الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اغتيال الثورة السورية عن طريق بعض من يقودها

اغتيال الثورة السورية عن طريق بعض من يقودها

21.01.2017
مرهف الزعبي


 كلنا شركاء
الخميس 19/1/2017
لقد أدركنا منذ انطلاقة ثورتنا المباركة ؛ و لا نزال ندرك قبل غيرنا ؛ بأن لنا الله وحده , و ما لنا أحد سواه . لم نركض يوماً وراء لاعبين و متاجرين إقليميين و دوليين في ملف الثورة السورية . بل على العكس تماماً . كنا نحارب المتاجرين في هذا الملف . لأننا على يقين بأنَّ هؤلاء هم من يعطون الشرعية لعصابة الأسد , و يستغلون مواقف كل من يتعامل معهم . و يبررون للعصابة الأسد القتل و التدمير , و يساندونها بغير غطاء شرعي دولي لإجرامها , و الفتك بشعبها , و تهجيره . متناسين ما التزموا به بدءاً من ميثاق المنظمة الأممية و ما ورد في ديباجتها  (( نحن شعوب الأمم المتحدة , و قد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف)) .
ففي ظل هذا التخبط في السياسات الدولية ؛ و ما يجري من إجرام بحق الثورة السورية ؛ يقف الشعب السوري و ثورته موقف المتسائل مما يحصل لشعب ثائر قدم نحو المليون شهيد ! أين حضور المجتمع الدولي وموقفه مما يجري في سورية ؟ أين موقف المنظمة الأممية و التزامها بتطبيق اتفاقية شرعة حقوق الإنسان ؟ بعد أن وضعت الحرب الكونية الثانية أوزارها على جماجم أكثر من ثمانين مليون قتيل . و تعهدوا بحل النزاعات , و الصراعات بالوسائل السلمية , و المساعي الحميدة لأمين منظمة الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على الأمن و السلم الدوليين قبل تفاقمها و تأزمها . أين الالتزام بمبادئ و أهداف المعاهدات و الاتفاقات الدولية لحماية المدنيين و تجنيبهم آثار الحروب و الدمار ؟ ففي تقرير التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة و الصادر بنهاية العام 1998 , ذكر التقرير أنَّ أكثر من ثمانين بالمائة من ضحايا الحروب , و الثورات , و النزاعات الأهلية هم من المدينيين الذين لم يحملوا السلاح ! و لا أحد يرى ما يحصل في سورية سوى أنها حرب أهلية . مبررين لهذه العصابة سياسة الإجرام التي يرتكبها بحق الشعب السوري .
فرغم هذه المآسي التي يندى لها جبين الإنسانية , و تغليب الازدواجية في تطبيق القانون الدولي ؛ لم يصح البعض من غفلتهم . ظناً منهم  أنَّ بعض المؤتمرات ستكون المنقذ من الويلات التي حلت في سورية . دون أن يعرفوا بأن ملف الثورة السورية الذي أصبح من أعقد الملفات الدولية . أنه بحاجة إلى أطراف و ضامنين كبار – مع احترامنا للأشقاء الأتراك – و أن هذه المؤتمرات بحاجة لتنسيق , و إعادة هيكلة , و بناء ثوري على أسس وطنية متينة .    
إنَّ أغلب من يدَّعي الثورية , و يتكلم باسمها في المحافل الإقليمية و الدولية . هو من يغتال الثورة سياسياً . فواجبات الأخوة قادة الفصائل العسكرية ؛ تحصين الجبهات , و رفع الجاهزية القتالية , و بناء جسور الثقة و التعاون بين بعضهم البعض من جهة , و مع حاضنتهم الشعبية من جهة ثانية . إنَّ هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الثورة ؛ بحاجة إلى تعاون بناء ما بين العسكريين و السياسيين الثوريين لبناء الجسم الثوري الذي يستطيع السوريون وقت ذاك توكيل أمورهم إليه . فالتفويض ؛ من قبل قادة الفصائل العسكرية للمؤسسات الثورية السياسية المتمثلة بالحكومة السورية في الأراضي المحررة هو أهم واجب يجب عليهم اتخاذه . و أن لا تخطو هذه الأخيرة و تسير بمفاوضات كهذه دون أن تكون مدَّعمة بأسس القوة التي تستقيها من الفصائل العسكرية , و القوى السياسية , و الحاضنة الشعبية في سورية .
