الرئيسة \  كتب  \  عناوين من المكتبة العربية والعالمية في أسبوع 14/2/2019

عناوين من المكتبة العربية والعالمية في أسبوع 14/2/2019

16.02.2019
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
عناوين الكتب :
  1. "رحلة لم تكتمل": شهادة من ذاكرة المقاومة الفلسطينية
  2. أمينة البنداري :"عوام وسلاطين".. مجتمع متقلب في قرن طويل
  3. زهراء علي.. العراق من وجهة نظر نسوية
  4. عبدالله بن عبدالعزيز الفايد :كتاب يكشف رعب كسرى من العرب
  5. مصطفى الغاشي :قراءة في كتاب قضايا في التاريخ العربي المعاصر بقلم:محمد عبد المومن
  6. علي إبراهيم درويش :العالم الإسلامي مابين الدولة الصفوية و الدولة الخمينية
  7. هابيمون جاكوب :فهم الطريق المسدود في العلاقات الهندية الباكستانية
  8. أندو ماكابي :ترمب رئيس أميركا... أو رئيس عصابة؟
  9. كارل ديغلر :هل تحتاج أميركا عملية تأريخ جديدة؟
  10. كاى ريدفيلد جايمسون :محاولة لفهم الانتحار فى كتاب "ظلمة تتهاوى" عن دار جداول
  11. برونو ماسايش :فجر أوراسيا
  12. عشرة كتب عالمية لا يمكن تجاهلها هذا العام
  13. سيسيل فيسيه :الكرملين يخترق المجتمع الفرنسي بالقوة الناعمة
 
"رحلة لم تكتمل": شهادة من ذاكرة المقاومة الفلسطينية
الدوحة - العربي الجديد
لم تحظ جميع محطّات المقاومة الفلسطينية التي بدأت في ستينيات القرن الماضي، بتسجيل شهادات الذين شاركوا فيها وسيرة حياتهم ونضالاتهم وظلّ جزءاً غير بسيط منها غير موثق لليوم، وربما ركّزت معظم المؤّلفات الصادرة على مسار الأحداث سياسياً وعسكرياً.
في هذا السياق، صدر حديثاً عن سلسلة "ذاكرة فلسطين" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب "رحلة لم تكتمل: محطات على طريق المقاومة" لأبو علاء منصور (محمد يوسف) الذي يروي تجربة واقعية، يختار فيه المؤلّف ثلاث محطات للحديث عنها، هو بطل اثنتين منها، وشاهد على الثالثة.
يعرض الكتاب مرحلة دوره القيادي في الإسناد الخارجي للأرض المحتلة منذ أواسط السبعينيات وحتى منتصف التسعينيات، ثمّ تجربته داخل الأرض المحتلة، ودوره القيادي في مرحلة انتفاضة الأقصى وما قبلها، والفترة الوجيزة بعدها. وتقتصر المرحلة الثالثة على الأشهر الستة الأولى من الهبّة التي اندلعت في خريف عام 2015، وكان فيها مراقباً ومحلّلاً.
في الفصل الأول "هدير الذكريات"، يورد أبو علاء منصور صوراً من تجربته في لجنة التنظيم 77 التابعة لـ "حركة فتح "خلال الأعوام من 1977 إلى 1988، ويسرد فيها واقعة نقل المطران هيلاريون كبوجي السلاح بسيارته إلى المقاومة الفلسطينية في الأرض المحتلة من لبنان عبر معبر الناقورة على الحدود اللبنانية الفلسطينية.
كما يتذكر لقاءه بزهرة القيسي، التي تزوجها: "في مغامرتي التي استمرت ستة أشهر في الأردن، كتب لي القدر أن أتعرّف إلى زوجتي زهرة القيسي. تردّد والدها كثيراً قبل أن يوافق على اقتراني بها. ليس سهلاً على والد أن يلقي بمصير ابنته بين يديّ شاب في مهب الثورة. صمّمت على الاقتران بزهرة، ووجدت من يزكّيني عند والدها". تزوجها بوثيقة مزوّرة، "وحين أنجبتْ طفلنا البكر علاء وجدنا أنفسنا في ورطة. كيف نستخرج له جواز سفر ووالدته مسجّلة عزباء في جواز سفرها؟ وأنا والده، جواز سفري محجوز لدى المخابرات الأردنية، وليس لديّ وثيقة أخرى".
يعود منصور أيضاً إلى خط الأثر الذي أقامته قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود غرب نهر الأردن والذي ظلّ اجتياز عقبة أمام الفدائيين الداخلين إلى الأرض المحتلة، والطالب المسيحي في "الجامعة الأميركية" جورج ثيودوري الذي كان يضطر للصلاة مع رفاقه المسلمين منعاً لأي ثغرة أمنية، واستشهاده في عام 1979 في عملية تفجير محطة الباصات المركزية في تل أبيب، وانسحاب المقاتلين الفلسطينيين من بيروت بعد اجتياح عام 1982.
ويتحدّث عن تفاقم الغضب في صفوف مناضلي فتح، وفي أوساط الثورة عموماً، وتعاظم المطالبة بمحاسبة الفاسدين المسؤولين عن سقوط الجنوب اللبناني، والانشقاق في حركة فتح، وعن علاقته بأبو جهاد حتى اغتياله في تونس في عام 1988.
يروي منصور في الفصل الثاني "اصطادوا الصقر" أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000، ويبدأها منذ عودته إلى فلسطين بعد اتفاق أوسلو في عام 1996، ومروان البرغوثي ومعاناته مع الصراعات الداخلية في فتح، كما يتذكر يوم قصفت الأباتشي الإسرائيلية مكتبه، والعمليات التي نفذتها المقاومة، في مقابل تمسك السلطة الفلسطينية بوقف إطلاق النار.
ثم ينتقل إلى اجتياح رام الله في عملية "السور الحامي"، واختباءه ومروان البرغوثي في أحد المستودعات، وانتقالهما إلى أحد المنازل، ثم افتراقهما، واعتقال الاحتلال مروان والفراغ الذي تركه هذا الاعتقال في قيادة الانتفاضة، ثم تنقله مطاردًا بين منازل الأصدقاء، والمخاطر التي أحاقت به، إلى أن انسحب الإسرائيليون من طرف واحد من قطاع غزة في عام 2005، فخرج من دائرة التخفّي، وبادر إلى بناء إطار يضم أمناء سرّ أقاليم فتح في الضفة الغربية، محاولاً ردم ما يمكن من حفرة الفراغ التي خلّفها اعتقال البرغوثي.
في الفصل الثالث "عجز الكبار" يتذكر منصور الأشهر الستة الأولى من الهبّة/الانتفاضة التي اندلعت في خريف 2015، ويورد قصصاً من بطولات شبانها وفتياتها.
==========================
أمينة البنداري :"عوام وسلاطين".. مجتمع متقلب في قرن طويل
سناء أمين
وهي تقارب تاريخ مصر والشام في الفترة المتأخرة من العصر المملوكي، تقدّم الأكاديمية والباحثة المصرية أمينة البنداري ما بات يعرف بـ"قراءة من أسفل" للتاريخ، حيث تدمج "العوام" في سردية التاريخ.
ترصد البنداري في كتابها "عوام وسلاطين.. الاحتجاجات الحضرية في أواخر العصور الوسطى في مصر والشام" والذي نقله إلى العربية عثمان مصطفى وصدر مؤخراً عن "المركز القومي للترجمة"، التحوّلات الواسعة في أواخر القرنين الرابع عشر والخامس عشر والتي أثرت في مؤسسات الحكم نفسها.
تتوزع عناوين فصول الكتاب بين "مقدمة: القرن الخامس عشر الطويل"، و"تحوّل الدولة المملوكية"، و"مجتمع متقلب"، و"تعميم الثقافة والاتجاه البرجوازي"، و"بين الشغب والمفاوضات: السياسة الشعبية والاحتجاج"، و"الاحتجاج والخيال الاجتماعي في العصور الوسطى".
تتناول الكاتبة مختلف التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها السلطة المملوكية والطرق التي تعامل بها الحكام معها، من الاحتكارات التجارية والفروض الضريبية مروراً بانتشار الطاعون، وصولاً إلى تخفيض قيمة العملة؛ إذ يظهر أن ردود السلاطين المماليك على هذه الأزمات أدّت إلى تحولات طويلة المدى غيّرت طبيعة المؤسسات المملوكية.
في جانب آخر، يبحث الكتاب في السكان والتغيّرات الديمغرافية، ويركز على سلطة القبائل البدوية المتزايدة في العديد من مناطق الريف وتأثيرها على مجتمعات الفلاحين والحياة الحضرية. كما يستكشف تحرّك مجموعات عرقية مختلفة من أطراف المجتمع أقرب إلى المركز، وظهور طبقة جديدة من ملاك الأراضي، وهي تغييرات تسبّبت في قلق وتوتر واحتجاجات متكررة في المدن المختلفة.
تلتفت الباحثة أيضاً إلى تعميم الاطلاع الأدبي وتطور الاتجاه البرجوازي، فتنظر في العوامل التي تقف وراء انتشار الثقافة والإنتاج الثقافي، إلى جانب الصلة بين الحراك الاجتماعي والاتجاه البرجوازي.
وفي قراءة لمختلف نماذج الاحتجاج الشعبي، تدرس البنداري الطرق التي تفاوضت بها مجموعات مختلفة في المجتمع المملوكي على مصالحهم مع السلطات. تذهب هنا إلى أن سلوك عامة الناس، لا سيما النخب غير الحضرية، وقراراتهم، واحتجاجاتهم، كانت جزءاً من التحولات التي حدثت في ذلك الوقت وانعكاساً للطريقة التي تشارك بها مجموعات أكبر في المجتمع في سياسات زمانهم.
وتكشف الكاتبة كيف كان يمكن حتى للأشخاص الذين ليس لديهم وصول مباشر إلى السلطة اللجوء إلى مجموعة متنوعة من الوسائل، بما في ذلك الاحتجاجات والمظاهرات لإسماع أصواتهم بشأن قضايا مثل الضرائب والرسوم والظلم وفساد المسؤولين.
من جهة أخرى، تلفت البنداري إلى تلاعب السلطة بالاحتجاجات في بعض الأحيان وتوجيهها للسماح بتفجيرات من شأنها أن تخفف الضغط الاجتماعي، مناورات كانت شائعة خلال الفترة المملوكية المتأخرة، بحيث باتت الاحتجاجات محاولات للحفاظ على نظام اجتماعي وتقاليد وامتيازات عرفية راسخة في مواجهة التغيرات والتحولات الاجتماعية العميقة.
==========================
زهراء علي.. العراق من وجهة نظر نسوية
ابتسام عازم
تتناول الباحثة والأكاديمية العراقية، زهراء علي، في كتابها "المرأة والجندر في العراق: بين بناء الأمة والتفتت"، الصادر عن "دار جامعة كامبردج" نهاية عام 2018، التاريخ الاجتماعي للحركات النسوية والنسويات في العراق. ومن هناك تنطلق لتقديم قراءة أوسع في تاريخ العراق السياسي والاقتصادي والفكري والاجتماعي.
تحاول علي في كتابها الوقوف على التحوّلات التي مر بها العراق، منذ تأسيس الدولة الحديثة في عشرينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا، وهي بذلك تضيء كيف أدّت هذه التحوّلات إلى خلق "مجتمعات" داخل المجتمع ذاته، مجتمعات معسكرة تفتتها الطائفية.
تركز الباحثة العراقية، والتي تعمل أستاذة مساعدة في "جامعة روتجرز" الأميركية بولاية نيوجيرزي، في بحوثها على قضايا الجندر والمرأة كما الحركات الاجتماعية والسياسية في الشرق الأوسط عموماً، والعراق خصوصاً، وتبحث سياقاتها المتعلقة بالحرب والصراعات.
أبعد من النسوية
في حديث لـ"العربي الجديد" في نيويورك، حول إصدارها الجديد، تطرّقت علي إلى واقع الإنتاج المعرفي حول تاريخ العراق إذ ترى أن "هذا الإنتاج المعرفي كثيراً ما تسوده مقاربة تقليدية تركز على السلطات والأنظمة السياسية والقيادات، مما يجعلها تقدم قراءات محدودة وتقليدية لتاريخ العراق ومجتمعه. ناهيك عن تركيز الكثير من تلك الأبحاث على فترات محدودة تتراوح في حدود عام 2003".
لكن ما الذي يضيفه تناول تاريخ أي بلد، وليس العراق فقط، من منظور النسوية والتاريخ الاجتماعي؟ تشير المؤلفة هنا إلى أنه "من الضروري أن ننظر إلى موضوع النسوية بشكل لا يحصرها فقط بالنساء أو "قضايا المرأة" بل كأمر يتعلق بالعدالة الاجتماعية الكاملة في أي مجتمع. وهذا يعني أنها تخصّ كذلك الرجال، وتتقاطع مع مسائل مثل الفقر والاقتصاد والطبقة وغيرها. بكلمات أخرى، فإن طرح فكر نسويّ لقراءة التاريخ، يعني أننا نتناول تاريخ بلد ما عن طريق تاريخ المجتمعات المهمّشة، وليس عن طريق التاريخ الرسمي والمؤسسات المهيمنة. والنساء هن جزء أساسي من المجتمعات المهمشة".
