الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الغوطة الشرقية.. حرب دولية

الغوطة الشرقية.. حرب دولية

05.03.2018
أحمد الحوسني


الاتحاد
الاحد  4/3/2018
يبدو أن الخلاص بلا أفق مع جرائم حلفاء النظام السوري خاصة بعد تبخر نتائج اجتماعات سوتشي وضرب أهليته، كما أن اجتماعات جنيف بقيت من دون حراك يُذكر. والصورة الكلية يحيطها ما يسميه كسينجر بـ "توازن السخط" وتوزيعه على الطرفين. الغوطة بمساحتها المئة كيلومتر مربع يتزاحم عليها، 11 فصيلاً مسلحاً التي بتفرقها، ساعدت على إضعاف موقف المعارضة عسكرياً وسياسياً.
الغوطة وهي على مداخل العاصمة دمشق أوقعت العقدة في المنشار وتحولت الى بؤرة لحرب دولية في تقاسم الحصص بين أميركا وروسيا وتركيا وإيران٬والسعودية. لكن الصراع الخفي على من يملك دمشق وما حولها الروس أم ايران؟ موسكو أعلنت بأنها سحبت قواتها لتسجل انتصاراتها على "داعش" من دون ذكر إيران. وفِي الخفاء أبقت على قوات لشركة أمنية تقوم بأعمال قتالية بتوجيه من خبراء عسكريين روس، انكشفت بعد قصف القوات الأميركية لها وقتل أعداد منها، بينهم 6 أفراد روس، وصفتها موسكو بأنها تتبع نظام الأسد. هذه رسالة قوية من واشنطن، بأنها إنْ تأخرت في حضورها إلى سوريا، فإنها لن تسمح لموسكو بإعلان انتهاء الحرب على "داعش" من طرف واحد، وعلى الأطراف الأخرى الخروج من سوريا، لتتفرغ هي بالاستحواذ على هذا البلد وعليها استبعاد الدور الإيراني ليبقى التفاهم بينهما محتملاً.
السيناريو الإيراني للحل في الغوطة، هو إبادة المعارضة المسلحة وتهجير المدنيين وزرعها بالميليشيات الإيرانية، خاصة بعد أن خسرت بعض الجبهات وطردها من الساحل والجولان. إيران تمانع الحل في سوريا وتريد فوضى الجماعات المسلحة. وتريد ثمناً للحل التي تكلمت عنه بوضوح مع دمشق، لدفع ثمن وقوفها مع الأسد. بينما السيناريو الروسي يذهب الى إدخال شرطة شيشانية (سنّية) بخروج جميع الفصائل المسلحة منها. ووصف لافروف الغوطة بـ"حلب الشرقية" وربما سيناريو موسكو يتقارب مع تركيا والسعودية، تحت صفقة ما. ولا اعتقد أن تعارضه أميركا التي لها وجود في عدة قواعد عسكرية في سوريا مع "قوات سوريا الديمقراطية".
ثمة متغير مهم يفسر اهتمام أطراف دولية بما يجري في سوريا، وهو وجود اكتشافات غاز ونفط في لبنان وسوريا، وحسب الدراسات أن سوريا سيتقدم مركزها في إنتاج الغاز الطبيعي على قطر لتكون بعد روسيا وإيران.
الغوطة هي امتداد جغرافي للعاصمة دمشق، وتقع على بوابتها الشرقية، وتتحكم في مداخلها، وفي الطريق الدولي نحو حمص وحلب، وبالقرب من المطار الدولي. سنوات من الحصار للمدنيين هناك والفصائل المسلحة التي تحارب النظام. القصف الجوي بالصواريخ والبراميل من النظام وميليشياته الإيرانية والقوات الروسية أكثر الضحايا المدنيين من النساء والأطفال مقتل أكثر من 610 مدنيين بينهم نحو150 طفلاً.
إقرار بالإجماع في مجلس الأمن رقم 2401 في 25 فبراير 2018 بوقف الأعمال القتالية في كافة الأنحاء السورية لمدة 30 يوماً متتالية، من أجل السماح بإيصال المساعدات الإنسانية والطبية وإجلاء المصابين للعلاج وتمكين المدنيين الراغبين في المغادرة من خروج آمن. وتم تعديل القرار المقدم من الكويت والسويد حتى لا تمنعه موسكو، وهي من دعت إلى الاجتماع، مع هذا لا تلتزم بتطبيقه. وسارعت إيران للإعلان أنها ودمشق ستحترم قرار الهدنة للسماح بوصول المساعدات والإجلاء الطبي. المحللة السياسية "ناتالي نوغايريد" في "ذا جارديان" انتقدت الجمود الأوروبي، معتبرة "سوريا هزيمة أخلاقية للأوروبيين". فيما أكد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك فوكوكسانثين أمام جلسة استماع عقدها مجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني في سوريا أن قتلى وجرحى سقطوا في منطقة بالغوطة الشرقية من جراء قصف بغاز الكلور السام.
*سفير سابق