الرئيسة \  واحة اللقاء  \  النووي الإيراني والانسحاب الأميركي

النووي الإيراني والانسحاب الأميركي

14.05.2018
عادل عبد الله المطيري


العرب
الاحد 13/5/2018
لم يتفاجأ العالم من قرار الرئيس الأميركي ترمب بالخروج من الاتفاق أو خطة العمل الشاملة والمشتركة المعروفة باتفاقية النووي الإيراني، والتي عقدت بين 5الاحد 13/5/20181(الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا)، فلقد كانت تهديدات ترمب واضحة وانتقاداته علنية، بالإضافة إلى أن الخروج من الاتفاقية كان أحد الوعود الانتخابية لهم، والمعروف بأن ترمب يحقق تلك الوعود الواحدة تلو الأخرى.
والسؤال المتداول الآن: ماذا بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق؟ هل ستكتفي بعودة العقوبات الاقتصادية المشددة على إيران، أو هناك إجراءات سياسية وعسكرية ستتخذها ضدها؟
هناك من يعتقد بأن الولايات المتحدة ستكتفي بتشديد العقوبات الاقتصادية، والتي بدورها ستجبر النظام الإيراني على الرضوخ، وإلا ستعجّل في سقوطه، خصوصاً بعد انتشار التظاهرات الشعبية منذ أشهر قليلة. وهذا الاحتمال لا تدعمه حقائق على أرض الواقع، فبإمكان النظام الإيراني السيطرة على موجات الغضب الشعبي، بل وبإمكان النظام الاقتصادي الإيراني التعايش مع العقوبات الأميركية، فقد اختبرها أعواماً عديدة، خصوصا أن الأوربيين بدأوا بالتعاطف معه، وربما يكسرون تلك العقوبات الاقتصادية بشكل أو بآخر، وهذا ما حرص على تأكيده الرئيس الإيراني بمكالمته الهاتفية الأخيرة مع ميركل الجمعة الماضي " بأن يجب أن تضمن الدول 4+1 مصالح إيران في المسائل المتعلقة بالاتفاق النووي، مثل: بيع النفط والغاز والبتروكيماويات، والعلاقات المصرفية (بين إيران والخارج)، وهذا ما يمكنه أن يساعد في الحفاظ على الاتفاق". عموما التاريخ يخبرنا بعدم جدوى العقوبات الاقتصادية في تغيير سلوك النظم السياسية أو سقوطها، والأمثلة عديدة منها حصار العراق، وليبيا، وكوبا. العقوبات الأميركية لن تطال إيران وحدها، بل ستمس الشركات والبنوك التي ستتعامل مع إيران، وهنا بالتحديد ستتأثر بعض الدول الأوروبية الصديقة لأميركا من تلك العقوبات التي سبق أن خططت لمشاريع مليارية مع إيران.
وعلى ضوء ذلك بذلت ألمانيا وفرنسا جهوداً دبلوماسية مكثفة من أجل أن لا تنسحب أميركا من الاتفاق، ولكنها باءت بالفشل إلى الآن، وبالرغم من تصريحات الأوروبيين المستاءة والقلقة من التصرف الأميركي، إلا أنهم يؤكدون بأن خروج الأميركيين من الاتفاق النووي لا يعني نهايته.
من الواضح أن لدى ترمب دبلوماسية جديدة، من خلالها يجعل "الخصم" تحت ضغوط غير طبيعية، وتشعره بأن خطراً ما على وشك الحدوث، بعدها يرسل ترمب الوسطاء الدبلوماسيين غير الأميركيين، ليطرحوا حلولاً قاسية جداً، وبطريقة أو بأخرى يرضخ الخصم للمطالب الأميركية، والحالة الأميركية الكورية الشمالية أحد أهم الأمثلة على ذلك.
ختاماً: لا يبدو أن هناك خيارات عسكرية أميركية لمعالجة الأزمة مع إيران، حتى إسرائيل تبدو أنها مكتفية بالعقوبات الاقتصادية بشأن النووي، أما بخصوص تدخل إيران في دول الجوار، فإسرائيل حصرت الصراع العسكري داخل إطار سوريا فقط، متمثلاً بعدم قبولها أي تواجد عسكري دائم "قواعد إيرانية في سوريا"، ونفذت إسرائيل خطتها مساء الأربعاء الماضي بشن هجوم جوي مكثف استهدف كل البنية التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا، وجاء الرد الإيراني مكتفياً هو الآخر بأن يحصر الصراع العسكري في جبهة الجولان فقط، دون استخدام الجبهة اللبنانية وحزب الله، بانتظار ما ستسفر عنه المفاوضات الأوروبية الإيرانية من حلول للأزمة النووية الإيرانية، وهذا بالتحديد ما أعلنه الرئيس الإيراني تعليقاً على قرار ترمب الخروج من اتفاقية النووي الإيراني، حيث قال روحاني "إن إيران سوف تبدأ بتخصيب اليورانيوم دون قيود في حال فشل الاتفاقية في تحقيق مصالحنا، لكننا سننتظر عدة أسابيع قبل ذلك".;