الرئيسة \  مشاركات  \  تقطيع الأرحام : ما ضررُه في الدنيا والآخرة ؟ ومَن يَفعله ؟

تقطيع الأرحام : ما ضررُه في الدنيا والآخرة ؟ ومَن يَفعله ؟

25.06.2020
عبدالله عيسى السلامة




قال تعالى : ( فهل عَسيتم إنْ تَولّيتم أنْ تُفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامَكم).
وقال تعالى ، على لسان نبيّه  موسى ( اجعلْ لي وزيراً مِن أهلي * هارونَ أخي * اشدُدْ به أزري * وأشرِكْه في أمري).
وخاطبَ ربّ العزّة ، نبيّه موسى ، قائلاً : (سنَشدّ عَضدَك بأخيك..).
الأخ : أوّل رُكن ، وأهمّ ركن ، في بنيان العلاقات الأسرية ؛ وبالتالي الاجتماعية، ومِن ثمّ الإنسانية ! وصِلتُه تأتي ـ في الأهمّية ، بَعد برّ الوالدين !
وفي المَثل المشهور: أنا وأخي ، على ابن عمّي ، وأنا وابنُ عمّي ، على الغريب !
فإذا قَطع الأخ ، صِلة الأخوّة ، بإخوانه وأخواته ؛ فأيّة علاقة اجتماعية ، تربطه بمجتمعه ؟ وبالتالي ؛ كيف يحافظ المجتمع ، على تماسكه ؟
الأقارب ، عامّة ، موطن ثقة الإنسان ، وأوّلهم الأخ ! قال تعالى ، مخاطباً نبيّه:
(وأنذِر عشيرتَك الأقربين) .  فهاهنا ، مَوطن الثقة ، وموطن كتمان السرّ وحفظِه، وموطن الأمن، من: الخديعة والخيانة ، والغشّ والغَدر– بحسب الأصل ، بين البشر-!
فإذا قُطعت هذه الآصِرةُ ، فأيّة أصرةٍ تبقى ، وهي أولى الأواصر الاجتماعية ..؟
ويتفرّع ، عن الأخ ، أبناؤه وبناته .. كما يتفرّع ، عن الأخت ، أبناؤها وبناتها .. ثمّ تأتي التفريعات المتتابعة ، في السلسلة الأسَرية الاجتماعية !
فإذا قُطعت الآصرة الأولى ، قُطعت ، بعدها ، سائر الأواصر، وتفكّك المجتمع !
فأيّة خطورة ، على الفرد ، الذي يقطع أواصره ؟ وأيّة خطورة ، بَعدها ، على المجتمع ، كلّه !
إنها كارثة حقيقية ، على الفرد نفسه ، وعلى الأسرة ، وعلى المجتمع ، بأسره !
وليس عبثاً ، أن يأتي تقطيع الأرحام ، في الآية الكريمة ، بعد الإفساد في الأرض! فهو، ذاتُه ، نوع من الإفساد ، الأسري الاجتماعي ، الذي يدمّر الأسر والمجتمعات، ويجعل الفرد ( مقطوعاً من شجَرة) كما يقول المثل !
حين حوصر النبيّ وأصحابه ، في الشعب ، دخل معه الشعب بنو هاشم ، تطوّعاً، وكان أكثرهم مازالوا على الشرك ، وذلك ؛ على سبيل التعاطف القبَلي !
فهل يدرك قاطعو الأرحام ، هذا البلاء ، الذي ينالون عقوبته في الدنيا ، غُربَة عن الأهل ، ويُجزَون ، على نتائجه الاجتماعية المدمّرة ، عقاباً في الآخرة ؟
لقد فَكّكت الحضارة الغربية ، عٌرا الأسرة ، وقطّعت الروابط بين أفرادها .. واستعاضت ، عن هذا ، بقوانين الدول ، فصارت علاقة الفرد ، بأخيه وأخته ، كعلاقته مع أيّ فرد آخر، في المجتمع ! فإذا اهتزّ كيان الدولة ، لم يجد الفرد ، مَن يعطف عليه ، من أهل وأقارب !