تاريخ شفوي
اتبعت علي في بحثها المنهج الإثنوغرافي كي تتمكن من طرح قراءة بديلة لتاريخ العراق من منظور الفئات والطبقات المهمشة. في هذا السياق تشرح قائلة: "كان لا بد أن يُبنى بحثي على أساس العمل الميداني الإثنوغرافي المتعمق. ولهذا عشت في بغداد لمدة سنتين بشكل رئيسي، لكن قمت كذلك بزيارات بحثية إلى أربيل والسليمانية، في كردستان العراق. في هاتين السنتين عايشت النساء ووقفت على عمل المؤسسات المختلفة ولم يقتصر بحثي على المقابلات والمشاهدات، بل إنني كنت منخرطة وموجودة دائماً مع تلك الحركات والأفراد ولهذا نتحدث عن تناول إثنوغرافي".
تضيف: "كان ذلك ما بين الأعوام 2010 و2012 وعدت بعدها مجدداً للبحث، في سنوات 2013 و2016 و2017، ولكن بشكل متقطع. كان الغرض من العودة توسيع البحث ليشمل النجف والكوفة وكربلاء والناصرية في سياق الحراك الشعبي الذي عاشه العراق".
كذلك، جمعت علي تاريخاً شفوياً من نساء وناشطات اجتماعيات وسياسيات، تتراوح أعمارهن ما بين 21 و74 سنة، أتين من خلفيات وتوجهات مختلفة. مكّن ذلك الباحثة العراقية من تغطية حقب واسعة من حياة المرأة والمجتمع العراقي بكل جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية. أما المواضيع التي تعرضت إليها تلك النقاشات فكانت متنوعة ومن بينها قوانين الأحوال الشخصية والعنف الطائفي والسياسي وعسكرة المجتمع والمساوة بين الجنسين والتحرر والعدالة الاجتماعية على سبيل المثال لا الحصر.
خفوت الراديكالية
تضع علي بحثها "في سياق الأدبيات النسوية العابرة للقومية وما بعد الكولونيالية مع التركيز على التداخل بين قضايا الجندر والأمة والدولة والدين" بحسب عباراتها. وتؤكّد المؤلفة أنها درست "تأثير سياسات الدولة والقوميات المتنافسة والديناميكيات الدينية والقبلية والطائفية، فضلاً عن الحروب والعقوبات الاقتصادية، على تبلور القواعد والممارسات المتعلقة بالجندر والخطابات والنشاطات النسائية العراقية".
تشير علي إلى أن "أول جمعية نسوية في العالم العربي كانت في العراق ومصر عام 1923، وتلتها العديد من الحركات كانت راديكالية. ولكن فكر تلك التيارات شهد تراجعاً في فترات لاحقة. وما زلنا نشهد وجود ناشطات نسويات راديكاليات ولكن العدد يبقى قليلاً نسبياً". توضّح: "يعود سبب هذا التراجع إلى التراجع العام الذي شهده العراق على مستويات عديدة من بينها الصحة والتعليم".
وحول المشهد العام المتعلق بالجمعيات النسائية تلفت علي إلى "انتعاش" ثقافة الـ "إن جي أوز" في العراق، مما يؤثر على البرامج والخدمات التي تقدمها الحركات النسائية، وخاصة تلك التي تريد الخروج من كنف الطائفة أو الدين أو القومية. وتشير إلى إن الإشكالية في هذا السياق تكمن في أن عدداً لا بأس به من تلك المؤسسات تحمل برامج مشابهة من ضمنها نشر توعية حول مواضيع معيّنة أو المطالبة بأمور مشابهة كالحصص (كوتا) في البرلمان مثلاً.
تؤكد الباحثة العراقية على أن الإشكالية لا تكمن في المطالب والبرامج من الناحية المبدئية، بل لكونها مفروضة بتأثير أجندات المؤسسات المانحة في الكثير من الأحيان. وتشير في الوقت ذاته، إلى أنه وفي ظل غياب مؤسسات وغياب الخدمات الأساسية، فإن الحركات النسائية هي التي تقدم خدمات اجتماعية من المفترض أن تقدمها الدولة. لكن هذا لا يعني غياب الناشطات النسويات صاحبات النظرة النقدية والفكر البديل إلا أن عددهن قليل.
مصطلحات ومغالطات
ولدى الحديث عن الفرق بين النسائي وبين النسوي، تجيب علي بالقول: "هذا سؤال معقد وتناوله ليس بتلك السهولة. ولكن عموماً يمكن أن أقول إنني أعتبر أن أي امرأة تحاول تقديم شيء للمجتمع، للنساء أو الرجال، فهي تقوم بعمل نسوي. طبعاً هذا إلى جانب أنواع أخرى من العمل النسوي الأكثر راديكالية والمرتبط تاريخياً باليسار.. في كتابي أقف عند إشكالية الحديث عن مفهوم "العلمانية" ومفهوم "الدين". لا أريد أن أقع بخطأ التوجه الذي يرى أن أي شيء مرتبط بالدين هو "محافظ" أو أن أي شيء علماني هو "متفتح". هذه التصنيفات مغلوطة والواقع أكثر تعقيداً، وقد وجدت نساء يعرّفن أنفسهن بأنهن علمانيات ولكن نجدهن يحملن فكراً محافظاً وذكورياً، وهناك جزء آخر لا يحب تعريف نفسه بالعلماني وجدته بممارسته أحياناً أكثر راديكالية، وفي نهاية المطاف هذا موضوع شائك وعلينا التعامل معه بدقة وحذر".
تصف علي كتابها بأنه ليس عن النساء والجندر والحركة النسوية في العراق فحسب، بل كذلك بأنه عمل نسوي يحلل من وجهة نظر نسوية التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المعاصر في العراق.
==========================
عبدالله بن عبدالعزيز الفايد :كتاب يكشف رعب كسرى من العرب
عبدالله الفايد
حائل - ياسر النازح  
أبرز كتاب "قبس من الماضي بعيون الحاضر" الذي صدر مؤخراً لمؤلفه عبدالله بن عبدالعزيز الفايد، مآثر الأمة العربية أمام ملك الفرس "كسرى" وكيف دخل الرعب في نفسه وقلبه عندما قدم النعمان بن المنذر ملك العرب إليه وعنده وفود الروم والهند والصين فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جميع الأمم بما فيهم فارس، وعجب كسرى من ذلك قائلاً: إنك لأهل لموضعك من الرئاسة.
لم يتوقف النعمان بن المنذر عند ذلك بل قام بإرسال رهط من العرب لهم فضل في أحسابهم وأنسابهم وعقولهم وآدابهم إلى كسرى.
كما قلب الكتاب صفحات بطون كتب تراثنا الأدبي العظيم ما قبل صدر الإسلام والقرن الأول الذي يليه، ونفض غبار الزمن القديم وبين الكثير من مواقف رجال الماضي ونسائه، وجمع أيضاً بعض الروايات التي فيها معانٍ ومقاصد جمة والتي تتحدث عن الأمثال وموجبات كل مثل، كما دون فيه بعض المناظرات الشعرية وكلام فصحاء وحكماء العرب. وختم الكتاب بأطرف النصائح التي نصح بها خالد بن صفوان خليفة المسلمين أبا العباس عبدالله بن محمد العباسي الملقب بـ"السفاح".
==========================
 مصطفى الغاشي :قراءة في كتاب قضايا في التاريخ العربي المعاصر بقلم:محمد عبد المومن
تاريخ النشر : 2019-02-12 خ- خ+ 
"قضايا في التاريخ العربي المعاصر, الوحدة في المشروع القومي " للباحث مصطفى الغاشي
*****
منذ حملة نابليون على مصر, وما خلفته في الوعي العربي من أسئلة عن أسباب تقدم الغرب, وتخلف العرب والمسلمين, وعن سبل تحقيق النهضة, والشعوب العربية تأمل وتسعى لتحقيق الوحدة, التي اعتقد كثيرون أنها الأمل الوحيد للخروج من الكبوة التاريخية, ولتحقيق التقدم المنشود. وإذا كانت كل مشاريع القومية العربية قد ظلت مجرد حبر على ورق, فإن المشروع الناصري يشكل استثناءا, لكونه الوحيد الذي استطاع نقل فكرة الوحدة من المستوى النظري إلى مستوى التطبيقي.
وبهدف تحليل وتقييم إشكالية الوحدة عند تيارات القومية العربية عامة, وعند التيار الناصري على وجه الخصوص, أصدر الباحث المتخصص في العلاقات المغربية العثمانية والرحلات المشرقية, مصطفى الغاشي كتابا أسماه: " قضايا في التاريخ العربي المعاصر, الوحدة في المشروع القومي " وهو كتاب من القطع المتوسط, صفحاته 207, ويضم بالإضافة المقدمة والخاتمة, ثلاثة أقسام وتقديما مختصر بقلم الدكتور مصطفى حنفي.
في القسم الأول وعنوانه: " الوعي القومي العربي قبل 1952 وموقع مصر منه " استعرض المؤلف بدايات الوعي القومي انطلاق فكرة الجامعة الإسلامية, من خلال أفكار بعض رموز السلفية المتنورة, كجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكوكبي. ثم  انتقل إلى مرحلة ثانية عرفت ظهور تيارين قوميين هما: تيار القومية المحلية, الذي ظهر بمصر خلال العقود الأولى من القرن العشرين, على يد أحمد لطفي السيد, وتيار القومية العربية الذي دعا إلى إقامة كيان سياسي عربي موحد وقوي, والذي تشكل من منظمات وأحزاب عديدة أهمها حزب البعث الذي استمد مرجعيته من أفكار ميشيل عفلق.
في القسم الثاني, وعنوانه: " المشروع القومي الناصري "  ينتقل بنا المؤلف إلى السياق التاريخي لثورة يوليوز, مع التركيز على دلالات بعض المفاهيم عند التيار الناصري, كمفهوم الأمة, ومفهوم القومية العربية... ثم يقيِّم المؤلف  تجربة الوحدة بين مصر وسوريا, مع الوقوف عند أسبابها ونتائجها, والعوامل التي أدت إلى تصدع الجمهورية العربية المتحدة, وقد اعتبر المؤلف أن " تجربة الوحدة المصرية السورية جاءت لتعبر عن نكبة التيار القومي... وأن الانفصال كشف حقيقة وتناقضات القوى القومية ومنها الناصرية ".
أما في القسم الثالث, والمعنون ب : " حدود المشروع القومي الوحدوي الناصري ملاحظات واستنتاجات " فيركز المؤلف على السياقات المحلية والدولية التي أفرزت ما يسمى بثورة يوليوز, وقد اعتبر المؤلف أن تلك الثورة كانت بالأساس حدثا قطريا وليست حدثا قوميا, وأنها كانت بظرفية المرحلة في المنطقة العربية, وظرفية الصراع بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي.  وفي خاتمة هذا القسم يحلل المؤلف العلاقة بين العروبة والإسلام في التصور الوحدوي الناصري, وقد اعتبر أن هذا التصور قام بالأساس على مفاهيم عسكرية, وعلى مفاهيم غربية علمانية تم تضمينها للعروبة, الشيء الذي جعله يبدو متناقضا مع الواقع التاريخي والإسلام الحضاري الذي شكل وبلور ( تاريخيا ومصيريا ) العروبة.
يكتسب هذا الكتاب أهميته من الموضوع الذي اختاره المؤلف, ( المشروع القومي الناصري ), ومن المنهجية التي اعتمد عليها ( تحليل الخطاب القومي عامة والناصري بشكل خاص ), ومن استناده على عشرات المصادر التي وضعها مفكرون قوميون, أو باحثون مهتمون بتاريخ التيار القومي العربي وخطابه. لكن في نظري لهذا الكتاب أهمية خاصة كونه يلفت الانتباه إلى التيار الناصري, الذي أثار ولا يزال الكثير من النقاشات مشرقا ومغربا, كما أن هذا الكتاب بفضل تركيزه على الجانب المفاهيمي, يضع حجر الأساس لدراسة العلاقات المغربية المصرية خلال عهد جمال عبد الناصر, وخصوصا علاقة الحركة الوطنية المغربية وزعماء جيش التحرير المغاربة بالنظام الناصري, ومدى تغلغل الأفكار الناصرية بالمغرب خلال الخمسينات والستينات من القرن الماضي, دون أن ننسى تأثير مصر الناصرية على العلاقات المغربية الجزائرية, ومشاركة المصريين في حرب الرمال, وعلاقة ذلك بسيرورة العلاقات بين البلدين.
