الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إيران بعيونهم

إيران بعيونهم

21.05.2019
يحيى العريضي


سوريا تي في
الاثنين 20/5/2019
خلال الأيام المنصرمة، أشاح المحللون السياسيون والإستراتيجيون بنظرهم عن أحداث منطقتنا، وأضحى شغلهم الشاغل البحث عن توقيت الضربة الأميركية لإيران؛ وكيف ستكون، وماذا ستستهدف، وهل ستكون أذرع الأخطبوط الإيراني الهدف أم قلب إيران، وهل ترمب جِديٌ أم بهلوانيٌ، أهو مختلف عن الإدارات الأميركية السابقة؛ أهو مقتنع بأن إيران هي البقرة التي تحلب ذهباً كمصدر للابتزاز الأميركي للمنطقة؟  طبيعي أن يكون هذا هو هاجس منطقتنا الآن وليس فقط المحللين والإستراتيجيين؛ فعلى مدار أربعة عقود استطاعت إيران إلى جانب إسرائيل وبإشراف أميركي ضبط إيقاع هذه المنطقة تحت يافطة العداء العلني والتنسيق الخفي بينهم؛ ولكن أن يتحول العداء العلني المزيّف إلى واقع ظاهر وعلني، فهذا لم يحدث من قبل؛ فرائحة البارود تزكم الأنوف.
الملفت أكثر من أي أمر آخر هو حالة التخبط الإيرانية أكثر من أي وقت مضى؛ فرئيس لجنة الأمن القومي الإيراني يقول: "نتفاوض مع الأميركيين" والخامينائي يقول: "لا للتفاوض". فريق ثالث يقول: "نتفاوض بشروط". الغريب أن يخالف أحد رجال الخامينائي رأيه، وهم لا يرونه إلا إلهاً لهم. يعزّي بعض رجالات السلطة أنفسهم بالقول إن ما يحدث يوحّد الإيرانيين- قيادة وشعباً. ومعروف كم تكترث هذه القيادة بشعب إيران!  الأخطر من كل ذلك ما يراه بعض قادة إيران بأنهم يواجهون أزمة غير مسبوقة تشي بنهاية مشروع عمره أربعة عقود
أعاد ما يحدث من توتّر نبش حيثيات الاتفاق النووي. يرى بعضهم بأن الاتفاق النووي لم يحم إيران؛ وفريق آخر يعتبره حاجة أميركية-أوروبية... أيضاً ليعزي نفسه آملاً بأن تعود المياه وتمر في المجرى ذاته. في الاطمئنان أيضاً هناك من يرى التهويش الأميركي ليس إلا وسيلة لمزيد من ابتزاز دول الخليج من قبل "البزنس مان" ترمب؛ ويستدل هؤلاء على ذلك بأن ما تريده أميركا هو حماية أصدقائها. لكن الأطرف في الموضوع عندما يقطع البعض بعدم جدية "ترمب"، وبأنه لن يفعل شيئاً؛ والدليل الذي أوصله إلى هكذا استخلاص حسب قوله إن ترمب ينتقد ويقرّع الإعلام لتضخيمه المسألة، ويضيف عليها بأن ترمب شنّ هجوماً /تويترياً/ على "بولتن"- رئيس مكتب أمنه القومي- لتوريطه والمبالغة بالمسألة؛ وكأنهم بإيراد ذلك يزفون خبر انتصار للجمهورية الإسلامية على "الشيطان الأكبر" الجبان؛ فأميركا كما يرون "لا تريد الحرب؛ ولكن الذي يحرّض عليها ليس إلا طرفاً ثالثاً كُرهاً بإيران ودعماً لـ "صفقة القرن". ومن جانب آخر يعتبرون
حال إيران خلال العقود الأربعة التي خلت كحال ضفدع وجد نفسه في بركة ماء، فتصوّر نفسه بأنه يستطيع ابتلاع البركة بكاملها؛ فتمدد وترققت جبهاته
أن كل تلك "الهيصة" الترمبية- وحتى إلغاء الاتفاق النووي- ليس إلا رغبة جامحة لدى ترمب تحولت إلى مرض اسمه "أوباما" لا بد من إلغاء كل ما وقّعه أو عمله.
عندما يتغلّب هاجس الحرب على أفكارهم، يعودون للمزاودة والتذكير بصواريخ إيران وأذرعها القوية؛ وأنها مَن يحدد إيقاع المواجهة؛ ولكنهم في الوقت نفسه يحسبون حساب الرجعة، فيذكرون ما قاله "جون كيري" بإيران بأنها /عقلانية/؛ فيحتّمون وقتئذ بأنها لن تغلق مضيق هرمز.
حال إيران خلال العقود الأربعة التي خلت كحال ضفدع وجد نفسه في بركة ماء، فتصوّر نفسه بأنه يستطيع ابتلاع البركة بكاملها؛ فتمدد وترققت جبهاته؛ ومؤكد أن أميركا- صاحبة هذه البركة نفوذاَ- كانت بانتظار هذا التمدد الإيراني. كانت بداية نهاية طموح إيران التوسعي خنق مشروعها النووي، ثم تبع ترمب ذلك بركل ذلك المشروع جانباَ، عندما تنصّل من ذلك الاتفاق
إننا أمام الضفدع الفارسي الحاقد، والحوت الأميركي الذي يأكل ولا يشبع، وبعض المخاليق التي تراقب وتحف أكفها بحماس وبله
جاعلاً إياه حملاً ثقيلاً على كاهلها لا قوة بيدها؛ والثالثة تمثّلت بدزينة الشروط الأميركية التي حملها وزير خارجية ترمب؛ والحلقة الأخيرة في السلسلة قد تكون دموية؛ على الأقل على أذرع ذلك الضفدع الأخطبوطبة التي سيتم قصها أو لجمها أو هرسها. وهذا النوع من الأخطبوط يعيش ويتنفس عبر تلك الأذرع؛ فإن انتهت ينتهي.
 إننا أمام الضفدع الفارسي الحاقد، والحوت الأميركي الذي يأكل ولا يشبع، وبعض المخاليق التي تراقب وتحف أكفها بحماس وبله.  قد تكون اقتربت نهاية إمبراطورية الكذب. كثرة الرؤوس ممنوعة في منطقتنا. الرأس الأكبر يلعب بكل الرؤوس الصغرى التي لا تقل خطراَ وإجراما. ربما خلاص المنطقة بصدامهم الفعلي؛ وهذا لم يحدث بعد، ولكنه قد يكون أقرب مما نتصور. ها هم ملالي إيران يستشعرون الخطر الحقيقي؛ تجلى ذلك في وقت سابق بنكرانهم استفزاز إسرائيل بصواريخ أُطلقَت من الأرض السورية، ورميهم تلك الفعلة بعنق ذلك الذي يحمون في دمشق في تخلٍ علني عن كل "مقاومة أو ممانعة"، وعبر ترجي بعض الدول التدخل للحؤول دون ضربة أميركية إسرائيلية تنهي تلك الإمبراطورية الكذبة. الآن يتذرعون بـ "طرف ثالث" يرغب برؤية حرب أميركية على إيران. الآن وصلت سفن الموت- لا سفن النفط- إلى غرف النوم؛ ولهذا نسمع صراخ الكذب. لننتظر ونعتبر.