الرئيسة \  واحة اللقاء  \  كبرياء بوتين أم سيادة أردوغان؟

كبرياء بوتين أم سيادة أردوغان؟

30.11.2015
محمد الطميحي



الرياض
الاحد 29/11/2015
    " لو علم الجانب التركي بأن الطائرة المقاتلة كانت روسية لتصرف بطريقة مختلفة" .. ما تقدم ليس تحليلاً عسكرياً أو اجتهاداً شخصياً بل اعتراف واضح أدلى به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهذا يعني أن أنقرة كانت تتوقع أن الطائرة المجهولة التي اخترقت حدودها تتبع للنظام السوري الذي لم تتوان المقاتلات التركية عن استهداف وإسقاط طائراته الحربية أكثر من مرة خلال الأزمة الراهنة.
الحديث عن السيادة، وقواعد الاشتباك لا ينطبق على القوى العظمى هذا ما يدركه أردوغان جيداً لذلك هرع إلى الحلفاء في (الناتو) الذين تلزمهم معاهدة تأسيس حلف شمال الأطلسي بحماية الدول الأعضاء بالقوة العسكرية ضد أي تهديد، لكن التجربة الأوكرانية والدعوات إلى التهدئة دفعت بالرئيس التركي إلى الرجوع خطوة إلى الوراء والمبادرة إلى الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتوضيح الموقف وتلطيف الأجواء إلا أنه لم يجد آذاناً صاغية في موسكو التي رفضت الرد إلا بعد الحصول على اعتذار واضح وصريح عما حدث.
وحين تخوف العالم من تحرك عسكري روسي قد يقود إلى مواجهة دولية مع تركيا وحلفائها اكتفى بوتين بعدد من الإجراءات الدبلوماسية وبخطاب ناري اتهم فيه أنقرة بدعم وحماية الإرهاب في سورية، مع أنه يدرك جيداً أن القرى والبلدات التي كانت تستهدفها المقاتلات الروسية - ومنها تلك التي أسقطتها تركيا- لم تكن خاضعة لتنظيم داعش بل تحت سيطرة المعارضة التي اتفق المعسكر الآخر على وصفها بالمعتدلة.
الكبرياء الروسي بل كبرياء بوتين على المحك فالمسألة ليست إسقاط طائرة سوخوي روسية بطائرة إف 16 أميركية على يد طيارين أتراك، ولا حتى مقتل الطيار سيرغي روميانتسيف وظهوره وهو مغطى بدمائه بين يد الثوار الذين كان يستهدفهم لأسابيع من أجل عين النظام السوري، بل لأن ضربتين في رأس الدب الروسي توجع، الأولى إرهابية خالصة في سيناء، والثانية دفاع عن السيادة في منطقة لم يعد لمعظم بلدانها سيادة.
كان الرد على داعش ممكناً من خلال خلط الأوراق وقصف كل ما هو خارج سيطرة دمشق من عناصر ومليشيات، فكيف سيكون الرد على الضربة الثانية؟
يدرك المتابعون للأزمة أن الرد العسكري لن يكون على الأراضي التركية بل في سورية وذلك من خلال تصعيد الضربات الجوية ضد فصائل الجيش الحر واستهداف كل تحرك يخدم مقاتليه على الحدود مع تركيا وبالتالي عرقلة المساعي الهادفة إلى فرض منطقة آمنة في شمال سورية تمهيداً لإخراج أنقرة من اللعبة بالكامل.
إذاً.. هي ليست طعنة في الظهر كما يقول بوتين بل خطأ استراتيجي -غير متعمد- قد ينهي طموحات الشعب السوري في رحيل سريع للطاغية بشار الأسد الذي لو كان بيده أن يرسم سيناريو الأزمة لما كانت بهذا التعقيد الذي أنقذه من السقوط ولأكثر من مرة.