الرئيسة \  تقارير  \  واشنطن والرياض .. هل حان وقت الانتقال من الوصاية إلى الشراكة؟

واشنطن والرياض .. هل حان وقت الانتقال من الوصاية إلى الشراكة؟

23.03.2023
بلال صعب

واشنطن والرياض .. هل حان وقت الانتقال من الوصاية إلى الشراكة؟
المصدر | بلال صعب/ فورين بولسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد
الأربعاء 22/3/2023
اعتبر مدير برنامج الدفاع والأمن بمعهد الشرق الأوسط، بلال صعب، أنه على الولايات المتحدة رفض طلب السعودية توقيع اتفاقية تحالف دفاعي بين البلدين، لكن على واشنطن الانتقال في علاقتها مع المملكة (والمنطقة) من الوصاية إلى الشراكة.
صعب قال في تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية (foreign policy) وترجمه الخليج الجديد، إن السعودية تريد تحالفا رسميا وتوقيع اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ولا ترتبط الرياض بعلاقات رسمية مع تل أبيب، وتشترط لإقامتها أن تنسحب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف صعب: "لكنها مقايضة غربية. السعودية تطلب من الولايات المتحدة الالتزام رسميا بأمن المملكة - وهو أمر تفعله واشنطن فقط مع حلفائها بموجب الاتفاقيات؛ بما في ذلك أعضاء (حلف شمال الأطلسي) الناتو - مقابل تطبيعها مع إسرائيل، وليس مقابل شيء ستقدمه لواشنطن".
وتابع: "في رحلتي الأخيرة إلى السعودية وعندما التقيت كبار المسؤولين السعوديين، علمت أن لدى ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان) استراتيجية أمنية ذات شقين: بدلا من الاختيار بين بكين وواشنطن لتطوير دفاعات أقوى ضد إيران، يعتمد على كليهما، لكن بقدرات مختلفة".
و"سيختبر الملك المنتظر ما إذا كانت الصين، التي توسطت في تقارب سعودي إيراني الأسبوع الماضي، قادرة على كبح جماح العدوان الإيراني، وهي خطوة قليلة المخاطر وذكية، حيث تتمتع بكين بنفوذ على طهران، بالنظر إلى اعتماد الأخيرة على الاستثمارات الاقتصادية للأولى وشراء النفط الإيراني"، وفقا لصعب.
واستدرك: "لكن بن سلمان يعرف أن الدبلوماسية بلا أسنان (صينية أو غير ذلك) ولها حدودها، فليس لدى بكين القدرة أو الرغبة في ردع أو معاقبة إيران إذا تخلت عن وعودها واستأنفت عنفها ضد السعودية، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائها في اليمن والعراق. وبالتالي، فإن المرحلة الثانية من الاستراتيجية السعودية ضرورية وهي اتفاقية دفاع مع واشنطن".
المصالح الأمريكية
واعتبر أنه بقدر ما تهتم الولايات المتحدة بإسرائيل - على الرغم من أنها أقل اهتماما هذه الأيام بالنظر إلى الانزلاق الإسرائيلي الحالي بعيدا عن الديمقراطية - يجب التركيز على المصالح الأمريكية وليس مصالح تل أبيب.
وأوضح أن "السعودية قوة كبيرة وسريعة الصعود ستلعب دورا متزايد الأهمية ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن في أسواق الطاقة العالمية والجغرافيا السياسية، وتستفيد واشنطن من امتلاك قوة بهذا القدر الكبير من النفوذ والموارد".
في المقابل، بحسب صعب، "تتطلع السعودية إلى الولايات المتحدة لتزويدها بالأمن لأنه بدونها لا يستطيع ولي العهد متابعة خطته الكبرى للتحول الاجتماعي والاقتصادي بفعالية، وهي أولويته القصوى"، مشيرا إلى تعرض المملكة في السابق إلى هجمات بصواريخ وطائرات بدون طيار شنتها جماعة الحوثي، المدعومة إيرانيا، من اليمن.
واستدرك: "لكن على الرغم من الأهمية الاستراتيجية للعلاقة مع السعودية، فإن الولايات المتحدة غير قادرة على ترقية العلاقات الأمنية إلى تحالف كامل ولا ينبغي ذلك، فلا يوجد إجماع سياسي في واشنطن (...) يتطلب توقيع معاهدة تحالف مع أي دولة أجنبية دون مشورة وموافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، وهو أمر غير مرجح حدوثه".
واعتبر أن "الولايات المتحدة لا تستطيع إنشاء تحالف مع السعودية أو أي دولة أخرى في الشرق الأوسط (باستثناء تركيا وهي بالفعل عضو في الناتو) وتخصيص المزيد من الموارد العسكرية للمنطقة، في وقت تركز فيه على منع الصين من أن تصبح قوة مهيمنة في آسيا".
شراكة حقيقية
ووفقا لصعب، فإن "الرياض ليست بحاجة لاتفاقية دفاع مع واشنطن، ما تحتاجه حقا هو نهج أكثر فاعلية وتنسيقا للأمن، والذي يمكن بناؤه بالعمل مع واشنطن على عناصر مشروع إعادة هيكلة دفاع المملكة".
واستطرد: "على عكس المفاهيم الخاطئة الشائعة، لا تشترك الولايات المتحدة في تحالف مع إسرائيل، ومع ذلك فإن الشراكة الأمنية بين البلدين هي واحدة من أكثر الشراكات الأمنية فعالية في العالم".
وأضاف أنه "حان الوقت لواشنطن كي تنتقل من نظام الوصاية الأمريكية في الرياض (والمنطقة) إلى نظام الشراكة الحقيقية. هذا هو ما تركز عليه القيادة المركزية الأمريكية الآن (...)، اليوم تحتاج واشنطن شركائها الإقليميين لإضفاء المزيد من القوة على اللعبة".
وتابع: "لدى السعودية فرصة كبيرة لرفع مستوى علاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة، بل ولديها بعض النفوذ لدفع واشنطن في هذا الاتجاه، لكن يجب على الرياض ألا تبني عرضها لواشنطن على المصالح الإسرائيلية، فلن يكون ذلك كافيا للتأثير على الرأي العام".