجَجَه وبيّناته ( عبر الآيتين : العصا التي تنقلب إلى حيّة ، واليد التي تخرج بيضاء من غير سوء ، إذا ضمّها إلى جناحه.. ) ، وأوشك على سحب سلطة فرعون عن عقول الناس .. استعان فرعون بالسحرة ، ليعيدوا إليه هذه السلطة ، فما زاده الله إلاّ خبالاً، حين رأى السحرةُ ما يعجزهم ..! فانسحبت سلطة موسى على عقول السحرة أنفسهم ، أداةِ فرعون في الهيمنة على عقول الناس ! فطار صواب فرعون ، وطفق يهدّد السحرة ، ويدعوهم إلى إخضاع عقولهم لهيمنته من جديد ، أيْ: العودة إلى الإيمان بألوهيته ! إلاّ أن حجّة موسى ، كانت قد هيمنت على عقولهم بشكل تامّ ، فنقلتهم بقوّة عجيبة ، من عبادة فرعون ، إلى عبادة الإله ، الذي رأوا آياته الباهرة ، المسخّرة لنبيّه موسى ! لذا ؛ لم يكترثوا لتهديدات فرعون ، وآثروا الموت الشنيع الذي هدّدهم به ، على العودة إلى عبادته ، بعد أن تبيّن لهم الحقّ الذي لا ِمريَة فيه !
أمّا كسب القلوب ، فالأمر فيه يختلف ! لأن كسبها لا يتمّ عن طريق الإقناع ، سواء أكان حقيقياً ، أم زائفاً ! بل عن طريق المعاملة الطيّبة ، التي تترك آثارها الإيجابية القوية على النفس الإنسانية ! ومن أنواع المعاملة الطيّبة : البِرّ بالناس ، والإحسان إليهم ، والاهتمام بشؤونهم ، وتفقّد حاجاتهم ومشكلاتهم ، ومساعدتهم على حلّها ، واللطف في معاملتهم ومخاطبتهم ..!
وقد قال الله عزّ وجلّ ، لنبيّه الكريم : ( فبِما رحمةٍ مِن الله لِنتَ لهمْ ولوْ كنتَ فَظاً غليظَ القلبِ لانفضّوا مِن حَولكَ فاعفُ عنهمْ واستغفرْ لهمْ وشاوِرهمْ في الأمرِ ..).
وقال الشاعر : أحسِنْ إلى الناسِ تَستعبدْ قلوبَهمُفطالما استَعبدَ الإنسانَ إحسانُ
وقال الشاعر، أيضاً : وقيّدتُ نفسيْ في ذُراكَ مَحبّةً ومَن وجَدَ الإحسانَ قَيداً تَقيّدا
وقد أثبتت تجارب البشر، أن الحكّام الطغاة المستبدّين ، يعجزون عن كسب القلوب ، لأن طبيعة حكمهم للناس ، منفّرة في الأصل ، بسبب غياب العدل والشورى ، وبسبب استئثار الحكاّم بأموال البلاد ، وانفرادهم بإصدار القرارات ، المتعلقة بحياة البشر ومصير أوطانهم .. وهذا التسلّط كله ، إذا استطاعوا أن يخدعوا عنه العقول بتزييف الحقائق ، فـلن يستطيعوا به كسب القلوب !
*) الحاكم العادل : واضح أن الحاكم العادل ، هو النقيض الأبرز للحاكم المستبدّ .. وهو وحده ، القادر على كسب العقول والقلوب ..! فالعدالة ، بمعناها العامّ ، تشمل الأخلاق الكريمة ، والصفات الحميدة ، بما فيها العفّة ، والنزاهة ، والجرأة في الحقّ .. كما تشمل العدل في التعامل مع الناس ، وإعطاء كل ذي حقّ حقّه .. لذا؛ فهي مدعاة لكسب العقول ، بما يقتضيه ذلك من ثقة واحترام ، كما هي مدعاة لكسب القلوب ، باللين، والمعاملة الطيّبة ، والحرص على مصالح الناس ومشاعرهم !