فعلى قادة الفصائل أنّض روسيا التي تدَّعي وقوفها إلى جانبنا , هي في الحقيقة حليفة الطرف المضاد للثورة , و أقرب أصدقائه . يجب على قادة الفصائل ألا ينسوا أنَّ ملايين الحناجر هتفت بجمعة ( روسيا عدو الشعب السوري ) بتاريخ 5/6/2012 . و ذلك استنكاراً لما يقدمه الروس لعصابة الإجرام في دمشق من دعم غير متناهي على جميع المجالات . فكيف و قد شارك الروس بالعدوان على الشعب السوري و قتله و تهجيره ؟
إنَّ الروس لم يكونوا يوماً إلى جانب الشعوب المطالبة بحريتها و كرامتها , و لن يكونوا . فزعماء السوفيات , قتلوا الملايين من أبناء تلك الدول التي كانت تدور في فلكهم . فكيف بمن يهدد مصالحهم بعد المجازر اليومية التي يرتكبونها بحق الشعب السوري الأعزل , و قتل قادة الثورة و رموزها ؟
إنَّ من يبحث عن مفاصل القوة للثورة , و عن وسائل لإضعاف العصابة و حلفائها ؛ عليه رفض دعوة روسيا , و الجلوس معها . و هذا يضعضع موقعها كلاعب أساسي و مؤثر في العلاقات الدولية بشكل عام , و في الملف الثوري السوري بشكل خاص . و اعتراف منا كثورة بأنها كانت و لا زالت العدو الحقيقي للشعب و الثورة السوريين , و النصير الرئيسي لعصابة الإجرام القابعة في دمشق المحتلة . و ما الهدف الذي تقوم به روسيا من استدعاء كل طرف على حدى إلا لإضعاف القرار الثوري , و إبعاد قادة الثورة عن نهجهم , و خسارتهم لقسم من تحالفاتهم الثورية , و زيادة الشرخ ما بين الفصائل الثورية و الحاضنة الشعبية .
قد لا يكون الاغتيال هو استهداف أو قتل أحد الأفراد أو الجماعات القيادية الهامة التي تؤثر على أهداف و أنشطة الطرف المعادي , أو الصديق المنافس . بغية الوصول إلى سلطة , أو منصب , أو مركز اجتماعي و قيادي . إنما قد يكون الهدف أسمى من ذلك بكثير ؛ كالحالة التي تعيشها الثورة السورية . فقد تكون أنسب الطرق لوأدها هو دعوة من يدعون تمثيلها منفردين لهكذا مؤتمرات .
فعدم التنسيق المسبق بين الفصائل العسكرية مجتمعة , و القيادات السياسية , و الحاضنة الشعبية , و غياب وفد يستمد شرعيته في سورية عن طريق هذه الأركان الثلاثة . لن يُكتب له النجاح . خاصةً إذا ابتعد عن أهداف الثورة . فبغياب هذا الفريق يكون الاغتيال السياسي اغتيال ثورة و اغتيال شعب مكلوم قدم مئات الآلاف من الأرواح لينعم بالحرية و الكرامة .
فبعض الأطراف الدولية تحاول اغتيال الثورة عن طريق من تقوم بتجنيدهم , و مع شخصيات تنتقيهم من أجل التفاوض معهم . كل ذلك بسبب اخفاقاتهم المتتالية على الأرض . فدعوة هؤلاء إلى مؤتمرات المؤامرات هي الكفيل بقتل الثورة إن لم يستطيع الشعب السوري رفض هذه الهدن و التسويات بالطريقة المذلة التي تُفرض عليهم .
إن أغلب من يذهب ليلتقي بشخصيات عصابة نظام الإجرام و حلفائه بهذه الطريقة ؛ ما هو إلا شخصية مجنّدة يتوجه بأيدي هؤلاء المنظمين لمؤتمرات الرضوخ و الإذعان لسياسة الأمر الواقع التي تُفرض عليهم . فيفقد بذلك كل فصيل ما يفقده من حاضنة شعبية , و يبتعد عنه حلفائه الثوريين . لأنه لا بوادر تلوح بالأفق لحل يرضي الثورة و تضحيات الشعب الذي قدّم نحو المليون شهيد . و لا أفق مفتوح ينبئ بتنحي المجرم و محاسبته . لهذا باسم كل التضحيات التي قُدمت و كل الدماء التي سالت و باسم جميع أحرار سورية و شرفائها نناشد المخلصين من القادة ؛ بأن لا يتنازلوا عن مطلب واحد من مطالب الثورة , و أن يثبتوا على المبادئ التي انطلقوا من أجلها و لأجلها .