الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الموقف الاسرائيلي أقرب لنظام الأسد

الموقف الاسرائيلي أقرب لنظام الأسد

17.04.2014
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاربعاء 16/4/2014
ليس خافياً على احد ان الموقفين الرسمي والشعبي للاسرائيليين هو أقرب لنظام الرئيس السوري بشار الأسد منه إلى معارضيه على كافة أشكالهم وتلاوينهم، وهو أمر لا يخفيه الاسرائيلي العادي فيما يتلاعب المسؤولون الاسرائيليون عليه لأغراض سياسية أحيانا ودعائية أحياناً اخرى من قبيل استقبال جرحى سوريين وزيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لهم لإظهار مفارقة ان الحكومة الاسرائيلية أكثر رأفة بالسوريين من نظامهم الذي لا تفرق مجازره وبراميله وقصفه بين الحجر والبشر، وهي بضاعة اشتراها كثيرون من البسطاء.
غير أن هذا الموقف الاسرائيلي من بشار الأسد ونظامه لم يمنع الآلة العسكرية الاسرائيلية من ضرب النظام السوري، كلما كان الوقت مناسباً، ضربات موجعة لتذكره بين الحين والآخر بشروط القبول به على علاته، وحمايته بصمت في كواليس السياسة الأمريكية، وهو عدم تجاوزه الخطوط الحمراء المرسومة له.
فما دامت المذبحة هي ضد الشعب السوري فلا ضرر ولا ضرار ولكن حالما يظهر النظام ميلاً للعب الورقة الاسرائيلية والإخلال بقوانين الرضا والقبول فإن مسطرة العرّاب الاسرائيلي تهوي على أصابع المريد السوري لتذكيره، المرة تلو المرة، بحدوده.
تبدو اسرائيل اليوم هي الرابح الأكبر من الحرب في سوريا، حيث خسرت دمشق قدراتها العسكرية لاسيما منظومة الاسلحة الكيميائية، ورغم ان نظام الرئيس بشار الاسد لم يستخدم لا الاسلحة الكيميائية ولا غير الكيميائية ضد تل ابيب، الا انه اعتبر دائما كسلاح رادع. كما ان حزب الله الذي طالما اقلق اسرائيل، نقل ساحة قتاله الى سوريا واستهلك جزءا كبيرا من قدراته العسكرية.
الموقف الاسرائيلي من الصراع في سوريا، لم يغيره تلويح بعض زعماء المعارضة السورية بحل مع اسرائيل لقضية الجولان مثل عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني كمال اللبواني الذي عرض مقايضة الهضبة بنظام الاسد.
يقابل هذا الموقف في المعارضة السورية موقف آخر لا يقل غرابة لدى شريحة من الشعب الفلسطيني تتعاطف بدورها مع نظام ضاعف من مآسي الشعب الفلسطيني، خاصة ما تم ارتكابه من مجازر في تل الزعتر وصبرا وشاتيلا ونهر البارد، واشتغاله على تفكيك منظمة التحرير وتطويعها واخضاع القرار الفلسطيني لأوامره، وهي مفارقة غريبة.
يستند هذا الموقف على خلفيات ايديولوجية ومذهبية تعتبر المعارضة السورية إسلامية، من جهة، وتعتبر النظام السوريّ ممانعاً لإسرائيل ومقاوماً لها، من جهة أخرى.
يتساكن هذا الموقف المفارق مع طغيان بدعوى مواجهة طغيان آخر، وفي مفاضلته بين استبدادين متعاضدين، حتى لو اختلفا على الجزئيات، والتفريق بين الاحتلال العنصري والطغيان الأكثر عنصرية يضعفان قضية الطرفين الواقعين تحت الظلم.
تتناظر وظيفتا النظام الاستيطاني الاسرائيلي والنظام السوري ‘الأقلوّي’ في امتلاك آلة قمع كبيرة تعمل على اختلال المجتمعات العربية والاسلامية وتجزيئها وتذررها وتهشيمها بشكل يمنع أية آلية تحرر تفضي الى تغيير هذه المعادلة القيامية التي تبشر بجماعات متقاتلة وطوائف ومذاهب واثنيات غير قابلة للتعايش في مجتمعات عصرية.