الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ‏أمريكا تتمنى "حظاً سعيداً" للروس في "المستنقع" السوري وتعود لمطاردة "الجهاديين"

‏أمريكا تتمنى "حظاً سعيداً" للروس في "المستنقع" السوري وتعود لمطاردة "الجهاديين"

06.07.2019
القدس العربي


القدس العربي
الخميس 4/7/2019
أنطاكيا – إدلب – "القدس العربي": ‏ رجح مراقبون أن يستمر قصف طيران التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، مستهدفاً المجموعات الجهادية في إدلب ومحيطها. وكانت وللمرة الأولى منذ شباط/فبراير 2017، ضربت قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، مقراً لمجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، تنظيم "حراس الدين"، بصواريخ خارقة للتحصينات، في منطقة ريف حلب الجنوبي الغربي، والموقع المستهدف هو معهد شرعي يديره القاضي السابق في التنظيم، أبو ذر المصري، وبعض مؤيدي هذا التنظيم الجهادي يفضلون وصفه بـ"تنظيم القاعدة في بلاد الشام"، وقد تشكل منذ أكثر من سنة من مجموعات انشقت عن "هيئة تحرير الشام" وما قبلها بعد فك الارتباط بالتنظيم الأم: القاعدة.
يقول وسيم نصر إن تشابك المصالح والتنظيمات في تلك المنطقة يجعل الأمر معقداً جداً، ذلك أن المصري والجزائري، وكانا حاضرين في الاجتماع المستهدف، فُصلا منذ أيام قليلة من تنظيم "حراس الدين"، الذي انشق عن هيئة تحرير الشام بعد خلاف شديد حول الخط الجهادي وبعض المواقف ما بين متشدد ومرن في التعامل مع الساحة الثورية في إدلب، ثم حصلت مناوشات داخل "حراس الدين" نفسه مؤخراً بسبب فصل بعض الجهاديين المستهدفين.
ويمكن ملاحظة انتساب عدد من الجهاديين الأجانب للمعهد الشرعي المقرب من تنظيم "القاعدة"، ومنهم الذين استهدفهم الصاروخ الأمريكي. وجاءت الغارة الجوية الأمريكية في وقت احتدم فيه النقاش الداخلي بين قيادات تنظيم "حراس الدين"، والثلاثة الذين قُتلوا والمُشار إليهم، من بين الستة، كانوا في قلب هذا النقاش والجدل في أوساط قيادة حراس الدين، وفقاً لتقديرات الباحث الغربي في الشأن الجهادي، توم هامينغ.
وترى واشنطن أن القوات العسكرية الأمريكية على الأرض ليست مطالبة بتحقيق أي استقرار، فهذه مهمة حكومة دمشق، وليس هناك سبب يدعو إلى إشراك القوات الأمريكية في الحكم التنافسي في سوريا. ثم إن إدارة ترامب ليست مهتمة بمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، وتصريحات بولتون الراغبة ليست مُلزمة ولا تحظى بقبول، وأي مهمة إضافية ستتطلب قوة أكبر بكثير من المنتشرة، وهذا ما يرفضه الرئيس ترامب، ويرغب في المغادرة اليوم قبل الغد، ذلك أن أمريكا لا تعنيها كثيرا سوريا إلا بما يحقق "الأمن القومي" للكيان الإسرائيلي والتخلص من بقايا مقاتلي "تنظيم الدولة" وضمان عدم ظهوره مُجددا، وقطع رؤوس قادة الجهاديين المرتبطين بتنظيم القاعدة، كما في القصف الأخير، وهي لا تحتاج لأي إشارة من الروس لشن غارة على مواقع الجهاديين في الشمال السوري. وأمريكا وإن خفَ نشاطها في مناطق إدلب المحررة (حيث تتمركز مجموعات جهادية قريبة من القاعدة انشقت عن هيئة تحرير الشام أو استقلت عنها)، وكان قد طُلب منها المغادرة بعد الاتفاق الروسي التركي لإدارة الوضع في إدلب، فهذا لا يعني أنها لا تضرب متى قدَرت ذلك، حتى وإن كانت مواقع الاستهداف خاضعة لاتفاقية خفض التصعيد، لكنها لن تتورط أكثر من ذلك، إذ لا ترى لها أي مستقبل في سوريا إلا في نطاق ما تسميه "مكافحة الإرهاب".
وإذا أراد الروس الغرق في مستنقع في سوريا من أجل استثمارهم المستمر منذ عقود في نظام عائلة الأسد، "فحظاً سعيداً لهم"، هكذا ترى واشنطن الوضع. ذلك أن روسيا أكثر تركيزا على تمكين الأسد من السيطرة على كامل سوريا والاستثمار في العملية السياسية وإدارة الإعمار، فهي أكثر الأطراف انغماساً في الصراع السوري (ومعهم إيران، حليفهم الإستراتيجي) وتتذرع بمحاربة الإرهاب في إدلب، آخر معاقل الثوار والجهاديين في سوريا، لمحاولة السيطرة عليها، وربما واشنطن، هنا، مهتمة بنزع ورقة الإرهاب من اليد الروسية لئلا تتخذها ذريعة في اجتياح إدلب، وهو ما تتحفظ منه أمريكا، لئلا تؤول السيطرة إلى إيران، كما حدث في مناطق أخرى، وروسيا ليست مستعدة لأي تدبير ضد الوجود الإيراني، بقطع النظر عن مدى قدرتها، وفي هذا رأى أحد أبرز المحللين العسكريين في إسرائيل، يوسي ميلمان، أن اللقاء الثلاثي الروسي والأمريكي والإسرائيلي الأخير في القدس كشف عن خلافات في الرأي وتضارب في المصالح بين إسرائيل وروسيا بالتحديد، إذ إن "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي شارك في الجلسة الافتتاحية واجتمع على انفراد إلى كل من بولتون وبتروشيف، تحدث عن إيران بوصفها عدواً، وتباهى بمئات الغارات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف تابعة لإيران وحزب الله في سوريا"، ونقل المحلل الإسرائيلي أن بتروشيف لم يستسغ كلام نتنياهو.
ولهذا، يقدر خبراء في الشأن الروسي أنه ليس لدى الرئيس بوتين أي رغبة أو مجرد تفكير في عمل أي شيء من أجل تقليص الوجود الإيراني في سوريا. وتشير التقديرات إلى أن الزعيم الروسي يفضّل الإشراف على الوجود الإيراني في سوريا ومراقبته، بدلاً من الصدام مع القادة الإيرانيين ومطالبتهم بالانسحاب من سوريا.