==========================
علي إبراهيم درويش :العالم الإسلامي مابين الدولة الصفوية و الدولة الخمينية
(السورية 06/ 02/ 2017)
 اسم الكتاب: السياسة والدين في مرحلة تأسيس الدولة الصفوية (1501-1575
الكاتب: علي إبراهيم درويش
الناشر: مؤتمر إنقاذ الأمة
عدد الصفحات: 495 ص
صدر الكتاب لمؤلفه الدكتور علي إبراهيم درويش عن المركز العربي للأبحاث  ودراسة السياسات عام 2013م وهذا عرض له:
لقد أقر الشرع التداخل بين السياسة والدين، حيث كانت بينهما علاقة تاريخية استمرت قائمة خلال تاريخنا الإسلامي. ولقد استفادت الدولة الصفوية من هذه العلاقة في تشكيل دولة ذات صبغة مذهبية شيعية.
ومع انتشار الإسلام واتساع المدى الجغرافي للدولة الإسلامية وابتعادها عن عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يبق الخليفة هو الأقوى، واستمر هذا الوضع إلى أن تم القضاء على الخلافة الموجودة في بغداد على يد هولاكو.
ضمن هذه الظروف انبثقت الدعوة الصفوية في القرن السادس عشر متخذة المذهب الإمامي الإثني عشري مذهباً رسمياً، وعاشت في إيديولوجية "الدولة الغاصبة لحق الإمام الغائب" واستمرت الدولة الصفوية حتى القرن الثامن عشر.
وطبقت في الدولة الصفوية نظام الحاكمية أو ما عرف لاحقاً "بولاية الفقيه". وهذا الوضع ترك أثراً في المجالين السياسي والاقتصادي.
وهكذا انبعثت الدولة الصفوية وسيطرت على بلاد فارس عندما حكم الشاه اسماعيل الأول وابنه طهماسب (1578-1501)م، وانفرد الصفويون باتباع المذهب الإثني عشري وتحول إسماعيل من شيخ إلى شاه.
وقام الشاه إسماعيل بمقاطعة خليفة المسلمين، وأعلن بدلاً منه خليفة شيعياً إمامياً هو الإمام الثاني عشر (المهدي المنتظر) والذي تمارس المراجع سلطتها بالنيابة عنه، ويعرف المرجع بـ "نائب الإمام".
أحوال العالم الإسلامي ماقبل الدولة الصفوية:
عندما تلقت بعداد الضربة من المغول في القرن الثالث عشر، وسقطت الخلافة العثمانية بعد هذه الضربة كانت بداية نشأة الحركة الصفوية التي استطاعت ترجمة أفكارها سياسياً ببناء دولة في مطلع القرن السادس عشر، وقامت الدولة الصفوية من بلاد فارس وتجاوزت حدود دولة إيران الحالية وأسسوا إمبراطولة واسعة شملت أجزاء من أرمينيا، أذربيجان،جورجيا، روسيا، تركيا، أفغانستان، باكستان، الهند، تركستان، كازخستان، العراق. لذلك تنوعت من حيث السكان والقبائل الكبرى.
قامت الدولة الصفوية في المناطق التي تتقاطع فيها الطرق التجارية بين أقصى شرق آسيا والبحر المتوسط وأوروبا غرباً. وبين المحيط الهندي والخليج جنوباً وروسيا شمالاً، فهي وسط إمبراطوريات ثلاث: المغول في الهند، والعثمانيون في الأناضول، والمماليك في مصر وبلاد الشام.
ضمن هذه المناطق الجغرافية والأجواء السياسية عاش مؤسس الحركة الصفوية منهم الأول إسماعيل الأول المجسد العملي للدولة الصفوية.
ونشير هنا من خلال ماذكر إلى أهمية العامل الجيوسياسي التي تسعى إليه الدولة الصفوية للوصول إلى شواطئ البحر المتوسط.
نشاة الدولة الصفوية:
في ظل الانقسام كان الصفويون مجتهدين في نشر دعوتهم وتنظيم صفوفهم كان هذا في عام 1500م، فقد أقيمت الخطبة باسم إسماعيل وضربت العملة باسم الأئمة الإثني عشر في عام 1511م.
ويرى باحثون أن الدولة الصفوية تقوم على نزعة دينية شيعية واستخدمت هذه النزعة الشيعية في تقوية الدولة في النواحي السياسية والعسكرية.
 أهمية العامل الجيوسياسي في تأسيس الدولة الصفوية
وفي عام 1513م سيطر الصفويون على مساحات كبيرة وأصبحت إمبراطورية تجاور العثمانيين شمالاً وغرباً والأوزبك شمالاً شرقاً، والتيموريين في الهند جنوب شرق، والمماليك من جهة جنوب غرب.
تكّون اقتصاد الدولة الصفوية من موارد متعددة أهمها خراج وضرائب الأراضي، والصناعة والتجارة. ولقد استفاد الشاه إسماعيل الأول من الانقسامات التي كانت موجودة بين الأمراء الإسلاميين في إقامة وتأسيس مملكته.
الصفويون والدين بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر:
قامت الدولة الصفوية في مناطق بؤر التوتر بين العالم الإسلامي والبيزنطيين والروس والجورجيين والمغول والتتار، لذلك لجأت الدولة الصفوية إلى القتال فكان "الغزو" نهجاً وظاهرة حتى وصلت إلى تأسيس سلطنة توجت عليها إسماعيل شاهاً في تبريز.
أعلن الشاه إسماعيل الأول المذهب الإمامي الإثني عشري مذهباً رسمياً، وأمر المؤذنين يزيادة لفظ "أشهد أن علياً ولي الله" وادعى أنه ممثل الإمام المهدي، وانتحل نسباً يصله بالإمام موسى الكاظم، يؤسس لمقولة النيابة عن الإمام الثاني عشر التي تشترط حيازة النسب القرشي الذي اتفقت معظم كتاب الأحكام السلطانية والفقهاء على اعتباره شرطاً يجب توافره في خليفة المسلمين، وهذا يجعل الشاه يساوي منزلة القرشيين المستحقيين للخلافة.
ووقع الصراع بين العثمانيين والصفويين، وقام السلطان العثماني بتكفير الشاه وفرض الجهاد ضده، ورمى الصفويون أي حركة سياسية مقاومة بالتعاون مع العثمانيين.
استقدم الشاه إسماعيل الأول ورجال دين شيعة من جبل عامل في لبنان، واستفاد منهم في ضرب نفوذ بعض الملالي الفرس غير المطيعين له في مآربه السياسية.
عندما نقارن الآن بين الدولة التي فرضها الشهاه اسماعيل الأول في مطلع القرن السادس عشر، وبين الدولة التي أقامها الخميني في عام 1979م نجد أن هناك عدة نقاط مشتركة، وهي:
أولاً- تشترك الدولتان في أنهما قامتا بعد ضعف وانقسامات شهدتها الساحة السنية، فقد قامت دولة إسماعيل الأول بعد سقوط الخلافة العباسية، وصراع الأمراء المسلمين في العراق والشام، وكذلك جاءت دولة الخميني بعد سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، وتقسيم المنطقة إلى دويلات متعددة، واصطراع دائم بينها.
ثانياً- تشترك دولتا الشاه إسماعيل الأول والخميني في أنهما تتطلعان إلى التوسع باتجاه البحر المتوسط، فلم تصل دولة إسماعيل الأول إلى البحر المتوسط بسبب وقوف الدولة العثمانية في وجهها، ولكن دولة الخميني وصلت إلى البحر المتوسط عندما سيطرت على العاصمتين: بيروت ودمشق بسبب عدم وجود دولة تصدها وتقف في وجهها.
ثالثاً- تشترك لدولتان في أنهما استفادتا من شيعة جبل عامل، فقد استقدم الشاه إسماعيل الأول رجال دين من شيعة جبل عامل ليعضد بهم قوته داخل إيران، كما استفاد الخميني من شيعة جبل عامل في إنشاء حزب الله الذي كان أكبر أداة في يده للسيطرة على بلاد الشام.
رابعاً- تشترك الدولتان في أنهما قامتا على استخدام الغزو والقتال في توسيع نفوذهما، فاستخدم الشاه إسماعيل الأول الغزو أداة رئيسية في مواجهة القبائل والشعوب المحيطة من أجل إخضاعها وتشيعها.
 راسل الشاه إسماعيل الول الأسبان والبرتغاليين وتعاون معهم، كما راسل الخميني الرئيس الأمركي ريغان وتعاون مع إسرائيل في حربه على العراق 1980-1988
كما استخدمت دولة الخميني الميليشيات في توسيع سيطرتها، فقد أنشأت عصائب الحق والنجباء في العراق، كما انشأت مليشيات "الفاطميون"، و "الزينبيون" في باكستيان وأفغانستان، و "الحوثيون" في اليمن.
خامساً- تفترق الدولتان في أن دولة الشاه إسماعيل الأول تصدت لها الخلافة العثمانية في اسطنبول من لحظة قيامها وهددت وجودها عددة مرات، احتلت عاصمتها تبريز كما فعل السلطان سليم الأول عام 1514م، ولكن دولة الخميني لا توجد دولة تتصدى لها، لذلك استطاعت أن تنجح في احتلال أربع عواصم حتى الآن وهي: بيروت، بغداد، دمشق، صنعاء.
سادساً- تشترك الدولتان في أنهمت تخدمان عدو الأمة الخارجي، وتتعاونان معه، فقد ثبت أن الشاه إسماعيل الأول راسل الأسبان والبرتغاليين وتعاون معهم، كما راسل الخميني الرئيس الأمركي ريغان وتعاون مع إسرائيل في حربه على العراق 1980-1988 والتي فضحتها قضية كونترا-غيت كما ساعدت دولة الملالي إيران أمريكا على احتلال أفغانستان عام 2001م والعراق 2003م.
==========================
هابيمون جاكوب :فهم الطريق المسدود في العلاقات الهندية الباكستانية
لميس فرحات
إيلاف من بيروت: هابيمون جاكوب يحاول فهم الطريق المسدود الحالي في العلاقات الهندية الباكستانية خلال فترة الحكومة الحالية وعلاقة النزعة القومية في الإعلام بالتأثير على الرأي العام.
جاكوب أستاذ مشارك في جامعة جواهر لال نهرو، اكتسب شهرة أكبر خلال العامين الماضيين من خلال كتابته المنتظمة حول الشؤون الإستراتيجية في صحيفة (ذا هيندو) ولتقديمه برنامجاً قائماً على المقابلات مع (ذا واير).
في كتاباته، استفاد من مشاركته خلال العقد الماضي مع عمليات المسار الثاني بين الهند وباكستان، بعد أن شارك في حوارات شافرايا وأوتاوا، كما أنه رئيس المبادرة البحثية المستقلة لمراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار، ومراقبٌ للصراع الهندي-الباكستاني.
بالنسبة للقارئ العادي، تضع هذه الخلفية جاكوب كمصدر مفيد لفهم الطريق المسدود الحالي في العلاقات الهندية الباكستانية خلال فترة الحكومة الحالية، وهو ما يتضح من موضوع كتابه الرئيسي، وهو إعادة تنشيط خط المراقبة ( خط السيطرة) Reactivation of the Line of Control (LoC).
خط النار
في أكثر من 400 صفحة من كتابه تحت عنوان "خط النار" Line of Fire، يشير جاكوب إلى أن التوتر على طول خط السيطرة من المحتمل أن يتحول إلى نزاع، وقد يصبح نووياً. كما أنه يعترض على الرأي السائد بأن انتهاكات وقف إطلاق النار يمكن التحكم فيها وربما تكون تنفيساً مفيداً للمشاعر والتوترات.
احتمال حرب نووية
يتخوف جاكوب من أن القومية المتعنتة في وسائل الإعلام في المجتمع قد تقيد أيدي صانعي القرار السياسي في حالة تفاقم خرق وقف إطلاق النار من خلال العنف الفاضح. وبعد مرور ثلاثة عقود على الصراع الطويل في كشمير، أصبح القراء على دراية بما يمكن أن يحدث إذا تدهور الوضع. التبادلات العنيفة المشددة على خط السيطرة - باستثناء حوادث الإرهاب الضخمة في الهند القارية - قد تؤدي إلى إطلاق مبدأ "البداية الباردة "في الهند أو إطلاق هجمات استباقية على المستوى التقليدي.
السيناريو الثاني هو أن هذه الهجمات يمكن أن تتخطى بدورها الأسلاك الشائكة وتؤدي إلى أول استخدام نووي باكستاني. وبما أن الهند تعد بإنتقام نووي "ضخم" لأي ضربة نووية عليها أو على قواتها في أي مكان، فإن أي عمل انتقامي قد يؤدي إلى محو باكستان من الخريطة، وبالتالي يحوّل جنوب آسيا إلى منطقة بيئية قاحلة.
من المهم استحضار الصورة المروعة هذه لإظهار الأخطار الناجمة عن عدم رغبة كلا الجانبين في إنهاء مشكلتهم التي مضى عليها سبعون عاماً، أو على الأقل تنفيذ عدد كبير من تدابير بناء الثقة المتفق عليها على خط التماس.
