الرئيسة \  واحة اللقاء  \  انطلاق أعمال "الدستورية السورية" في جنيف "بلا مصافحات" وبتوقعات ضئيلة

انطلاق أعمال "الدستورية السورية" في جنيف "بلا مصافحات" وبتوقعات ضئيلة

02.11.2019
هبة محمد


القدس العربي
الخميس 31/10/2019
جنيف – "القدس العربي" : ندد النظام السوري بما وصفه بأنه احتلال لأراضي سوريا في حين طالبت المعارضة بالعدالة والسلام أمس مع بدء أعمال لجنة تدعمها الأمم المتحدة شكّلت لتحقيق مصالحة سياسية تنهي الحرب المستمرة منذ ثمانية أعوام ونصف العام. ويمثل الاجتماع الأول للجنة الدستورية، المؤلفة من أعضاء من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، خطوة للأمام فيما تقول الأمم المتحدة إنه طريق طويل نحو التوافق السياسي والافت أن انطلاق أعمال "الدستورية السورية" في جنيف جرى بلا مصافحات بين الوفدين وبتوقعات ضئيلة من قبل السوريين.
معلومات خاصة لـ"القدس العربي": موسكو لن تسمح للنظام بإفشال اللجنة
لكن خبراء يشككون بشدة فيما إذا كانت حكومة رئيس النظام بشار الأسد ستكون مستعدة لتقديم الكثير من التنازلات خلال المفاوضات بعدما استعادت قواته المدعومة من روسيا وإيران مناطق واسعة من البلاد في هجمات على مقاتلي المعارضة والمتشددين منذ 2015.
وجلس أعضاء وفدي الحكومة والمعارضة قبالة بعضهم البعض بوجوه جامدة في قاعة بمقر الأمم المتحدة في جنيف بدعوة من مبعوث الأمم المتحدة الخاص جير بيدرسن ودعم من قوى عالمية. ولم يصافح رئيسا اللجنة بعضهما في نهاية المراسم التي استمرت 45 دقيقة.
وقال مسؤول روسي لوفد المعارضة السورية خلال التحضيرات النهائية قبيل انطلاق أعمال اللجنة الدستورية، في جنيف، إن حكومة بلاده لن تسمح لبشار الأسد ونظام حكمه بإفشال العملية السياسية، والتي تنطلق بالإعلان الدستوري، لافتاً إلى أن روسيا داعمة لها.
جلسة بروتوكولية
وأعلن رسمياً عن بدء أول أعمال اللجنة الدستورية، بجلسة بروتوكولية كخطوة أولية، في مبنى الأمم المتحدة بجنيف، مع وصول 150 شخصية سورية من المعارضة والنظام ومنظمات المجتمع المدني، حيث افتتح المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون الجلسة الأولى بمشاركة الوفود الثلاثة ضمن قاعة واحدة.
ووصل وفد المعارضة السورية برئاسة الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة، حيث استقبل الوفد المبعوث الأممي غير بيدرسن وفريقه، كما وصل وفدا النظام السوري برئاسة أحمد الكزبري، والمجتمع المدني الذي لم يحدد رئيس له، وذلك لكتابة مسودة دستور سوري جديد للبلاد، على أن تتواصل المباحثات خلال الأيام المقبلة.
المتحدث الرسمي باسم اللجنة الدستورية، يحيى العريضي قال لـ "القدس العربي" إن حديث الجانب الروسي عن إنجاح أعمال اللجنة ودعم مخرجاتها، وإلزام النظام السوري بقواعد العمل، بأي وسيلة، جاء اليوم، بعد رحلات موفد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألكسندر لافرنتييف إلى سوريا، وإقناع النظام السوري بإزاحة العراقيل امام أعمال اللجنة، وذلك قبيل زيارة غير بيدرسن إلى دمشق". وأوضح العريضي ان اللجنة تتطلع إلى كتابة دستور يليق بمقام سوريا ويرقى إلى طموحات شعبها، متأملاً من الأطراف الأخرى الاستعدادات ذاتها، لأن "سوريا فوق الجميع" لافتاً إلى ضرورة ممارسة الضغط على النظام السوري بهدف تحقيق منجز سياسي. واستدرك العريضي القول، بأن اللجنة الدستورية لا يمكن أن تختصر الحل السوري، ولن تكون الحل بذاتها، لكنها بداية شوط سياسي كان مطلب المعارضة منذ البداية.
البحرة