*) الحكم الديموقراطي : سلطاته نسبية ، ومجزأة ، وموزعة ، بين أفراد الفريق الحاكم ..
فالحكم الديموقراطي جماعي ، بطبيعته ، لا يملك السلطات فيه شخص واحد ، بل مجموعة أشخاص ، أعلاهم رئيس الدولة ، وسلطة كل منهم مقيّدة بالقانون ، بما في ذلك السلطة على الأموال والأبدان ! فلا يجرؤ ذو سلطة منهم ، على إيذاء شخص ، ببدنه أو ماله ، إلاّ في حدود ما تسمح به قوانين البلاد ! وإلاّ ، تعرّض للمساءلة القانونية ، والمحاسبة ، وربّما العقوبة ، التي قد تؤدّي إلى فقدان منصبه !
*) القوى والرموز غير الرسمية : العلماء ، المفكرون ، القادة السياسيون ، القادة النقابيون، الزعماء القبليون ..هؤلاء لا تكون لهم ، في العادة ، سلطة رسمية على الأبدان والأموال ، إلاّ بقدر ما يمنحهم الناس من هذه السلطة ، على أنفسهم وأموالهم! وهذا لا يأتي إلاّ بالتبعية ، بعد إيجاد سلطة على العقول والقلوب ..!
فإذا تحقّقت لشخص ما ، من الفئات المذكورة ، سلطة على عقول فريق من الناس وقلوبهم ، وصارت لديهم ثقة به، تدفعهم إلى ائتمانه على مصائرهم، وقراراتهم، وأبدانهم، وأموالهم.. صار خطراً على الحكم المستبدّ ، وسعى إلى التخلص منه ، بكل وسيلة ممكنة ! فإذا عجز عن تصفيته ، أو إزاحته من الساحة ، سعى إلى تشويه سمعته، لإسقاط هيبته بين الناس ، ونزع ثقتهم منه ، ليخلو للحاكم وزبانيته ، وجه الشعب ، ويظلّوا من بَعده قوماً فاسدين مفسدين ، لا يخافون منافسة ، ولا يخشون مَن ينازعهم على قلوب الناس ، وعقولهم ، وأبدانهم ، وأموالهم !
وهنا تأتي مهمّة المعارضة السياسية ، في كسب عقول الناس وقلوبهم ، عبر إثبات الكفاءة والعدالة والنزاهة ، والأهلية لحكم البلاد والعباد ، بمستوى أفضل بكثير ، ممّا يمارسه الحكم الفاسد القائم .. جدير بأن يضحّي الناس ، في سبيل الوصول إليه ، بأموالهم، وحتى بأنفسهم ، إذا اقتضى الأمر ذلك !
ونرجو أن تصل المعارضة السورية ، أو فصائل كثيرة وكبيرة منها ، إلى هذه الدرجة من ثقة الشعب السوري ، أو إلى درجة قريبة منها نسبياً ، في أقرب وقت ! لأن النظام الحاكم أوصل الأمور في البلاد ، إلى حدّ تجاوز القدرة على الصبر والاحتمال ! ويُخشى من تفجّرات غير محسوبة ، تدخِل البلاد في دوّامة من التداعيات ، المؤدّية إلى فوضى تصعب السيطرة عليها ، أو الحدّ من تفاعلاتها المدمّرة ! في حين أن هذا النظام الفاسد المنبوذ ، يحسب نفسه ملك زمام البلاد والعباد ، بقبضة حديدية ، تضمن له البقاء على صدور الشعب ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، يعبث بنفوس الناس : قتلاً وسجناً ونفياً ، وبأموالهم: سرقة ونهباً ، وبعقائدهم : إفساداً وتبديلاً ! غافلاً عن البراكين التي تمور في صدور الناس ، والتي لا تزداد النيران فيها ، إلاّ ضراماً وتسعراً ، كلما أمعن في جَوره وفساده ، وقمعه واستبداده !