ألعاب عسكرية
جاكوب كان جريئاً بشكل خاص في فصل من كتابه بعنوان "الألاعيب العسكرية والصعود الأخلاقي". في حين أن بعض هذه التعابير معروفة عموماً داخل الجيش، ذكر الكاتب بوضوح معلومات عن "التسلية والألعاب"، "الحالة العاطفية"، "السمات الشخصية للقادة" و "الانتقام لإطلاق النار" و" جرائم الشرف" وغيرها.
واعتبر الكاتب أن هذا الزخم على مستوى الأرض يؤدي إلى قطع الرؤوس والتشويه وإطلاق النار على الأهداف غير العسكرية وغيرها من التجاوزات التي يمكن تجنبها من قبل الطرفين، مع ذكر التداعيات السياسية لهذه الأفعال في تعطيل جهود مد جسور التواصل.
ويتوقع جاكوب في كتابه أن معرفة العمل الداخلي للجيشيين والديناميكيات الناتجة على خط التسوية يمكن أن تؤدي إلى إجراءات تخفيفية على هذا المتغير التصاعدي الرئيسي، مما يلغي أية بوادر بالإستفادة من مبادرات السلام.
ويعتقد الكاتب أنه لا توجد قواعد مشتركة متبادلة على الحدود بين البلدين، فآخر اجتماع غير حاسم بشأن هذا الموضوع من لجنة القواعد الأرضية الحدودية كان في عام 1987. واتفق الجانبان في جولتهما الثالثة من الحوار على مستوى الخبراء بشأن تدابير بناء الثقة التقليدية في عام 2006 للتوصل إلى اتفاق.
وفي حين أن القليل قد تغير منذ ذلك الحين، تقوم قوات حرس الحدود بتبادل إطلاق قذائف الهاون على الحدود (التي يشار إليها بباكستان حدود العمل) في جنوب جامو وكشمير. هذا يدل على تهرب الأجهزة البيروقراطية المعنية من مسؤولياتها وعدم وجود إشراف سياسي على كلا الجانبين، بالنسبة لجاكوب.
الضربة الجراحية
لفت كتاب جاكوب الانتباه إلى مسألة "الضربات الجراحية" التي تم الإبقاء عليها في أواخر سبتمبر 2016 كمسألة رأي عام من قبل الحزب الحاكم في محاولة لكسب الانتخابات
وتشير تفاصيله حول "عملية كابادي"، إلى أن حكومة فاجباي لديها توغل أكثر طموحًا عبر خط المواجهة، لكنها اُرغمت على إجهاض هذا الطموح بسبب تأثيرات الحادي عشر من سبتمبر على المنطقة.
ووفقاً لمصادر جاكوب، فإن قائد الجيش في ذلك الوقت وقائد المستوى التكتيكي المكلف بتنفيذ  جزء من العملية، خططا لعملية كابادي للقبض على حوالي 25 منصباً باكستانياً في سبتمبر / أيلول 2001.
ما يشير إليه هذا هو أن الجيش لديه "حرب حدود محدودة" كخيار. وبما أن من غير المرجح أن يظل ممارسة مثل هذا الخيار دونما تحدي من جانب باكستان، فمن المحتمل أن يمتد ذلك إلى غيرها من المناطق، مع ما يصاحب ذلك من مخاطر في السيناريو المذكور آنفاً. وهذا من شأنه تنشيط القراء وتحريضهم بصفتهم ناخبين على ممارسة سلطتهم على الطبقة السياسية للحفاظ على الخيارات العسكرية ، والأهم من ذلك، حل الخلافات.
نتيجة لذلك، يوجد في الهند أكثر من 5000 كيلومتر من الحدود غير المستقرة مع اثنين من جيرانها المسلحتين نووياً. تحت غطاء الردع النووي بدلاً من الانغماس في إدارة الصراع الممتد، فإن الهند كانت لتتخذ القرار الصائب بتسوية القضايا المعلقة بشكل ملموس من القرن الماضي.
ما حدث بدلاً من ذلك هو أن التشكيلات السياسية تتلاعب بالغريزة القومية بين الناس لمنعهم من التعامل مع المشاكل - الحدود والإقليم – بشكل منطقي من خلال حل الصراع بطريقة فعالة.
الفيلم الذي تم تصويره مؤخراً بعنوان "أوري" هو مثال على ذلك. تشير ردود فعل الجمهور في دور العرض المنتشرة عبر الهند على وسائل التواصل الاجتماعي إلى وجود سفك دموي لا يفضي إلى مناقشة مبادرات السلام.
ولهذا السبب، فقد جاء كتاب جاكوب بمثابة تحذير في الوقت المناسب.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "ذا واير". الأصل منشور على الرابط:
https://thewire.in/books/book-review-the-dangers-of-media-fanned-nationalism
==========================
أندو ماكابي :ترمب رئيس أميركا... أو رئيس عصابة؟
جواد الصايغ
عهد دونالد ترمب حافل بالفضائح، وبالكتب التي تكشف المزيد عن هذه الفضائح، آخرها كتاب أندو ماكابي، الذي كشف فيه أسرار المذكرة التي رفعها إلى ترمب، فاستغلها لإطاحة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي.
إيلاف من نيويورك: يكاد لا يمر شهر في الولايات المتحدة من دون أن يصدر كتاب جديد، يكون فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحاضر الأبرز، بمواقفه وتصريحاته وسياساته.
يستعد أندرو ماكابي، نائب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق، الذي استقال من منصبه منذ أكثر من عام تحت وطأة الضغوطات التي تعرّض لها من ترمب، يستعد لإطلاق كتابه الجديد "التهديد: كيف حمى مكتب التحقيقات الفدرالي أميركا في عصر الإرهاب وترمب" The Threat: How the FBI Protects America in the Age of Terror and Trump في وقت لاحق من هذا الشهر.
ونشرت صحيفة "غارديان"، التي حصلت على نسخة مسبقة من الكتاب، مقتطفات منه، تتعلق بفترة عمل نائب وزير العدل رود روزنستاين، وأسرار المذكرة الشهيرة، التي كتبها ورفعها إلى ترمب، والذي استغلها على أكمل وجه، ووظفها لإطاحة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي.
 أمرٌ فطرد
بحسب كتاب ماكابي، "روزنستاين اشتكى من توجيه الرئيس دونالد ترمب أمرًا إليه لكتابة المذكرة الشهيرة التي تبرر طرد كومي"، وأدلى نائب وزير العدل بتصريحاته هذه في اجتماع خاص بوزارة العدل يوم الثاني عشر من مايو 2017.
يقول نائب مدير "إف بي آي" إن علامات الاضطراب كانت بادية على وجه روزنستاين في الاجتماع، بعدما وصل إلى قناعة تفيد بأن البيت الأبيض استخدمه كبش فداء لطرد كومي من منصبه. وقال إنها – أي المذكرة - لم تكن فكرته، وقد أمره الرئيس بكتابتها بهدف تقديم المبررات الكافية لإخراج كومي. وأشار إلى أنه يواجه مشكلات في النوم، كما نُقل عنه قوله: "لا يوجد أحد هنا يمكنني الوثوق به".
 حكم زعماء العصابات
تتناقض المعلومات الواردة في الكتاب حول روزنستاين مع الشهادة التي قدمها الأخير في الكونغرس بخصوص هذه القضية، إذ أكد يومها أنه مقتنع بالمذكرة التي كتبها، علمًا أن موضوع طرد جيمس كومي أصبح نقطة أساسية في تحقيقات روبرت مولر، الذي ينظر في ما إذا كان هذا الطرد قد هدف إلى عرقلة العدالة.
وفي أعنف انتقاد لترمب، كتب ماكابي يقول: "بعد طرد كومي، بدا أن ترمب والمستشار القانوني في البيت الأبيض دونالد مكغان، يتصرفان كزعيمي عصابة، إذ سبق وعرضا عليّّّ الحماية في مقابل الولاء"، مضيفًا: "كان الرئيس ورجاله يحاولون مساعدتي بطريقة العصابات والمنظمات الإجرامية".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "غارديان". الأصل منشور على الرابط:
https://www.theguardian.com/us-news/2019/feb/08/rosenstein-did-not-want-to-write-memo-justifying-comey-firing-new-book
==========================
كارل ديغلر :هل تحتاج أميركا عملية تأريخ جديدة؟
عودة أبو ردينة - ترجمة عبد الاله مجيد
عندما يتوقف المؤرخون عن دراسة أمة، لا تموت النزعة القومية فيها، بل تلتهمها الليبرالية. لكن، هل هناك خيار آخر غير محاولة صنع تاريخ أميركي جديد؟.. تاريخ يمكن أن يعمل على تنمية نزعة قومية أميركية جديدة؟.
إيلاف: تسبب كتابة التاريخ القومي مشكلات كثيرة، لكن عدم كتابته يسبب مشكلات أكثر وأسوأ. ف في عام 1986، انتقد كارل ديغلر، المؤرخ الفائز بجائزة بوليتزر والباحث في جامعة ستانفورد المرموقة، انتقد زملاءه خلال المؤتمر السنوي لجمعية المؤرخين الأميركيين، متهمًا إياهم بإهمال الواجب. وأشار إلى أنهم استنكروا النزعة القومية، لكنهم تخلوا عن دراسة الأمة.
الدولة القومية تتراجع
أعلن ديغلر في حينه: "نستطيع أن نكتب تاريخًا ينكر أو يتجاهل الدولة القومية، لكنه سيكون تاريخًا يتعارض مع ما يحتاجه الشعب الذي يعيش في دولة قومية ويطالب به". وحذر المؤرخين قائلًا إنهم إذا لم يوفروا تاريخًا قوميًا ملموسًا، فإن آخرين أقل نقدية وأقل إطلاعًا سيتولون المهمة عنهم. 
قال حكماء ذلك الزمن إن الدولة القومية في تراجع، وإن العالم أصبح متعولمًا، فما جدوى دراسة الأمة؟، ذلك أن النزعة القومية التي كانت وليدة في القرن التاسع عشر أصبحت وحشًا في النصف الأول من القرن العشرين. لكنها في النصف الثاني ماتت تقريبًا، وغدت شبحًا بشعًا يمضي بخطى متعثرة، في الأقل خارج الدول ما بعد الكولونيالية. وظن المؤرخون أنها ستموت إذا توقفوا عن دراستها.
فرانسيس فوكوياما عالم سياسي، وليس مؤرخًا، لكنه في عام 1989 أوضح فكرة ديغلر بمقال عنوانه "نهاية التاريخ". أعلن فوكوياما موت الفاشية والشيوعية في نهاية الحرب الباردة، وقُلعت في الغرب أنياب النزعة القومية، أكبر التهديدات المتبقية ضد الليبرالية، وحيث كانت النزعة القومية لم تزل حية، فإنها لم تكن في الواقع نزعة قومية. وقال فوكوياما إن غالبية الحركات القومية في العالم لا تملك برنامجًا سياسيًا يتعدى الرغبة السلبية في الاستقلال عن جماعة أخرى أو شعب آخر، ولا تقدم أجندة شاملة للتنظيم الاجتماعي-الاقتصادي. تراجع فوكوياما عن كثير مما قاله، معترفًا في كتابه الأخير بالصعود غير المتوقع للنزعة القومية الشعوبية في روسيا وتركيا والمجر وبولندا والفلبين والولايات المتحدة.
تاريخ أميركي جديد؟
لم يكن فوكوياما وحده الذي أعلن موت القومية. وهذا ما أثار قلق ديغلر. فحين تتشكل الدول القومية تصنع ماضيًا متخيَّلا، وهذا ما يفسر جزئيًا في الأقل سبب صعود الكتابة التاريخية الحديثة مع ظهور الدولة القومية. لكن دراسة الأمة لم تعد مرغوبة في دراسة التاريخ في الولايات المتحدة إبان السبعينيات. وبدأت غالبية المؤرخين تدرس أشياء أصغر أو أكبر بالبحث في خبرات وثقافات جماعات اجتماعية أو اعتماد مقاربة تاريخية أشمل على مستوى التاريخ العالمي.
عندما يتوقف المؤرخون عن دراسة الأمة، لا تموت النزعة القومية، بل تلتهمها الليبرالية. لكن، هل هناك خيار آخر غير محاولة صنع تاريخ أميركي جديد؟.. تاريخ يمكن أن يعمل على تنمية نزعة قومية أميركية جديدة؟.
تختلف الولايات المتحدة عن الأمم الأخرى، مثلما تختلف كل أمة عن الأخرى، ونزعتها القومية مختلفة أيضًا. وتواريخ الدول القومية في غالبية الأحيان لا تزيد كثيرًا على كونها أساطير تخفي الخطوط التي تربط الأمة بالدولة. لكن في الحالة الأميركية، يمكن أن نجد أصول الأمة في خطوط الربط هذه. وعندما أعلنت الولايات المتحدة استقلالها في عام 1776، أصبحت دولة، لكن ما الذي جعلها أمة؟، فالرواية القائلة إن شعبها يشترك بأصول مشتركة كانت وهمًا غير معقول، لأنهم مهاجرون توافدوا عليها من سائر أنحاء العالم.
