الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا: النظام الشمولي ديناصور بعقل دجاجة

سوريا: النظام الشمولي ديناصور بعقل دجاجة

11.05.2019
فراس سعد


القدس العربي
الخميس 9/5/2019
النظام الديكتاتوري الشمولي الحاكم ديناصور بعقل دجاجة وربما بعقل دودة مهما كان ذكاء ودهاء بعض قادته.
نظام يمكن التحكم به من خارجه أكثر بكثير مما يمكن التحكم به من داخله لذلك لا يمكن أن يتطور هكذا نظام حاكم من داخله فعقله لا يملك النضج ولا الإمكانية والمسارات العصبية التي تمنح أي إمكانية لأي تطور أو تغيير حقيقي.
لذلك دائما ما تموت هذه الأنظمة دون أن تتقدم خطوة واحدة أو تنجز أي تغيير، وأي تغيير أو تقدم تقوم به سيكون بفعل إجبار خارجي بالضرورة. أفضل مثال لهذا النوع من الأنظمة الحاكمة هو النظام السوري في تجليه البعثي الأسدي
لأجل ما تقدم كان على المعارضة السورية ما بين 2000 و2008 على الأقل، أن تفعل فعلتها فقد كان بإمكان تلك المعارضة – وفيها بعض ألمع العقول السياسية والفكرية على المستوى العربي – أن تؤثر في ذلك النظام الحاكم وتغويه وتحفر له طريقا نحو التغيير. لو أن تلك المعارضة امتلكت قيادة واضحة ببرنامج إغواء ومناورة، لكن المعارضة السورية للأسف كانت على الدوام مبدئية خشبية دون قيادة متضامنة. كانت معارضة أفراد أيا كان عددهم وليست "معارضة مؤسسة "، وهي مشكلة سورية عامة مستفحلة في كل المستويات سياسية أو ثقافية الخ – في تلك الفترة وصل عدد المعارضين من الصف الأول إلى الثالث، ألف معارض على الأقل وربما بلغ الإجمالي عشرة آلاف أو أكثر يشكلون البنية القوية للمعارضة السورية أو النخبة. دون حساب بقية المعارضين السوريين من عامة الشعب وهم بمئات الألوف
ما دفعني لكتابة ما سبق حديث للأستاذ ميشيل كيلو السياسي قال فيه إن المعارضة السورية مع بداية عهد بشار الأسد في الحكم كانت تدفع باتجاه توريط النظام في الإصلاح وتقترح عليه الخطوات التي تودي به إلى حتفه… وربما كان الأمر صحيحا من حيث مآلات الأخيرة للإصلاح لو تقدم فمن الطبيعي أن أي إصلاح حقيقي يحقق للشعب حريته وتقدمه ويضمن كرامته سيؤدي بالضرورة إلى تلاشي عقيدة الهيمنة والاستصغار والاحتقار التي يؤمن بها هذا النظام وكل نظام شمولي مغلق، وبالتالي ربما أدى ذلك بالفعل إلى تفكك بنية النظام لكن ليس بالضرورة نهايته، فلربما أمكن لهكذا نظام فيما لو استبدل عقيدته الأمنية المبنية على الخوف والهيمنة أن يتحول من ديناصور إلى فيل أو حصان يضع نفسه في خدمة شعبه.
وعودة إلى حديث الاستاذ ميشيل عن إصلاح النظام ودور المعارضة في ذلك، ولا بد هنا من القول إن جهة ما في النظام كانت جادة بالفعل في مسعاها لإجراء إصلاح داخله ربما لم يكن هذا الإصلاح واضحا لديها من حيث الكيفية أو الحجم والأدوات، لكنه على أي حال كان أمرا حقيقيا وربما يكون مناسبا هنا ذكر شهادة شخصية تتعلق بمسألة شعبية الإصلاح في تلك السنوات فقد طلب مني قريب لي على علاقة بالنظام كتابة بضع صفحات عن الإصلاح والتغيير وبالفعل فقد عمدت إلى كتابة ما يشبه دراسة صغيرة في إحدى عشرة صفحة لا أعتقد أنها نالت إعجابه.
ومتابعة في فكرة ميشيل عن رغبة ضمنية لدى بعض المعارضين في خداع النظام لابد من الانتباه إلى مسألتين في غاية الأهمية:
أولاهما أن المعارضين السوريين في أغلبهم كما بدا لي من كتاباتهم وأقوالهم في اللقاءات السياسية أو الشخصية كانت عندهم رغبة حقيقية في إصلاح النظام اعتقادا منهم أنه سينعكس بالضرورة على المجتمع خيرا وتقدما وحرية.
وثانيهما أن النظام يومها ربما كان هو من خدع المعارضة بطلبه المشاركة في إعداد أوراق واقتراحات عن إصلاح الحزب والنظام… وإنه إنما فعل ذلك فقط لأجل إقناع المعارضة بقبول الرئيس الجديد تهدئة لخواطره وخواطر بعض المقربين منه الذين كانت لديهم شكوك حقيقية في قدرته على ملء الفراغ الذي تركه والده وخوف من عدم قدرته التحكم في هذه الآلة المعقدة التي اسمها النظام الحاكم.