الرئيسة \  واحة اللقاء  \  التغيير لن يأتي إلا من داخل سوريا

التغيير لن يأتي إلا من داخل سوريا

16.04.2014
عبدالهادي الخلاقي


الشرق القطرية
الثلاثاء 15/4/2014
طالت الأزمة السورية وتضاعفت معاناة إخواننا السوريين واشتد عليهم الكرب والقتل والتشريد، ويوم عن يوم تزداد سوريا دماراً وتعود إلى الخلف بخطوات متسارعة.
تحدث المحلل السياسي الدكتور عبدالله النفيسي عن الأزمة السورية وشخَّص سبب إطالتها ومدى تمسُك إيران المستميت بإفشال الثورة السورية؛ لكي تبقى عائلة الأسد على هرم السلطة في سوريا من أجل بقاء مصالح إيران في منطقة الشرق الأوسط قائمة وحتى لا تنقطع أذرعها التي تغلغلت في الجسد العربي ابتداء من العراق عبر سوريا إلى لبنان، وأما بعض الدول العربية فأصبح للنفوذ الإيراني موطئ قدم فيها كاليمن والسودان والجزائر، ودول أخرى أصبحت مسرح للميليشيات الإيرانية التي تقتل وتفجر وتزعزع الأمن فيها كالبحرين والسعودية.
مما لا شك فيه أن إيران تدفع الغالي والنفيس لحليفتها روسيا من أجل دعم النظام السوري لتوفر له الحماية الدولية وتمده بالأسلحة التي تعينه على مقاومة الجيش الحر وباقي فصائل الثورة السورية، كما تدفع بحزب الله لخوض حرب ضد الشعب السوري، وقد لا يعلم اللبنانيون المُغرر بهِم من قِبل حزب الله تبعات هذه الحرب على إخوانهم السوريين على المدى الطويل حيث إن الخاسر الأكبر فيها هم اللبنانيون وحدهم، فإن كان هناك منطق وعقلانية لمَا أقدم اللبنانيين على هذا الفعل المشين بقتل إخوانهم السوريين، فالشعب اللبناني والسوري مكملان لبعضهما وحاجتهما لبعض أكبر من أي مصالح سياسية، ولكن ما لعبه حزب الله في سبيل وضع حد لهذه العلاقة لن تجبره الأيام المقبلة مهما كانت جميلة وإيجابية.
على الجانب الآخر لعب النظام السوري دور الخبث والمكر متذرعاً بمبدأ "الحرب خدعة" حيث خلق تنظيم تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وهو تنظيم إسلامي تكفيري المظهر؛ ليقنع المجتمع الدولي والسوريين ومؤيديه من مختلف الدول العربية أن الحرب ضد النظام السوري إنما هي حرب يراد بها إقامة دولة إسلامية تكفيرية متشددة وقد ثبت دعم النظام السوري لهذا التنظيم بصورة جلية وإن أنكر النظام ذلك.
في المقابل هناك دول عربية مازالت تؤمن بأن نظام بشار الأسد هو الأحق سوريا ولكنها تعبر عن رأيها باستحياء وبطرق ملتوية، ولو نظرنا إلى القمة العربية التي عُقدت مؤخراً في الكويت كان هناك أربع دول عربية رفضت أن يُمنح ائتلاف المعارضة السورية مقعد سوريا في هذه القمة؛ هذا الرفض برره البعض بمبررات واهية لا تنم عن موقف عربي مساند أو منصف للشعب السوري، وهذه الدول كانت ومازالت ترفض فكرة الثورات الشعبية جملةً وتفصيلا، ولكننا نقول إن عذر هذه الدول أقبح من ذنبها وهي بهذا الفعل المخزي تستبيح قتل الشعوب وتأصل مبدأ حكم الطواغيت العرب.
النظام السوري استطاع أن يمد زمن الأزمة السورية من أجل أن تفقد القضية السورية جوهرها الذي خرج الشعب السوري من أجله ألا وهي إصلاح البيت السوري الداخلي من خلال تغيير النظام الدكتاتوري الفاسد الذي أثبت فشله في إدارة سوريا بصورة تكفل العيش الكريم والحرية والديمقراطية للسوريين. إطالة الأزمة السورية وتدخل القوى الخارجية ومشاركة دول وأحزاب من الخارج جعل للأزمة في سوريا تشعبات كبيرة ليس من السهل حلُها، كما أصبح الوصول إلى حل عسكري من المستحيلات بل، قد يُطيل أمد الأزمة لسنواتٍ قادمة مالم يكن هناك تدخل عسكري قوي – وأنا أعني هنا تدخل حلف الناتو أو الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي كما حدث في ليبيا لإنهاء الأزمة.
ولكن الآمال معلقة على الحل السياسي الذي يكفل انتقال السلطة إلى حكومة ائتلاف وطني تدير شؤون الدولة حتى تستقر الأوضاع وتتهيأ الأجواء المناسبة لعقد انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة يختار من خلالها الشعب السوري من يمثله في رئاسة سوريا المستقبل، ولكن السؤال: هل ترضخ إيران لحل سياسي يقصي الرئيس بشار الأسد وينتهي دورها الإقليمي في سوريا؟! بالنسبة لروسيا هي تسعى لأن تبقى مصالحها كما هي في سوريا وهي تعلم بأنها إذا وافقت على إزاحة نظام الأسد سوف تضمن بقاء مصالحها كما هي، ولكن إيران لن تبقى لها مصالح إطلاقاً وهذا ما يؤخر الحل السياسي بل ويرجح احتمالية رفضه. وبين استحالة الحل السياسي وكذلك العسكري الخارجي نلخص القول: إن المشهد السوري لن يتغير إلا من داخل سوريا والشعوب هي التي تقرر مصيرها.