بعد فترة طويلة على الاستقلال، كانت غالبية الأميركيين لا تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها أمة، بل كونفدرالية من الولايات كما يشير اسمها. وإحدى الطرائق لتحويل أمة إلى دولة هي كتابة تاريخها.
 عظيمة لأنها مستقلة
احتفى مفكرو الدولة الفتية بالولايات المتحدة بوصفها أمة تعددية وكوزموبوليتانية أسلافها مهاجرون جاءوا من سائر أنحاء العالم. تعود أصول اللغة التي تتكلمها إلى الهند، ودينها من فلسطين، وسُمع بعض ترانيم كنائسها في إيطاليا أول مرة، والبعض الآخر في الجزيرة العربية، والبعض الثالث على ضفاف الفرات. تأتي فنونها وآدابها من اليونان، ويأتي فقهها القانوني من روما. فهم الأميركيون الدولة القومية في سياق مجموعة ناشئة من الأفكار التي تتناول حقوق الإنسان، وهي أن سلطة الدول تضمن لكل مواطن المجموعة نفسها من الحقوق السياسية.
كتب فرانسيس ليبر، الفيلسوف السياسي الأميركي المولود في بروسيا، أن الدول من دون هوية قومية لا يمكن أن تحقق استمرارية المجتمع السياسي الضرورية لتقدمها.
في هذه الأثناء، تغيرت القومية ابتداء من العقد الثاني للقرن العشرين، خصوصًا في ثلاثينياته. وكلما ازدادت النزعة القومية بشاعة وعداء لليبرالية، زادت قناعة الليبراليين باستحالة وجود قومية ليبرالية. وفي الولايات المتحدة، ارتدت النزعة القومية الأميركية من حيث الأساس شكل حمائية اقتصادية وسياسة انعزالية. وفي عام 1917، رفع بارون النشر وليام راندولف هيرست، الذي عارض دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى، شعار "أميركا أولًا"، واتخذ الموقف نفسه في عام 1938، مصرًا على أن "الأميركيين يجب أن يحافظوا على السياسة التقليدية لأمتنا العظيمة والمستقلة، عظيمة لأنها مستقلة أساسًا".
 الصفقة اليهودية
في السنوات التي سبقت دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، ذهب بعضهم إلى حد تأييد هتلر. واستخدم القس تشارلز كوفلين، الذي كاد يرشح للرئاسة، وكان مذيعًا ذا شعبية واسعة، الراديو لترويج معادة السامية وإبداء إعجابه بهتلر والحزب النازي، داعيًا مستمعيه إلى تشكيل حزب جديد باسم الجبهة المسيحية.
في عام 1939، احتشد زهاء 20 ألف أميركي، ارتدى بعضهم بدلات نازية، في قاعة ماديسون سكوير غاردن في نيويورك التي زُينت بالصلبان المعقوفة والأعلام الاميركية مع ملصقات ولافتات تعلن "تظاهرة جماهيرة من أجل القومية الأميركية الحق"، حيث شجبوا سياسة روزفلت الجديدة بوصفها "الصفقة اليهودية". هتلر، من جانبه، أبدى إعجابه بالانفصاليين الجنوبيين، وأعرب عن أسفه لأن الحرب الأهلية الأميركية دمرت مشروع إقامة نظام اجتماعي جديد على مبدأ العبودية واللامساواة.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كتب مؤرخون أميركيون تاريخ الولايات المتحدة بوصفه قصة توافق "وتقليد ليبرالي ثابت في اميركا"، بحسب العالم السياسي لويس هارتز. وفي عام 1949 كتب آرث شليسنجر قائلًا إن الليبراليين يحتلون "المركز الحيوي" للسياسة الأميركية. وكان هؤلاء المؤرخون غافلين عن أمور كثيرة، وخاصة قوى النزعة المحافظة والأصولية، ولكنهم مع ذلك قدموا صورة ليبرالية شاملة لتاريخ الأمة الأميركية والشعب الأميركي.
 القومية بدعة ووهم
كان كتاب ديغلر الصادر في عام 1959 أفضل تاريخ شعبي للولايات المتحدة كُتب في القرن العشرين، وهو عمل فذ شديد التأثر بأفكار المؤرخ والسوسيولوجي الأميركي وليام دو بويز، يضع العرق والعبودية والفصل العنصري والحقوق المدنية في مركز قصة أميركا إلى جانب الحرية والحقوق والثورة والمساواة. والمدهش أنه كان كتاب ديغلر الأول، والأخير من نوعه.
إذا كان حب الأمة هو ما دفع المؤرخين الأميركيين إلى دراسة الماضي في القرن التاسع عشر، فإن كراهية النزعة القومية هي ما دفعت المؤرخين الأميركيين بعيدًا عنه في النصف الثاني من القرن العشرين.
 أصبح واضحًا منذ فترة طويلة أن القومية بدعة ووهم. وبعد الحرب العالمية الثانية، بدأ أُمميون يتوقعون نهاية الدولة القومية، فيما أعلن العالم السياسي روبرت أميرسون من جامعة هارفرد "أن الأمة والدولة القومية ظواهر بالية عفا عليها الزمن في العصر الذري".
بحلول ستينيات القرن العشرين، بدت القومية أسوأ من ظاهرة عفا عليها الزمن. ومع مجيء الحرب الفيتنامية، توقف المؤرخون الأميركيون عن دراسة الدولة القومية لأسباب عدة، منها خشية التواطؤ مع فظائع السياسة الخارجية الأميركية، ومنظومات القمع السياسي في الداخل. وذهب التفكير وقتذاك إلى أنه إذا كانت القومية مرضًا، فإن كتابة تواريخ قومية أحد أعراضه، وشكل آخر لصناعة الأساطير.
 كوزموبوليتانية أميركية
شهد عقد الستينات أيضًا إقبال نساء وزنوج على مهنة التأريخ، وكتبوا تواريخ ثورية جديدة غنية، طارحين أسئلة مختلفة، وخالصين إلى استنتاجات مختلفة.
شهد البحث التاريخي ثورة، وأصبح أغنى بما لا يُقاس وأكثر تطورًا. وشكك العديد من المؤرخين الذين ينتمون إلى المدرسة القديمة في قيمة هذا البحث التاريخي. لكن ديغلر لم يكن واحدًا منهم، بل أسهم في قسط فيه. كانت غالبية المؤرخين الذين كتبوا عن العرق من غير البيض، وغالبية المؤرخين الذين كتبوا عن المرأة من الجنس الآخر. لكن ديغلر الأبيض كان أحد مؤسسي المنظمة الوطنية للمرأة، وفاز بجائزة بوليتزر في عام 1972 عن كتابه "لا أسود ولا أبيض". مع ذلك، كان لديه تحفظ، لأن غالبية البحث التاريخي الأميركي الجديد ليس "عن الولايات المتحدة، وإنما في الولايات المتحدة فحسب".
بحلول عام 1986، عندما نهض ديغلر لإلقاء كلمته أمام جمعية المؤرخين الأميركيين، بدأ كثير من المؤرخين الأميركيين يدعون إلى شكل من الكوزموبوليتانية الأميركية، مدونين تاريخًا عالميًا، وليس تاريخًا قوميًا.
لكن ديغلر لم يصبر كثيرًا على ذلك. وبعد سنوات قليلة، في إثر اندلاع حرب البوسنة، أعلن الفيلسوف السياسي مايكل وولتزر بسوداوية "عودة القبائل". وهي في الحقيقة لم ترحل كي تعود، وكل ما في الأمر أن رؤيتها أصبحت أصعب على المؤرخين لأنهم توقفوا عن البحث.
  أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "فورين أفيرز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.foreignaffairs.com/articles/united-states/2019-02-05/new-americanism-nationalism-jill-lepore
==========================
كاى ريدفيلد جايمسون :محاولة لفهم الانتحار فى كتاب "ظلمة تتهاوى" عن دار جداول
الثلاثاء، 12 فبراير 2019 05:14 م
محاولة لفهم الانتحار فى كتاب "ظلمة تتهاوى" عن دار جداول
صدر حديثًا عن دار جداول للنشر والترجمة والتوزيع وبالتعاون مع مؤسسة ريم وعمر، كتاب تحت عنوان "ظلمة تتهاوى.. محاولة لفهم الانتحار"، تأليف كى ريدفيلد جاميسون، ترجمة طلال العمرى وهدى متبولى.
جدير بالذكر أن الكاتبة كاى ريدفيلد جايمسون "22 أكتوبر 1946)، طبيبة أمريكية فى علم النفس، ومن أبرز الخبراء في الاضطراب الثنائى القطبيى، كما تعرضت له فى سنوات مراهقتها، وهى أستاذة الطب النفسى فى جامعة جونز هوبكنز للطب وأستاذ فخرى فى اللغة الإنجليزية فى جامعة سانت أندروز .
كما حصلت الكاتبة الطبيبة على عدة جوائز وهى "الجائزة الوطنية للصحة العقلية فى العام 1995، وجائزة بحث المؤسسة الأمريكية لمنع الانتحارفى العام 1996، وجائزة القيادة العقلية الصحية فى العام 1999، وفى عام 2001م تم منحها درجة الدكتوراه الفخرية فى الآداب من جامعة آندروز تقديرًا لعملها المخلص طوال سنواتها فى الجامعة.
==========================
برونو ماسايش :فجر أوراسيا
تاريخ النشر: 09/02/2019
تأليف: برونو ماسايش
عرض وترجمة: نضال إبراهيم
يدرك الأوروبيون اليوم أن مشروعهم السياسي يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببقية القارات، إذ إنهم سيكونون أقوى بكثير بهذه الطريقة. هذا ما يطرحه وزير الدولة البرتغالي السابق للشؤون الأوروبية برونو ماسايش في كتابه هذا، إذ يتناول التاريخ والدبلوماسية والتقارير الحيوية خلال رحلته التي امتدت ستة أشهر من باكو إلى سمرقند، ومن فلاديفوستوك إلى بكين، حيث توقف عند الأراضي الحدودية المتغيرة بين أوروبا وآسيا والشعوب التي تقطنها. يرى المؤلف أن الحقبة المقبلة من التاريخ ستقودها أوراسيا. فكيف لذلك أن يتحقق؟
كانت الصين وروسيا أسرع في إدراك الأهمية الاستراتيجية المتزايدة لأوراسيا. ويتضح ذلك من مشاريع مثل مشروع البنية التحتية الطموح للصين بإعادة فتح طريق الحرير التاريخي، والنجاح العالمي لمدن/دول مثل هونج كونج وسنغافورة، والدور الدولي المتزايد للعائلة التركية. ومع هذه التطورات، يبدو أن الولايات تعيد النظر في مكانها في العالم. يرى الكاتب أنه يمكن اعتبار فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي من ضمن الردود على هذه التحولات الخطيرة في النظام العالمي المضطرب.
يقول ماسايش: «نعيش في واحدة من تلك اللحظات النادرة في التاريخ، إذ يشهد المحور السياسي والاقتصادي في العالم التحوّل. فقبل أربعة أو خمسة قرون تحول العالم نحو الغرب، نحو أوروبا التي في معظم تاريخها حكمت العالم بأسره تقريباً. أما الآن فإن هذا المحور يتجه نحو الشرق، ونعلم ماذا يعني ذلك لآسيا. رأينا كيف أن الآفاق الجديدة والمحطات والقطارات السريعة حلت محل خانات القوافل وطرق الجِمال القديمة. لكن ماذا يعني ذلك للغرب؟ أيكون هذا العملاق الذي اعتاد على تغيير الآخرين قد استجاب للرياح الجديدة القادمة من الشرق والمحمّلة بتغييرات سياسية واقتصادية. يبدو أن ما يحدث فجأة في الشرق أو جنوب آسيا، في روسيا أو في الشرق الأوسط، يؤثر في الجميع في أوروبا والولايات المتحدة بشكل أعمق مما يود الأوروبيون والأمريكيون التفكير فيه، لاسيما أنهم يشعرون الآن أن هذه التأثيرات خارج نطاق سيطرتهم فيما يتعلّق ببعض الجوانب المهمة. لقد توسع هذا العالم الجديد، لكن توسعاً من هذا النوع ليس مستحباً دائماً». ويضيف: «أصبح من البديهي القول إن قرننا سيكون قرناً آسيوياً، ففي غضون عقد أو عقدين من الزمن فقط سيكون ما لايقل عن ثلاثة من أكبر خمسة اقتصادات عالمية موجودة في آسيا وهي: الصين، اليابان، والهند، إلا أن النقطة غير المؤكدة في هذا المقياس هي البلد الذي سيحتل المركز الخامس في هذا الترتيب، فمن المحتمل أن تكون ألمانيا، إندونيسيا، روسيا، أو البرازيل. وفي تقديري، إذا كنا نتحدث عن الاقتصاد العالمي خلال عشرين سنة فسيكون هذا البلد هو إندونيسيا. وهذا الأمر يتطلب تصوراً كبيراً لبقاء العالم كما هو تقريباً دون تغيير عندما تهيمن القوة الاقتصادية الآسيوية بشكل جلي».
