الرئيسة \  تقارير  \  كيسنجر في سن الـ99: كيف نتجنب حربا عالمية؟

كيسنجر في سن الـ99: كيف نتجنب حربا عالمية؟

16.06.2022
الجزيرة


الجزيرة
الاربعاء 15/6/2022
نشرت مجلة "صنداي تايمز" (The Sunday Times) البريطانية مقابلة أجراها المؤرخ الأسكتلندي نيال فيرغسون مع السياسي المخضرم وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر تطرقت إلى العديد من القضايا على الساحة الدولية.
كما اشتملت المقابلة على آراء كيسنجر في زعماء دوليين من أمثال الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والأميركي جو بايدن، ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر.
وقبل أن يلج إلى صلب المقابلة، استهل فيرغسون -الذي يعمل حاليا باحثا في معهد هوفر- حديثه بالقول إن كيسنجر بلغ سن 99 في 27 مايو/أيار الماضي وهو من مواليد ألمانيا.
وكان في العاشرة من العمر عندما تولى الزعيم النازي أدولف هتلر مقاليد السلطة. وبعد 5 سنوات من ذلك هاجر هو وعائلته إلى الولايات المتحدة حيث حطوا الرحال في مدينة نيويورك.
قدرة خارقة على التفكير الإستراتيجي
يقول فيرغسون إن كيسنجر رغم بلوغه من العمر عتيا لم يفقد قدرته "الخارقة" على التفكير الإستراتيجي والسعي إلى إيجاد الحلول للقضايا المستعصية، وهي القوة الفكرية "التي ميزته عن غيره من أساتذة السياسة الخارجية والممارسين من أبناء جيله والأجيال اللاحقة".
وللدلالة على ذلك، يوضح المؤرخ الأسكتلندي أنه في الوقت الذي كان فيه هو شخصيا منكبا على كتابة السيرة الذاتية لكيسنجر، لم يكتف السياسي الأميركي المخضرم بنشر كتاب واحد، بل كتابين الأول عن الذكاء الاصطناعي، والثاني عبارة عن مجموعة من 6 دراسات حالة عن تراجم حياة من هم في القيادة. وشاركه في تأليف الكتابين كل من الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، إريك شميدت، وعالم الحاسوب دانيال هوتنلوشير.
ورغم أن كيسنجر بات يتوكأ في سيره على عصا، ويعتمد على سماعة أذن، ويتحدث ببطء أكثر من السابق، فإن عقله ما يزال متقدا أكثر من أي وقت مضى.
أغضب اليمين واليسار
وليس أدل على مقدرته على إغضاب اليسار واليمين ذلك الجدل الذي أثاره حديثه المقتضب في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية في 23 مايو/أيار. وكان كيسنجر قد دعا في ذلك الحديث أوكرانيا إلى التخلي عن جزء كبير من إقليم دونباس وشبه جزيرة القرم.
وشن الرئيس الأوكراني زيلينسكي هجوما عنيفا على كيسنجر بسبب ذلك التصريح، متهما إياه بمحاولة استرضاء روسيا. ولعل الأمر الأكثر غرابة في هذا -برأي فيرغسون- أن الوزير الأميركي الأسبق لم يقل شيئا من هذا القبيل.
ومع ذلك، فإن كيسنجر يرى أن مما لا شك فيه أن زيلينسكي "ظل يضطلع بمهمة تاريخية" في حرب بلاده ضد روسيا، "وأنه يأتي من خلفية لم تظهر قط في القيادة الأوكرانية في أي فترة من التاريخ"، في إشارة إلى أن الرجل يهودي مثله.
رئيس بالصدفة
وتابع بأن زيلينسكي "رئيس بالصدفة" حيث "واجه محاولة روسيا لإعادة أوكرانيا إلى موقع التبعية، وحشد دولته والرأي العام الدولي خلفها بطريقة تاريخية"، واصفا ذلك بالإنجاز العظيم.
ثم سأله المؤرخ الأسكتلندي في المقابلة عن رأيه في خصم زيلينسكي، الرئيس الروسي بوتين الذي التقاه كيسنجر في مناسبات عديدة يعود تاريخها إلى أوائل تسعينيات القرن الماضي عندما كان الأخير نائب عمدة مدينة سان بطرسبورغ.
يقول كيسنجر إنه كان يظن أن بوتين "محلل متعمق"، مستندا في ذلك على نظرة ترى أن روسيا أشبه ما تكون بكيان صوفي ظل متماسكا "بجهد روحي" رغم ما يضمه في جنباته من 11 منطقة زمنية.
ويضيف أن أوكرانيا طالما لعبت -من وجهة النظر تلك- دورا خاصا، إلا أن هذا الرأي يتعارض مع تلك الفترات من تاريخ أوكرانيا التي ميزتها عن الإمبراطورية الروسية.
رئيس دولة آخذة في التدهور
ويتابع بأن مشكلة بوتين هي أنه "رئيس دولة آخذة في التدهور"، و"فقد القدرة على إدراك خطورة هذه الأزمة"، مشيرا إلى أنه لا عذر له على ما فعله هذه السنة.
وفي معرض إجابته عن سؤال حول ما إذا كان حلف الناتو قادرا على استيعاب فنلندا والسويد في عضويته، قال كيسنجر إن الناتو كان التحالف المناسب ضد "روسيا العدوانية التي كانت تمثل التهديد الرئيسي للسلم العالمي".
ويزعم السياسي المخضرم أن الناتو تطور ليصبح مؤسسة تعكس التعاون الأوروبي والأميركي "بطريقة تكاد تكون فريدة من نوعها"، مضيفا أن من المهم الحفاظ عليها، كما أن "من المهم أن ندرك أن قضايا كبرى ستحدث في علاقات الشرق الأوسط وآسيا بأوروبا وأميركا".
ويرى كيسنجر أن أعضاء حلف الناتو كمؤسسة ليس بالضرورة أن تكون لديهم آراء متوافقة، "فقد اجتمعوا سويا حول أوكرانيا، لأن ذلك كان يذكرنا بالتهديدات [القديمة] وقد قاموا بعمل جيد للغاية، وأنا أؤيد ما فعلوه".
الصين تحل محل الاتحاد السوفياتي
وبخصوص الصين، قال إنها تلعب نفس الدور الذي كان يضطلع به الاتحاد السوفياتي، مؤكدا أن العالم بات الآن على أعتاب حرب باردة.
وشدد على أن دولتين -هما الولايات المتحدة والصين- بما تملكانه من قدرة على فرض هيمنتهما على العالم "تواجهان بعضهما بعضا باعتبارهما أكبر متنافستين، وتحكمهما أنظمة محلية غير متوافقة. وهذا يحدث عندما تعني التكنولوجيا أن الحرب ستؤدي إلى انتكاس الحضارة، إن لم يكن تدميرها".
ورغم ذلك، فإن القوتين العظميين "لديهما حد أدنى من الالتزام المشترك لمنع حدوث تصادم كارثي"، حسب تعبير كيسنجر.
المصدر : صنداي تايمز