الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حقيقة المأساة السورية.. بين الأمس واليوم!!

حقيقة المأساة السورية.. بين الأمس واليوم!!

13.02.2016
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الخميس 11/2/2016
تحدثنا عن التآمر الصهيوني والغربي والشرقي الرهيب الذي كان يُدبّر لسورية منذ أمد بعيد، وخصوصا لدى تسلم الأسد الأب السلطة، ونوّهنا إلى أن الجميع اتفقوا على إقامة أحزمة حامية لإسرائيل، سواء إيران أو لبنان أو سورية، حيث حِيكت المجزرة الكبرى في "حماة" 2/2/1982 لتكون درسا أقسى لكل معارض، إذ كان سهلا أن تُحَل المشكلات بالأعنف، فتحافظ الدولة على مجريات الأحداث بالتوافق وتحقن الدماء، ولكن موقف التآمر الحاقد كان هو المركوز لهذا الغرض فحصدت الأحداث 47 ألفا، وظهرت عورات المجتمع الدولي -وكما ذكر الأستاذ القدير صبحي الحديدي- فموقف أمريكا كان خجولا على لسان خارجيتها وكان "جون كوفنر" مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقل عن وزير الإعلام السوري "أحمد إسكندر أحمد" (عَلَوي) أن المدينة عُزلت خارجيا، وتشهد تفتيشا لإرهابيين! وهكذا كان الموقف زمن الرئيس الأمريكي "دونالد ريجان" ضد أنظمة الاستبداد! وكذلك كانت "الإيكونوميست" البريطانية الأسبوعية، حيث أذاعت الخبر بعد شهرين بعنوان: "الرواية الحقيقية" وأنها(لم تعرف، ولعلها لن تعرف أبدا!) وأن جزءا كبيرا من المدينة تهدم وصَوّرت الصراع بين حكومة ومتمردين، وكان موقف رئيسة وزراء بريطانيا "مارجريت تاتشر" باهتا جدا. وكانت وحدها صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية شُجاعة، حيث غامر أكبر مراسليها "سورج شالاندون" وتسلّل إلى المدينة باسم "شارل بوبت" وأنه مُنقّب آثار، ومع أنه لم يُلّم بكل ما حاق بها لكنه رأى كيف يُحمل الأموات من أقدامهم وعلى الأكتاف وكيف تبكي الأمهات الثكالى، ورأى عشرات الآلاف في مقابر جماعية. ثم عرف أن 20 ألفا كانوا مفقودين، وقتلى التعذيب في السجون بالآلاف، والمهاجرين والمشردين أكثر من مائة ألف. لقد كان درسا أراد منه الأسد أن يكون عبرة لكل سوري يفكّر بالثورة.
أقول: لقد نفّذ التعاليم كما تريدها إسرائيل والغرب والشرق المُعادي وملالي إيران الشيعة، وكذب الخميني على العالم بثورته المصنوعة المدبّرة من المسيطرين، وكتب عن هذا المفكر "جرهارد كونسلمان" في كتابه "سطوع نجم الشيعة" ص: 177 ترجمة محمد أبو رحمة: "الولايات المتحدة تلعب بالخميني!!" وهل ننسى أن نُذكِّر: لما قام الخلاف بين حركة (أمل)، و(حزب الله) الشيعيين بلبنان بالتاريخ نفسه 2/2/1982تدخل حُكام إيران للإصلاح، بينما صمتوا كإسرائيل والغرب عن المجزرة دون أي كلام مع الإسلاميين والوطنيين السنة في البلد. فليست العلاقة وليدة اليوم ولا هي قد تبلورت بعد الاتفاق النووي، بل الكل يعرف ماذا أعدّت إيران من مستشارين عسكريين وسياسيين وفنيين ومقاتلين ضد الجيش الحر والثوار، وكم قُتِل من ضباطها فداء للمشروع الإيراني المُوثّق اتصاله بإسرائيل منذ البدايات والذي تطور بالخميني، حيث كان مشرفا على تهجير آلاف اليهود الإيرانيين لإسرائيل عن طريق باكستان، ولما قيل له يومها لماذا إذن لا تعترف بإسرائيل؟ قال: أما علناً فلا. وهكذا التَقِيَّة تعاون مع اليهود وانتقام من أهل السنة! فلا نستغرب اليوم ما يحدث في منطقتنا الملتهبة وخصوصا في العراق وسورية، حيث تقوم إيران بالخادمة الأمينة لإسرائيل وحمايتها بهما، وتطويق مصر "السيسي" الذي تبعه كل من لا خَلاقَ له دينا ولا خلقاً ولا إنسانية! وذلك أمثال وزير العدل الحالي "أحمد الزند" الذي احتجت على تصريحاته كثير من القوى المدنية في مصر وخارجها، وكذلك المنظمات وعلى رأسها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، حيث قال المجرم: يجب قتل عشرة آلاف من الإسلاميين أو مناصريهم من الذين قَتَلوا فردا مسلحا واحدا من الجيش أو الشرطة! وكم ذكّرني هذا المنافق برجال الروس السوفييت أثناء مجزرة حماة حيث قالوا لحافظ الأسد: إذا قُتل واحد منكم فاقتلوا ألفا منهم. والذي حدث أن عدد القتلى كان بعد أسبوعين 23 ألفا وبعد 12 يوما أصبح 47 ألفا! وهكذا فملة الكفر من أولئك الأعداء واحدة، فالروس المحتلون اليوم منذ دخلوا سورية أجرموا ب80 مجزرة، وكان أكثر من 90% منهم مدنيين واتبعت سياسة الأرض المحروقة ولكن بعد البربرية الاستثنائية في الوقت الضائع لمفاوضات جنيف3" التي آثرت قوى الثورة فيها الانسحاب، وانهال القصف بمئات الغارات على ريف حلب حتى نزح 70 ألفا، وعلى ضواحي اللاذقية حتى نزح 40 ألفا، وهكذا دون سبب إلا التكسب بقواعد جديدة لهم في سورية بعد الاتفاق مع الجزار على شعبه!
وختاما: فلك أيها القارئ أن تستنج لماذا يسود صمت القبور -اليوم- العالم أجمع عن كل هذه الجرائم والفظائع بحق الإنسانية في حلب وريفها واللاذقية وريفها في الشمال ودرعا وريفها في الجنوب لإنشاء "سورية المفيدة"! التي لن تكون إن شاء الله، فالحرب سِجال وكرٌّ وفرٌّ.و إسرائيل والأسد هما الرابحان في هذه الحلبة كما نقلت "يديعوت أحرونوت" 4/2/2016، وما علينا إلا الأخذ بالمقاومة الشعبية المستبصرة، فإن نجحنا وحقنا الدماء فبها ونعمت، وإلا فشعارنا:
إن ألفَي قذيقة من كلام *** لا تساوي قذيفة من حديد