«ولكن عند التحدث إلى الناس في آسيا تراهم غير متحمسين لهذه القضية إلى حد ما. فهم يعرفون أن مجتمعاتهم لا تزال - باستثناء اليابان - تلحق ركب التطور والتحديث الصعب، وأنها تتخلف عن الغرب في أبعاد مهمة ك: حافة الابتكار، القوة الناعمة، وبالطبع، القوة العسكرية. والأهم من ذلك هو الإشارة إلى فشل «النظام العالمي الآسيوي» و«القرن الآسيوي»لعدم وجود اتفاق بين الدول الآسيوية حول ما يعنيه هذا الأمر، وفي الواقع، تشكّل الاختلافات بين هذه الدول في بعض الحالات تهديدات أمنية خطيرة لاستمرار التوسع الآسيوي. كما أنه على العكس من الغرب، لا يوجد ممثل لهذه الدول كمنظومة آسيوية. وبذلك فإنه عاجلاً أو آجلاً سيعمل هذا التشتت إلى جانب الأزمات الأمنية المتصاعدة، كعنصر فعال في سرعة الأحداث وتفاعلها. في الماضي كانت آسيا تبدو كأنها واحة للسلام والتسامح. أما اليوم فهي موطن للدول الفاشلة التي تمتلك أسلحة نووية، وللصراعات المفتوحة من أجل التفوق العسكري، والمظالم التاريخية وبعض النزاعات الإقليمية الأكثر استعصاء في العالم».
التلاشي الأوروبي
«إن التحول الجديد في مسار الواقع الحالي، كما قال العالم السياسي تشارلز كوبشان، يسير باتجاه عالم لا يهيمن عليه أحد. من بعض النواحي، هذه عودة إلى الماضي. فلقد مررنا بفترات من التاريخ كانت فيها السلطة منتشرة على نطاق واسع عبر مناطق مختلفة، وكانت الرؤى المختلفة للنظام السياسي تعيش جنباً إلى جنب. لكن القول بأن سلالات (تشينغ، المغول، وهابسبورغ) كانت لها وجهات نظر مختلفة جداً عن الدين، والتجارة، والتسلسل الهرمي والأسواق، كل ذلك حقيقة ليست بالأهمية البالغة، لأنهم عاشوا حياتهم الخاصة في عزلة نسبية. وهذا الأمر مختلف في وقتنا الراهن، حيث إن العولمة تجبرنا على العيش معاً بشكلٍ مختلط، ومع ذلك فلدينا جميعاً رؤى مختلفة تماماً تجاه شكل هذا العالم المشترك. وفي هذا الصدد كتب العالم كوبشان: «إن العالم القادم يكاد يكون الأول من نوعه، والذي تعمل فيه قوى عظمى مختلفة وفقاً لمفاهيم مختلفة للنظام. ولكن نظراً لظهور الاعتماد المتبادل على الصعيد العالمي، ستكون هذه هي المرة الأولى التي تتفاعل فيها هذه المجموعة المتنوعة من الأنظمة بشكل مكثف ومستمر مع بعضها».
يبتعد الكاتب عن الأحكام الأكثر إبهاراً ويحاول الاستقرار على حلٍ وسط قائلاً:«إن هذا القرن لن يكون آسيوياً، ولكن لن يكون أوروبياً أو أمريكياً أيضاً، كما كان واضحاً في ال300 أو ال400 سنة الماضية». بل يقترح بديلاً عن ذلك بمصطلح «أوراسيان» كطريقة للإشارة إلى هذا التوازن الجديد بين القطبين. إنه عالم مركب بشكل متزايد- إذ إن أوراسيا نفسها هي كلمة مركبة من أوروبا وآسيا - حيث يتم خلط الرؤى المختلفة جداً للنظام السياسي وإجبارها على العيش معاً.
يبين هذا الكتاب الاعتراض على الطريقة التي نفكر بها في العالم المعاصر من خلال التعامل مع أوروبا وآسيا كفضاء سياسي موحد، وبالطبع هذا الفضاء السياسي غير منظم فهناك مشاريع مختلفة، وأفكار مختلفة، وهناك أشخاص نشيطون بالفعل في تنظيم المهمة. إلا أنه لا يوجد نظام سياسي يشمل أوروبا وآسيا. وفي الواقع، تسبب انهيار الهيمنة الأوروبية في حدوث الاضطراب الحالي، في حين فتح الطريق أمام منظور أكثر توحيداً، وهو القارة العملاقة الجديدة. أما المسألة الحالية فهي كيفية تنظيم هذا الفضاء الموحد. إنها عملية تنافسية بالضرورة بين الرؤى المستقبلية المختلفة، متمثلة بعناصر سياسية مختلفة، جميعها قادرة على التأثير في بعضها وتتفق أساساً على أن النظام السياسي، وهو في نطاق أصغر، لا يمكنه تحقيق أهداف هذه المهمة بشكل كاف. وقد استبدلت هذه الانقسامات الدقيقة بالمجال الموحد لقوى عديدة، تماماً مثلما ينتقل جسم متحلل إلى آخر لتكوين كائنات حية جديدة. فلا شيء ضائع، كل شيء يتحول «فبينما أوروبا تتلاشى، أوراسيا تتحد».
لعبة التأثير
الجديد عن العصر الأوراسي، حسب ما يقول الكاتب، هو عدم وجود تلك الروابط التي بين القارات، إلا أنها للمرة الأولى تسير في اتجاهين؛ حيث إن روسيا والصين ترصدان كيفية جعل التأثير عكسياً في طول الشبكة، والذي إذا لم ينتشر في كلا الاتجاهين عندها لا يمكننا الحديث عن الفضاء المتكامل الذي نحن بصدده، وحيث إن ما يحدث في بقية القارة يجب على المرء أخذه بعين الاعتبار بشكل دقيق كما لو حدث في الوطن. خلال فترة الهيمنة الأوروبية لم يكن هناك سبب للقيام بذلك، فقد كان الأوروبيون يعرفون أن حياتهم تعتمد على قراراتهم وحدها، وأن المستعمرين، في آسيا وأماكن أخرى، لم يفكروا أبداً في التأثير فيما حدث في أوروبا. إن لعبة التأثير الكبيرة ستتركز على المناطق الحدودية بين الكتل الرئيسية التي قد تلعب دور قنوات مستقرة للتواصل السياسي والاقتصادي والثقافي، أو أن تصبح مناطق متنازعاً عليها تمزقها محاولات زعزعة الاستقرار والسيطرة».
«لقد حلت السياسة الأوراسية محل السياسة الأوروبية. وقبل 100 عام كان كل تطور عالمي مهم هو نتاج التفاعل بين القوى الأوروبية المختلفة. في كثير من الأحيان وجدت بقية دول العالم نفسها تنجذب إلى أحداث التنافس بين القوى الأوروبية العظمى بما في ذلك قضية الحرب والسلام البالغة الأهمية. أما ضمن الدول الأوروبية نفسها بشكل منفرد، فكانت الأسئلة الأكثر أهمية ذاتها انعكاساً للسباق الذي جرى على المسرح القاري. واليوم تحدث هذه الديناميكيات على مستوى مختلف بين قوى أوراسية عديدة».
«في هذا الكتاب، أوراسيا ليست مجرد مصطلح لوصف كيان جغرافي، بل يتم استخدامه كمصطلح وصفي لطريقة تفكير خاصة بحقبة جديدة من التاريخ السياسي، إنها تسمية ملائمة للنظام العالمي الجديد لأنها تعبر عن فكرتين أساسيتين، غالباً ما يُنظر إليهما على أنهما متعارضتان؛ تسمية تجمع الفكرتين معاً في كلمة واحدة. فمن ناحية، توحي بأن النظام العالمي الأوروبي وصل إلى نهايته. وعلى العكس من ذلك، ففي الوقت الذي تم فيه الإعلان عن ذلك مراراً تملصت الدول الأوروبية التي تخلت عن أحلامها الإمبراطورية من ذلك الإيحاء، والإحساس بزعمها أن بقية العالم قد تبنت الأفكار والقواعد الأوروبية بمحض إرادتها وهي الآن لم تعد بحاجة إلى توجيه وإرشاد. إن ذلك كان مجرد وهم، لكن يتم الكشف عنه الآن فقط. أما من ناحية أخرى، لا ينبغي الخلط بين هذا والاعتقاد أن تراث أوروبا قد تم التخلي عنه بالمقابل. فما نراه هو أن أولئك الذين يعملون بنشاط أكبر لاستبدال النظام العالمي القديم بشيء جديد هم ورثة التقاليد الأوروبية العلمية والثورية، وعندما يتنافسون على النموذج الأوروبي، فهم يحاولون تقديم بديل أكثر حداثة وأكثر عقلانية وأكثر قدرة على قيادة تحولات المستقبل. رؤاهم هي رؤى جديدة وبديلة بما يتناسب مع المجتمع الحديث».
العالم الأوراسي الجديد
في الجزء الأول من هذا الكتاب، يعاين المؤلف أصول الانقسام بين أوروبا وآسيا، والقوى المسؤولة الآن عن انهيار هذا الانقسام. ويقوم بعد ذلك باستكشاف القارة العملاقة الجديدة التي يتم بناؤها على أنقاض النظام العالمي القديم، والشكل الذي قد يتخذه هذا البناء.
ويتسم الجزء الثاني من الكتاب بالتنظيم على نطاق واسع، إذ يبدو أشبه ما يكون بجولة سياحية، جيو سياسية عبر أوراسيا، ويستند إلى رحلة الكاتب البرية الطويلة، بالإضافة إلى العديد من الزيارات البحثية المستقلة منذ ذلك الحين. يعرض الكاتب فيه أماكن غير معروفة، تبدو لسبب أو لآخر، متجهة إلى لعب دور رئيس في عالم الغد، قائلاً: «في حالات أخرى، هي زوايا مستبعدة في العالم القديم، لأن الافتراضات غير المنظورة تفقد جاذبيتها، وأيضاً يمكن استكشاف طرق جديدة للتفكير بها».
ويضيف: «هذا الكتاب مملوء بمجموعة كبيرة من الشخصيات الأصلية، التقيتها صدفة في معظم الأحيان خلال رحلتي كعلماء الآثار، مقاتلي فنون الحرب، الثوريين، السحرة، وكلاء الخدمة السرية، وزراء الخارجية المتماثلين، رجال الأعمال، المهندسين، الساسة، مصممي الأزياء، الفنانين، ورواة الأساطير بكل أنواعها، حيث يتكلمون بكلماتهم الخاصة».
يخصص المؤلف أغلب الفصول في الجزء الثاني للدور الذي تلعبه الصين وروسيا في السياسة والاقتصاد في القارة الجديدة. ونجده يقول إنه في كل من هذه الحالات «هناك سؤالان رئيسيان: أولاً، ماهي المبادئ السياسية التي تتقدم بها الأنظمة الصينية والروسية؟ وكيف تختلف عن المفاهيم التي لا تزال مهيمنة في التقاليد السياسية الأوروبية؟ ثانياً، كيف تتصور كلّ من الصين وروسيا التكامل الأوروآسيوي؟ وما هو النموذج الذي تملكانه من أجل قارة عملاقة متكاملة؟ وكيف تتابعان خططهما؟ لقد نظمت الصين هذه الخطط تحت ما يسمى«مبادرة الحزام والطريق»، وهي استراتيجية التكامل الاقتصادي العميق».
«مع ربط أوروبا في طرف واحد من القارة مع آسيا في الطرف الآخر، يبدو أن الانتشار الجغرافي للمبادرة أولاً بلا حدود، لذلك أعيدت تسميتها مؤخراً فأصبحت «الحزام والطريق» بدلاً من «حزام واحد، طريق واحد» لتوضيح أن ما يتم التخطيط له هو في الواقع ليس حزاماً واحداً أو طريقاً واحداً، بل هو العديد من الأحزمة والطرق والممرات ومشاريع البنية التحتية، التي يحتمل أن تشمل كل بلد ومنطقة بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي. فالخطط الروسية - إن وجدت- أكثر سلاسة، ولكنها أيضاً جاءت لتتكاتف حول إطار مؤسسي وسياسي، وهو الاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي. إن المناقشة التفصيلية لهذه المشاريع يجب أن تتضمن الطريقة التي قد تكون مرتبطة بها مع الشقيق الأكبر سناً؛ الاتحاد الأوروبي».