وألقى رئيس وفد المعارضة هادي البحرة، كلمته امام كتل اللجنة الدستورية، كاشفاً عن تباين الآراء بين المائة والخمسين شخصًا المجتمعينَ في القاعةِ، حولَ العديدِ من القضايا، معلناً "فصلاً جديداً من تاريخِ سوريا". وقال في الجلسة الأولى "يجبُ علينا أن نعضَّ على جروحِنا، ونبدأَ بالاستماعِ لبعضِنا البعضِ، لفهمِ مخاوفِنا وتظلماتِنا، وتحديدِ المشتركاتِ فيما بيننا لتعزيزِها، وتحديدِ نقاطِ الخلافِ فيما بيننا، لإيجادِ طرقٍ لحلِّها، فلا يمكنُ علاجُ خطابِ الكراهيةِ وجرائمِها بكراهيةٍ مقابلةٍ، ولا يمكنُ للجريمةِ أن تبررَ جريمةً أكبرَ، ولا يوقفُ الخطابَ الطائفيَ المقيتَ خطابٌ طائفيٌ معاكسٌ". وأضاف البحرة "كفى أن نعلمَ أنّ حجمَ الدمارِ الذي طالَ البنيةَ التحتيةَ لسوريا خلالَ الأعوامِ الثمانيةِ الماضيةِ 65 بالمائة، وباتَ أكثرُ من نصفِ شعبِنا بين نازحٍ ولاجئٍ، وبلغَ عددُ الضحايا ما يقاربُ المليون، عدا عن المعاقينَ نتيجةً للأعمالِ العسكريةِ والعنفِ والذين باتَ عددُهم بعشراتِ الآلافِ، وباتَ اقتصادُنا يحتاجُ أكثرَ من عشرينَ عاماً ليتعافى ويعودَ إلى مستوياتِه ما قبلَ العام 2007، ومازالتْ حتى يومِنا هذا قضيةُ المعتقلينَ والمغيبينَ قسرياً دونَ حلٍّ جذريٍّ".
واعتبر المبعوث الاممي إلى سوريا غير بيدرسون أن بدء عمل لجنة مناقشة "لحظة تاريخية" وهي أهم قضايا المجتمع السوري بشكل فعلي. وتابع: "لن أملي على اللجنة ما هو صحيح والدستور الجديد ملك للسوريين وحدهم ودور الأمم المتحدة يقتصر على تيسير عمل لجنة مناقشة الدستور" لافتا إلى أن اللجنة يمكن أن تناقش دستور العام 2012 أو تضع مسودة تعديل دستوري وتقديمها للاستفتاء الشعبي، مشددا على أن عمل اللجنة.
الكزبري
وفي الطرف الآخر قال أحمد الكزبري رئيس وفد النظام السوري "دستورنا عصري ولكن لا يمنع الاجتماع لتغييره ووضع دستور آخر يحسن واقع الشعب السوري وهو وحده الذي سيقبل بالتعديلات أو يرفضها". مضيفاً "الشعب السوري هو الوحيد الذي سيحدد مستقبله، وقال: "نرفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في عمل لجنة مناقشة الدستور والشعب السوري وحده هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده وأي نقاش نجريه في جنيف يستند إلى مبادئ سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها".
وبينما تحاول موسكو تركيب أي حل سياسي حسبما يتيسر لها، يرى معارضون سوريون أن اللجنة الدستورية تلعب دوراً مهماً في أولى خطوات سحب شرعية النظام، داعين إلى المساهمة البناءة في عملية تسوية سياسية شاملة وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، بالرغم من ادراك الجميع أن إقرار أسباب اللجنة الدستورية لا يعني نهاية المطاف، بل هو بوابة لخلافات قد تكون أوسع وأعتى، لا سيما مع وجود تباين جوهري في تحديد آلية ادارة عمل اللجنة الدستورية، بين كتل اللجنة، وكيف ستجرى ومن سيشرف على الانتخابات، في ظل ضعف مسارات الثقة بين الأطراف.
في المقابل، يدعو البعض إلى حشد الرأي العام لرفض أعمال اللجنة، ورفض أي مضمون دستوري لا يؤدي إلى الانتقال السياسي الكامل، معتبرين ان خسارة المعركة الدستورية واضحة للعيان. ومن المقرر أن تتواصل أعمال اللجنة واجتماعاتها الموسعة، بمشاركة كل الوفود، إلى يوم الجمعة على أن تبدأ اجتماعات اللجنة المصغرة من 45 عضواً، 15 عن الحكومة السورية، و15 عن المعارضة و15 عن المجتمع المدني، من يوم الاثنين لتستمر حتى الجمعة من الأسبوع المقبل. يجري ذلك في ظل تأكيد أعضاء وفد المعارضة السورية لـ"القدس العربي"، عدم وجود أي تدخل دولي في أعمال اللجنة، على اعتبار أن "العملية ستكون بالكامل سورية – سورية" لافتين إلى أن دور الأمم المتحدة هو ميسر وراعٍ فقط لأعمال اللجنة، بينما جددت الدول الضامنة لمسار أستانة حول سوريا، دعمها للجنة الدستورية السورية، في بيان مشترك لوزراء خارجية "تركيا – روسيا – إيران".