الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا في اللعبة الحرجة بين تركيا والميليشيات الكردية

أميركا في اللعبة الحرجة بين تركيا والميليشيات الكردية

21.02.2018
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 20/2/2018
أعلن وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو الأسبوع الماضي، توصل كل من تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن إعادة العلاقات بين البلدين إلى وضعها الطبيعي، وذلك من خلال تشكيل آلية لمتابعة وضمان تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بين الجانبين، لا شك أن الإعلان يعد خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لكن يجب ألا نبالغ في التفاؤل.
هناك العديد من المؤشرات التي تشي بأن الولايات المتحدة تحاول الانفتاح على بعض المطالب التركية، وذلك لاحتواء أنقرة وتفادي الاصطدام معها، دون أن تتخلى في المقابل عن استراتيجيتها التي لا تزال مستمرة منذ عهد إدارة أوباما السابقة، والقائمة على توفير كل الدعم المالي والعسكري اللازم للميليشيات الكردية "PYD/YPG" في سوريا.
هل باستطاعة الولايات المتحدة أن تفعل ذلك؟ نعم، فتاريخ واشنطن حافل بدعم الأضداد، وقد أضافت الإدارة الأميركية مؤخراً فصلاً جديداً إلى هذا التاريخ يقوم على تحفيز "حلفائها" ضد بعضهم البعض، وتوظيف ذلك لأجندتها الخاصة، وهو أمر غير مسبوق بطبيعة الحال.
في الملف السوري، تحاول واشنطن توزيع الأدوار في اللعبة الحرجة بين تركيا والميليشيات الكردية عبر وزارة الخارجية ووزارة الدفاع "البنتاجون" والرئيس، ففيما يتم إعطاء الخارجية الأميركية الصلاحيات التي تجعلها تبدو قريبة من التوجه التركي، لامتصاص غضب أنقرة، والعمل معها على الملفات المشتركة، تبدو وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" الشريك الحقيقي للميليشيات الكردية في سوريا، لا يقف دور "البنتاجون" عند هذا الحد، إذ يُعتقد أنه الجهة التي تقود -عملياً- السياسة الأميركية في سوريا منذ سنوات، وموقفه في هذا الصدد محسوم من ناحية تفضيل الميليشيات الكردية على الشراكة مع الجانب التركي.
ففيما كان وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو يعلن عن التوصل لاتفاق مشترك مع الجانب الأميركي، كانت وزارة الدفاع تؤكد على تخصيصها 500 مليون دولار لدعم الميليشيات الكردية في سوريا، ليست هذه حالة معزولة من توزيع الأدوار بين الوزارتين داخل الإدارة الأميركية، للرئيس الأميركي كذلك حصة في لعبة توزيع الأدوار، قبل عدة أشهر فقط، وعد الرئيس الأميركي ترمب نظيره التركي بإيقاف الدعم العسكري للميليشيات الكردية، فقام البنتاجون بالإعلان عن استمرار الدعم. الرئيس الأميركي لم يتخذ أية خطوة لتغيير المبعوث الأميركي الخاص لمكافحة "داعش"، والذي تم تعيينه في عهد إدارة أوباما، برت ماكجرك من أكثر الشخصيات التي يمقتها المسؤولون الأتراك، نظراً لدوره منقطع النظير في دعم الميليشيات الكردية في سوريا، وفي وقت من الأوقات، الميليشيات الشيعية في العراق أيضاً.
وتشير بعض المعلومات إلى أن الإدارة الأميركية ستقوم قريباً بتعيين جون حنّا "هانا" مبعوثاً خاصاً للملف السوري، سبق لحنّا أن عمل مستشاراً لشؤون الأمن القومي لنائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، وقد احتل مؤخراً منصب كبير مستشاري مؤسسة الدفاع عن الحريات في واشنطن، يعد حنّا من المقربين جداً من الإمارات وإسرائيل، وهو من أشد المعادين لتركيا، كتب مقالاً قبل شهر واحد فقط من محاولة انقلاب يوليو 2016 في الفورين بوليسي تحت عنوان: "كيف تحل مشكلة كأردوغان؟" دعا فيه إلى إمكانية تدخل الجيش.
بعد المحاولة الانقلابية، كشفت تسريبات سفير الإمارات في واشنطن أن حنّا أرسل له مقالاً صحافياً يشير كاتبه إلى أن الإمارات ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مسؤولتان عن الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته تركيا، وقد علق حنّا على هذا المقال: "نحن نتشرف بأن نكون إلى جانبكم"، هل يبدو هذا جيداً للعلاقات التركية - الأميركية؟ لا أعتقد ذلك.;