«إن العالم الأوراسي الجديد هو عالم من الاختلافات والتناقضات. وهذا يجبرنا على البحث عن خطوط الصراع واستيعاب مفاهيم سياسية مختلفة بشروطها الخاصة، بدلاً من جعلها تتوافق مع الافتراضات القائمة أو مع الجاذبية المهيمنة للثقافة السياسية الأوروبية. ينصب تركيزي على المفاهيم السياسية المختلفة التي يتم تطويرها وإيصالها إلى حد الكمال في أوروبا وروسيا والصين إلى جانب الولايات المتحدة، وهذه ستبقى كأجزاء أساسية للنظام العالمي الجديد، لكن الصورة الكاملة تضم قطعاً أصغر، ويجب تخصيص بعض الوقت لها أيضاً».
نبذة عن المؤلف
* برونو ماسايش سياسي برتغالي، وعالم سياسي، واستراتيجي للأعمال، ومؤلف. درس في جامعة لشبونة وجامعة هارفارد. وهو حالياً زميل غير مقيم في معهد هدسون في واشنطن. كان كبير زملاء في جامعة كارنيجي في أوروبا. كانت ولايته كوزير للدولة للشؤون الأوروبية في البرتغال في فترة تعصف بالبلاد أزمة مالية. وله عدد من المؤلفات.
==========================
عشرة كتب عالمية لا يمكن تجاهلها هذا العام
الخميس - 2 جمادى الآخرة 1440 هـ - 07 فبراير 2019 مـ
ثلاثة كتب من العشرة المرشحة وهي من اليمين إلى اليسار: «فتيان نيكيل» و «فريق العزل» و«فهد أسود، ذئب أحمر»
لندن: «الشرق الأوسط أونلاين»
بعد تجاوز مرحلة الاحتفالات بالعام الجديد، وتحديد أهداف الشهور الـ12 المقبلة، ثم تعديلها عدة مرات، يمكن إلقاء نظرة على ترشيحات هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي.سي) لأفضل الكتب المنتظر طرحها بالأسواق خلال 2019.
- الترشيح الأول: «وحتى عند الموت، فإن الفتيان متعبون»، هكذا يبدأ الكاتب والروائي الأميركي كولسون وايتهيد، روايته الجديدة «فتيان نيكيل» أوThe Nickel Boys التي تشكل إضافة ستلاحق القارئ بأجوائها. وفي روايته الجديدة، يحكي وايتهيد، الحاصل على جائزة «بوليتزر» المرموقة لعام 2016 وجائزة الكتاب الوطنية عن روايته «السكك الحديدية السرية»، قصص مراهقين سود يتم إرسالهم إلى أكاديمية نيكيل، وهي كيان خيالي عبارة عن مدرسة تقع في ولاية فلوريدا لتعديل السلوك والتأهيل. والمدرسة التي يفترض أن نشاطها ازدهر في عهد «جيم كرو»، في إشارة إلى مرحلة تطبيق قوانين الفصل العنصري الأميركي، كانت تتعهد بمنح «تدريب جسدي، وذهني، وأخلاقي».
ولكنها في الواقع كانت تقدم دروسا وحشية تتنوع ما بين الجلد بشكل بدائي، والانتهاكات الجنسية، وفي بعض الحالات، الذهاب في رحلات إلى «المكان النائي»، من حيث لا يعود الفتيان أبدا. وتركز الرواية على سيرة إليوود الذي يؤمن بتعاليم مارتن لوثر كينغ ويتفوق في دراسته حتى يأتي خطأ بريء. وتتطرق أيضا إلى سيرة تيرنر، الذي يعود للأكاديمية نيكيل للمرة الثانية ويوفر الحماية لإليوود حتى النقطة التي لم يعد يمكنه فيها الاستمرار في حمايته. ويعد مصدر وايتهيد لكتابة روايته قصص وآثار الجثث التي عثر عليها مدفونة وعليها أمارات على ما تعرضت له من وحشية بالموقع الحقيقي لمدرسة فلوريدا للفتيان. والكتاب يصدر عن Doubleday.
- الترشيح الثاني: في إصدارها الجديد «مصدر احترام الذات» أو The Source of Self Regard، تقدم الروائية والكاتبة الأميركية توني موريسون مجموعة جديدة ورائعة من المقالات والكلمات والتأملات حول الثقافة والفنون والعدالة الاجتماعية التي تغطي أربعة عقود من الزمان، بما في ذلك محاضرتها البليغة التي ألقتها بمناسبة حصولها على جائزة نوبل في الآداب عام 1993، ومديحها المازج ما بين الحلاوة والمرارة لسيرة الأديب الأميركي الراحل جايمس بالدوين، وتعليقها على خطابات مارتن لوثر كينغ، ومراجعتها الكاشفة لأعمالها. فروايتها «سولا «أو Sula كانت من وحي ذكرى من عهد الطفولة عن سيدة نالت وبسهولة عفو باقي محيطها من السيدات. وفي «محبوبة» أو Beloved، كانت مهتمة بما يساهم بقوة في تحقيق احترام الذات لدى إحدى السيدات من العبيد. فتقول موريسون حول عملها: «في كتاباتي، للكشف عما أعتبره الأشياء الصعبة والحقيقية والأبدية، فأنا أميل إلى وصف الأشخاص وهم رهن الضغوط، وليس فيما يعايشونه من الظروف اليسيرة، الأشخاص تمت محاصرتهم في الزاوية وأصبحوا مخيرين ما بين القيام بالصيد أو التخلص من الطعم». والكتاب يصدر عن Knopf.
- الترشيح الثالث: «فريق العزل» أو The Impeachers للكاتبة بريندا واين آبل، يتناول واقعة تاريخية جرت في 25 فبراير (شباط) عام 1868 عندما بدأ ثادوث ستيفينز، عضو مجلس النواب الأميركي، بدعم من التصويت الإيجابي للمجلس، بإجراءات عزل الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة أندرو جونسون، لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم جسيمة وجنح أثناء توليه السلطة». ويتطرق الكتاب إلى رفض جونسون الذي كان سابقا نائبا للرئيس الأميركي الذي تم اغتياله إبراهام لينكولن، القبول بقرار الكونغرس، وقام بانتهاك امتيازاته، فيما خالف القوانين التي نحاها جانبا واعتبرها غير دستورية. ووفقا للكتاب، عبر جونسون عن موقفه قائلا: «هذه بلد للرجال من أصحاب العرق الأبيض، وما دمت الرئيس، فستظل بلدا للرجال من أصحاب العرق الأبيض». في كتابها، أعادت ويان آبل، كاتبة السيرة الذاتية الحاصلة على جائزة رابطة نقاد الكتاب الوطني، بعث أجواء التوتر السياسي، والمكائد، والتداعيات التشريعية التي صاحبت أول محاولة لعزل رئيس الولايات المتحدة. وكان السيناتور الأميركي حينذاك تشارلز سامنر، قد وصف ما جرى بأنه «من آخر أعظم المعارك في مجابهة العبودية». والكتاب يصدر عن Random House.
- الترشيح الرابع: «فهد أسود، ذئب أحمر» أو Blac Leopard، Red Wolf للكاتب جامايكي الأصل والحائز على جائزة الـ«مان بوكر» مارلون جيمس، الذي يزيح الستار عن ثلاثيته العجائبية التي يسميها «صراع العروش الأفريقية». والبطولة في روايته للفتى المرتزق المسمى «تراكر» الذي يتمتع بحاسة شم استثنائية وقدرة هائلة على تتبع الروائح، وإن كان ينقصه كثيرا ليتعلمه. ومهمة «تراكر» أن يتتبع أثر فتى مفقود. وعلى مدار تسعة أعوام، فإن مساعي «تراكر» تجمع بينه وبين الفهد المتفنن بالصيد والمبدع في تغيير مظهره، ونيكا، المأجور الذي تتساقط طبقات جلده، وسانجوما، المعالج صاحب القدرات التي تجعل منه عرافا لا يشق له غبار، والساحرة رفيقة القمر التي يبلغ عمرها عدة قرون، وراوي القصص والشعر، بخلاف العشرات من الشخصيات غيرهم. وخلال رحلته، يواجه «تراكر» تهديدات ملوك ذهبت عقولهم، وفرسانا، ومستحضري أرواح، ولا يسلم أيضا مما يعرف بـ«أومولوزو» محترفي السير على الأسطح، والضباع المنتقمة التي تتبدل أشكالها، والـ«أبندولو» المقتاتين على الدماء، الذين يعتقد أنهم وراء اختفاء الفتى المفقود. ويمنح جيمس إشارة إلى الفكرة الرئيسية لروايته عندما يذكر في بدايتها: «الحقيقة يتغير شكلها، كما يأكل التمساح القمر». والكتاب يصدر عن Riverhead.
- الترشيح الخامس: «فوق الأرض، نكون رائعين لوقت قصير» أو On Earth، We are Briefly Gorgeous، للكاتب والشاعر الأميركي الفيتنامي المولد أوشن فونج، الحاصل على جائزة «تي إس إليوت». «أكتب في محاولة لوصالك». يكتب ليتل دوج، اللاجئ المولود في سايجون الذي ينتقل للاستقرار في الولايات المتحدة طفلا، يكتب مخاطبا والدته التي لا تستطيع القراءة. يتناول فونج في أولى روايته التي تشبه التعويذة السحرية سيرة ليتل دوج، وخفايا أمور العرق، والطبقة الاجتماعية، والنوع، وواقع اللاجئين، وكل ذلك عبر استعراض ليتل دوج لوقائع طفولته الحانية والعنيفة منها، وحقائق سنوات مراهقته، عندما تبادل المكاشفات الحميمية مع تريفور، زميله بالعمل. أما جدته لان فتحكي قصصا عن صباها في فيتنام، وسنوات الحرب عندما كان جسدها سببا في إبقائها على قيد الحياة، وسيرة زوجها الجندي بالقوات الأميركية الذي أصبح لاحقا جد ليتل دوج. يدير فوج تاريخ الذاكرة عبر لغة متقنة في حسيتها، فيخلق محيطا حلزونيا يجمع حكايات الابن، والأم، والجدة، والحب الأول، وبدايات تجربة الكتابة. الكتاب يصدر عن Penguin Press.
- الترشيح السادس: باولاواي أو Bowlaway، إليزابيث ماكراكين، رواية متميزة ذات طابع كوميدي تدور داخل بلدة صغيرة بولاية نيو إنغلاند الأميركية، حيث يتم العثور على بيرثا تروات، وهي فاقدة الوعي داخل مقابر سالفورد بولاية ماساتشوستس، فبدت وكأنها سقطت على البلدة من السماء. وتحكي الرواية عن تراوت، السيدة ممتلئة الجسم التي تبدو وكأنها تنتمي إلى عالم آخر. يدفعها ولعها بمضمار رياضة «البولينغ»، فتنشئ مضمارا خاصا لممارسة اللعبة، وتقوم بتوظيف شخصين، وتجمع نساء البلدة لتكوين فريق يعد الأول من نوعه لممارسة البولينغ. تقترن تراوت بليفيتيسيس سبراجو، وهو رجل أسود واسع الاطلاع من مقاطعة نيو برونزويك. أما ابنتهما ميانا، فإن موهبتها ترفعها إلى أعلى مراتب عالم الموسيقى في نيويورك. ولكن الأمور لا تسير على ما يرام إلى النهاية، فمضمار تراوت للبولينغ بدأ في جذب نوع جديد من الجمهور، وهو هذا النوع الذي يستهدف تحريم اللعبة على النساء. تستدعي ماكراكين ما يشبه اللزمات الموسيقية التي قلما يتم الاستماع لها عن النوع، والاختلافات بالبلدات الصغرى، والتطلعات، والأبعاد السحرية للحياة اليومية. الكتاب يصدر عن Ecco.
- الترشيح السابع: «ولد صغير» أو Little Boy، لورانس فيرلنجيتي. يستحضر الروائي والكاتب المسرحي ومؤسس دار نشر وبيع كتب City Lights فيرلنجيتي حضور صاموئيل بيكت وجيمس جويس وآلان جينسبرج، ومارسيل بروست في «روايته التجريبية» التي يتم نشرها بالتزامن مع عيد ميلاده المائة. فالرواية عبارة عن مزيج من السيرة الذاتية، والفلسفة والشعر. إثر مولده في برونكسفيل، نيويورك، وتنشئته لفترة من الوقت في فرنسا، فإن بطل الرواية يشهد تبعات ما بعد إسقاط القنبلة النووية على ناغازاكي. لاحقا، وفيما كان في مرحلة الدارسة للحصول على درجة الدكتوراه في العاصمة الفرنسية باريس، فكر في نفسه كــ «ما يشبه الشاعر الجامح أو الفنان». وعاد إلى الولايات المتحدة للإفراج عن مكنون صدره، بما ساهم في إطلاق ما يعرف بعهد الـBeat الأدبي في أميركا. ومن منظور خاص عقب عقود من هذه التجربة، «وفي هذا المقهى الوجودي على الساحل الأيسر»، يرى الحقيقة بـ«عينين جامحتين». هذه العاصفة من الحكي الوافر، التي تتدفق بأسلوب فيرلنجيتي الاستثنائي المنفتح والكاشف لكل شيء، تساعد في اقتناص «اللحظات البلورية من الزمن». الكتاب يصدر عن Viking.
