الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الثورة السورية تلفظ أنفاسها الأخيرة

الثورة السورية تلفظ أنفاسها الأخيرة

28.09.2016
ماهر ابو طير


الدستور
الثلاثاء 27/9/2016
انتهى الحل السياسي في سوريا، خصوصا، بعد محرقة حلب، وسكوت الامريكان ودول كثيرة على المحرقة الجارية، والتي لم تستثن احدا، لا معارضة مقاتلة، ولا المدنيين في هذه المدينة المنكوبة، لافت للانتباه، ونحن امام ايام قليلة، تفصلنا، عن نهاية حلب، باعتبارها المعقل الاكبر للجماعات المقاتلة ضد نظام بشار الاسد.
السكوت الدولي، يكشف عن تسليم كامل لموسكو في الملف السوري، فهذا السكوت لايعبر عن ضعف، بقدر تعبيره عن قبول عالمي لما يفعله الروس، تحت عنوان تطهير المدينة من الجماعات المقاتلة او المتشددة، او المتطرفة، وهذا التطهير تقوم به موسكو، نيابة عن العالم، الذي لم تعد معركته اليوم مع الاسد، بقدر كونها مع خصومه.
تطهير حلب بهذه الطريقة، يلغي القوة الميدانية للمعارضة المقاتلة في سوريا، وهو تطهير سيترك اثرا على بقية المواقع، خصوصا، جنوب سوريا، التي سيأتيها الدور، او سوف تتم خلخلتها واضعافها، بطرق مختلفة، اقلها تجفيف مصادر المال والسلاح.
يمكن هنا، بكل بساطة، اعتبار جبهة الجنوب السوري، منهارة، امام هول مايحدث في حلب، فهي غير قادرة على المواجهة، امام قوة النار الروسية، ولا هي قادرة على تسييل معارضتها المقاتلة، الى نتائج سياسية.
هذا يعني بكل بساطة، ان الثورة السورية، تلفظ انفاسها الاخير، فلماذا يضطر نظام الاسد، ومن معه من روس وايرانيين وغيرهم، ان يفاوضوا معارضة سياسية ضعيفة جدا، تعيش في الخارج، خصوصا، بعد تدمير بنية المعارضة المقاتلة التي ترتبط مع المعارضة السياسية بحبل سري؟!.
لايمكن هنا، ان نستثني الجيش الحر، ولا الفصائل المعتدلة، التي كانت تقاتل على اساس تحالفات احيانا مع قوى اخرى، وتراهن على دعم، بات يتراجع يوما بعد يوم، من جانب حلفاء، عرب واجانب، فالغطاء تم رفعه ايضا، عما يسمى المعارضة المعتدلة.
المفارقة ان المعارضة السورية تقول في تصريحاتها ان الحل السياسي انتهى بعد محرقة حلب، وهذا تسجيل لموقف سياسي، يريد ان يستبق الاستنتاجات، باعتبار ان نهاية الحل السياسي في سوريا، موقف للمعارضة التي لاتريد ان تفاوض احدا، تعبيرا عن سخطها، لكننا هنا نؤشر على ان انتهاء الحل السلمي، نتيجة لاستفراد الروس بسوريا، وليس موقفا للمعارضة، التي لاتمتلك اساسا ترف الاختيار في هذا التوقيت بالذات.
يبقى احتمال آخر، على ضآلته، ان يكون هناك توافق دولي غير معلن، لترك الروس يطهرون حلب ومناطق اخرى من تنظيمات اسلامية متشددة، كليا، شريطة الذهاب لاحقا لتسوية سياسية تشارك بها فقط المعارضة السلمية، والتنظيمات المعتدلة.
هذا الاحتمال يبقى قليلا، اذا لماذا يضطر النظام للجلوس الى مائدة مفاوضات مع معارضة هشة وضعيفة وغير مؤثرة، وقد تخلص مع الخصوم الاكثر عداوة؟!.
كل يوم نقترب فيه من موعد الانتخابات الاميركية، هو يوم لروسيا، تتمدد في مركز الفراغ الدولي، وتنفذ برنامجها، سواء بتوافق مع واشنطن، او دون توافق، بعد ان ثبت من جهة اخرى، ان العالم، قرر رفع يده عن الملف السوري، المكلف ماليا، سواء بدعم اللاجئين او مساندة المقاتلين، او بتداعيات الكلفة الامنية لهذا الملف، فلا احد بات مضطرا ان يضحي بشيء لاجل السوريين.
كل هذا يفسر استرخاء موسكو في سوريا، وهو استرخاء، يستبعد المراقبون ان تتبعه خطة لمفاوضات سياسية، مع معارضة، تم حرق سندها الميداني مسبقا، بوجهه المتطرف، وبذاك الوجه الذي يسمى معتدلا، ولاقيمة له اليوم في الميدان.
ربما. وهذا من باب الترجيح، اننا امام اسابيع قليلة، ويتم فيها، اشهار ونعي الثورة السورية، بكل الوانها، واعلان انتصار النظام، ووقف شلال الدم. ربما والله اعلم.