- الترشيح الثامن: «الأشباح» أو Phantoms، كريستيان كيفير. تدور الرواية حول راي كواساكي، الذي يتطوع للقتال في الحرب العالمية الثانية، يعود إلى منزله في مقاطعة بلاسير بولاية كاليفورنيا عام 1945، ليكتشف أنه لم يعد مرحبا به. بعد مرور نحو أربعين عاما، يقوم جون فرازير، وهو طبيب بيطري فيتنامي، برحلة لاكتشاف كيف انتهت سيرة كواساكي، التي تتداخل مع تاريخ أسرة فرازير. ويستجيب فرازير لرغبة خالته إيفيلين ويلسون في أن يصبح سائقها وييسر لها زيارة والدة كواساكي، كيميكو تاكاهاشي، المقيمة في أوكلاند. فالمرأتان، اللتان كانتا جارتين من قبل، لم يقابلا بعضهما منذ أن تم ترحيل كيميكو وعائلتها عام 1942. وخلال سلسلة من الزيارات، يشهد فرازير الكشف المتبادل للأسرار التي باعدت بين العائلتين. وعبر أسلوب قصصي هو أقرب إلى القصائد المغناة، تستعرض الرواية أحزان ومشاعر الذنب المرتبطة بالحروب، ومخاطر النسيان. الكتاب يصدر عن Liveright.
- الترشيح التاسع: «المجرى القديم» أو The Old Drift، ناموالي سيربيل، في هذه الرواية الإبداعية التي تعد أولى روايات سيربيل، الحائزة من قبل جائزة كاين للقصة القصيرة المنشورة بالإنجليزية لكتاب أفارقة، تتناول قرنين من تاريخ زامبيا. تمزج الرواية ما بين أساليب القوطية والأفرو - المستقبلي. تبدأ الرواية في عام 1850، لتتبع سيرة ثلاث عائلات في زامبيا، تنحدر لمهاجرين من بريطانيا، والهند، وإيطاليا، واستقروا جميعهم عند «المجرى القديم»، أكثر بقاع المياه ركودا في زامبيا، وحيث تقطن أفواج البعوض التي تحمل داء الملاريا. حتى إن مجموعة من البعوض ترتفع صوتها ما بين الحين والآخر كراوية لوقائع الرواية. في البداية، تحكي هذه المجموعة عن «واقعة فوضى محدودة» أطلقت دائرة مدمرة تتصاعد بين أجيال العائلات الثلاث لسنوات وسنوات. وختام الرواية يتضمن «مثلث حب» بين نشطاء في عام 2050، عندما أصبحت حياة الأفراد يوثق لها عبر جزيئات مستزرعة في أجسادهم، وأسراب من الطائرات الموجهة عن بعد التي أطلق عليها اسم Moskeetoze تبدأ في نشر الكوارث. الكتاب يصدر عن Hogarth.
- الترشيح العاشر: «الأميركيون الآخرون» أو The Other Americans، ليلى لامي. دريس جوراوي يغلق مطعمه في ليلة ويقطع الطريق السريع ليلقى حتفه بواسطة سيارة مسرعة. ويأتي مقتل جوراوي ليجمع عددا متنوعا من الشخصيات، تقاوم كلها من أجل تحقيق التوازن ما بين الحب، والعائلة، والعمل. فهناك، نورا، ابنته المولودة في المغرب التي شبت لتصبح عازفة بيانو متخصصة في موسيقى الجاز، وتتخذ من أوكلاند مقرا لها. وزوجته التي تتطلع إلى الوطن في كازابلانكا. وجيرمي، محارب سابق في العراق وكان زميل نورا الدراسي. وكوليمان، محقق الشرطة المبتدئ، وأندرسون، الذي يعتبر مطعم دريس مصدر منافسة. وإيفرين، العامل غير المسجل رسميا الذي يعد الشاهد الوحيد على الجريمة. وفي الحبكة الروائية التي وضعتها لامي، نجحت في جمع صراع الإخوة، والتحقيق في جريمة، وقصة حب، والأسرار العائلية، لتقدم رواية متعددة النغمات تتسم بالحنكة والحميمية وتكشف عن الحيوات الخاصة بكل شخصية على حدة، بما في ذلك دريس نفسه. الكتاب يصدر عن Pantheon.
==========================
سيسيل فيسيه :الكرملين يخترق المجتمع الفرنسي بالقوة الناعمة
الخميس - 9 جمادى الآخرة 1440 هـ - 14 فبراير 2019 مـ رقم العدد [ 14688]
القاهرة: أحمد صلاح
يكشف كتاب «شبكات الكرملين في فرنسا» لمؤلفته سيسيل فيسيه، الصادر حديثاً في باريس، عن سعي الكرملين ومنذ عدة سنوات لشن حملات من شأنها زعزعة الاتحاد الأوروبي والتأثير على الشؤون الداخلية لعدد من الدول الأعضاء به، خالطاً في هذا الإطار بين مفهومه للقوة الناعمة من جانب وبين الطرق التقليدية لجهاز الاستخبارات في الاتحاد السوفياتي السابق KGB))
ويوضح الكتاب أنه في الوقت الذي يشهد الاقتصاد الروسي أزمة خطيرة للغاية، وانتشاراً كبيراً للفساد، نجد القيادة الروسية تسعى جاهدة نحو تمويل جمعيات ومراكز أبحاث ودعاية إعلامية وشبكات ضغط تتنوع بين أحزاب سياسية مثل الجبهة الوطنية التي تلقت ملايين اليوروهات من الكرملين وبين دوائر إعلامية وشخصيات سياسية واقتصادية، هذا بالإضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به الجالية الروسية في فرنسا.
في ظل هذا الوضع، تطرح مؤلفة الكتاب، وهي متخصصة في الدراسات الروسية بجامعة رين 2 الفرنسية، سؤالاً هاماً: هل تمثل هذه السياسة التطفلية خطراً حقيقياً على كل من الأمن القومي الفرنسي والتكامل الأوروبي؟ وهنا تبدو الإجابة بسيطة وسهلة وتكمن في أن هذه السياسة تمثل فعلاً خطورة حقيقية ليس فقط على فرنسا، ولكن أيضاً على المجتمع الأوروبي ومدى تكامله ووحدته، ولا سيما أن الكرملين يستخدم كل ما أوتي من أدوات من أجل بلوغه هدفه، وهي أدوات تتنوع بين رجال سابقين في KGB)) ومليارديرات وشخصيات روسية هامة ونافذة تحن للمجد الروسي القديم وتسعى نحو استعادة هذا المجد بأي ثمن وتنفق في سبيل ذلك الغالي والنفيس.
وعبر صفحات الكتاب البالغة 392 صفحة من القطع المتوسط، تسعى المؤلفة إلى كشف النقاب عن كثير من الأمور التي لا شك أنها تدهش المواطن الفرنسي إلى حد كبير، وتثير لديه أسئلة كثيرة عن اللوبي الروسي النشط على الأراضي الفرنسية والممول من الكرملين. وهو يتألف من مجموعات من خبراء في الاقتصاد والسياسة وبعض المعجبين بنظام بوتين وسياسته، وأيضاً بعض الخبراء المدافعين عن المواقف الروسية في أوكرانيا، أو عن الدعم الروسي لبشار الأسد، الأمر الذي يفسر بدوره حالة الصمت التي تتحلى بها بعض المنابر الإعلامية الفرنسية تجاه سياسة الكرملين الخارجية.
شبكة عنكبوتية
يذكر الكتاب أنه من المؤكد أن الكرملين لا يترك أي سبيل من أجل اختراق المجتمع الفرنسي إيماناً منه بأهمية التحرك والتعاطي مع كل دولة أوروبية على حدة بعيداً عن الاتحاد الأوروبي الذي يمثل معضلة حقيقية أمامه، وبالتالي يسعى الكرملين نحو تعزيز وجوده واختراقه للمجتمع الفرنسي من خلال العديد من الأدوات من أبرزها: مؤسسة «الحوار الروسي الفرنسي» التي أنشئت عام 2004 تحت رعاية الرئيسين شيراك وبوتين، وتضم شركات تجارية فرنسية وروسية لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين باريس وموسكو، و» معهد الديمقراطية والتعاون في باريس» الذي أنشيء عام 2008 بهدف إقامة جسر للتعاون بين الأوروبيين والفرنسيين والروس، وأيضا منتدى الإبطال الذي اجتمع للمرة الأولى بمقر السفارة الروسية بباريس في 2011. ويضم مجموعات من الروس الناطقين بالفرنسية وأعضاء من الجالية الروسية بفرنسا لتحقيق هدف بوتين «العالم الروسي «من خلال حشد الجاليات الروسية الناطقة بالفرنسية وتجميعها على قلب رجل واحد لتمثل قوة تحرك لمبادرات لغوية وثقافية واقتصادية روسية بدعم من الكرملين فيما يتعلق بالمسائل الجيو سياسية مثل «الصراع الروسي الأوكراني».
وفى إطار متصل، يلتقي قادة الكيانات الثلاث سالفة الذكر بشكل دوري مع وسائل الإعلام الفرنسية وتلك الناطقة بالفرنسية التي أنشأتها موسكو مثل «روسيا اليوم» التي خرجت للنور في ثوبها الفرنسي عام 2017. هذا بالإضافة إلى كتاباتهم بالفرنسية من خلال «سبوتنيك»، وكالة الأنباء الروسية.
الجالية الروسية في فرنسا:
يتراوح قوام الجالية الروسية في فرنسا بين 300 و400 ألف روسي، وهي جالية تتسم بالقدم إلى حدٍ كبير؛ بدأت تياراتها الأولى قبل الثورة من اليهود ومعارضي نظام «تسار»، هذا بالإضافة إلى بعض الفنانين ورجال السياسة، ثم ما لبثت أن تبدلت إلى هجرات اقتصادية خلال القرن العشرين لتنتشر الآن في مدن عديدة بين باريس ونيس وكان، ووصلت إلى الجيل الثالث اليوم، الأمر الذي يدفع الكرملين نحو حُسن استخدامها والاستفادة منها.
تقول الكاتبة: «إن الكرملين يستخدم أكثر من قوة ناعمة في فرنسا لبلوغ أهدافه هناك، وهي أهداف تتجاوز في الواقع فرنسا في حد ذاتها إلى الاتحاد الأوروبي، ولذلك طورت موسكو وبنجاح أكثر من قوة ناعمة لها في فرنسا عن طريق سياسة تأثير تستهدف الدوائر السياسية والاقتصادية، هذا بالإضافة إلى أنها تستعد لافتتاح كاتدرائية لها في باريس للمساعدة على تنفيذ ما تصبو إليه».
ويذكر الكتاب أن جيورجي شبيليف رئيس الجالية الروسية في فرنسا يمثل أحد أهم أدوات اختراق روسيا للمجتمع الفرنسي ليس فقط لأنه مدعوم وممول بقوة من السفارة الروسية بفرنسا، ولكن أيضاً لما يتمتع به من نشاط ونفوذ كبيرين في الميدان الفرنسي، خاصة من خلال «المنتدى السنوي لروسيي فرنسا»، بل وصل الأمر لأن تصف بعض البرامج التلفزيونية الفرنسية شبيليف بأنه رجل الكرملين القوي في فرنسا، الذي يسعى نحو زعزعة استقرار المجتمع الفرنسي نظراً لما يتمتع به من نشاط كبير، إضافة إلى ما لديه من أدوات نافذة توفرها له سفارة بلادة لدى فرنسا التي تقدم له كل الدعم من وراء ستار.ويخلص الكتاب إلى أنه من الواضح أن الكرملين لا يترك أي مدخل لاختراق المجتمع الفرنسي بما في ذلك اللغة الفرنسية نفسها التي تحتوي على بضع كلمات من أصول روسية وحضور للثقافة والفنون الروسية، ولذلك يسعى الكرملين نحو إرسال فرق فنية «كورال شعبي» لبعض القرى الفرنسية من أجل التأثير على المجتمع الفرنسي بشكل مباشر، وهو هدف يسعى إليه الأساتذة الجامعيون الروس في الجامعات الفرنسية، فهم بدورهم يحاولون التأثير على طبقة الشباب الروسي والفرنسي في آنٍ واحد لبلوغ الهدف نفسه، وهو دور ينفذه بمهارة شبيليف الذي يعمل أيضاً أستاذاً للغة الروسية والعلوم السياسية بالمعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية INALCO -. ومن الأمثلة إلى يذكرها الكتاب عن مساعي الكرملين لبسط يده على المجتمع الفرنسي، مساندة وسائل الإعلام الروسية الناطقة بالفرنسية علانية مرشحة اليمين المتطرف «مارين لوبن»، بل وصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك باتهامها بتلقي تمويل مالي يقدر بـ9 ملايين يورو من بنك «فرست زيتش» الروسي عام 2014 وهو البنك الذي كان يضم بين مسؤوليه الأساسيين أحد أركان الـKGB)) السابقين.
=========================