الرئيسة \  واحة اللقاء  \  داريا.. أيقونة الثورة السورية

داريا.. أيقونة الثورة السورية

31.08.2016
سمير الحجاوي


الشرق القطرية
الثلاثاء 30/8/2016
في سوريا الحديثة التي حكمتها عائلة الأسد، لم تتوقف المجازر يوما، من مجزرة جسر الشغور ومجزرة سجن تدمر ومجزرة حماة التي قتل فيها حافظ الأسد أكثر من 42 ألف سوري خلال 21 يوما فقط، أي أنه كان يقتل 2000 إنسان يوميا في المعدل.
بعد ذلك سار بشار الأسد على خطى والده في القتل وسفك الدماء، حتى بلغ عدد القتلى الآن أكثر من مليون إنسان، في واحدة من أكبر المجازر التي عرفتها البشرية، ولم يقف الأمر عند هذه الحد، فقد لجأ نظام الأسد الإرهابي إلى محاصرة المدن والقرى، حصارا خانقا، وقطع الماء والغذاء والدواء عنها وقصفها بالبراميل المتفجرة والصواريخ والقنابل العنقودية والفسفورية والغازات السامة، وتخريب الأراضي الزراعية وحرق المزروعات وقت الحصاد.
لقد مارس نظام الأسد الإرهابي، ويمارس، القتل الجماعي من دون محاسبة، ويمارس التجويع حتى الموت كما حدث مع مدينة داريا التي كان يسكنها ربع مليون سوري، ولم يبق فيها سوى 5 آلاف، منهم ألف مقاتل فقط.
فرض على داريا الحصار والتجويع منذ عام 2012، وقصفها بكل أنواع الأسلحة، وأمطرها بآلاف البراميل المتفجرة، وفصلها تماما عن المدن المجاورة، خاصة معضمة الشام، وأصر على أن الحل الوحيد هو تهجير أهلها بالكامل، وتفريغها من السكان، وهددهم بالإبادة الكاملة إذا لم يرحلوا.
صمدت "داريا" التي يطلق عليها "أيقونة الثورة السورية" 4 أعوام كاملة، وكبدت ميليشيات الأسد والميليشيات العلوية والشيعية وعناصر حزب الله أكثر من 5000 قتيل على مدى 4 سنوات، اعترف نظام الأسد بمقتل 1500 من ميليشياته فقط، إلا أن تدخل الطيران الروسي، وإمطار المدينة المحاصرة، بآلاف الصواريخ، وحرق وهدم كل شيء فيها، أجبر الثوار على قبول المغادرة مع عائلاتهم، وترحيل 4000 من المدنيين إلى مناطق أخرى، لأن نظام الأسد والإيرانيين وحزب الله رفضوا الإبقاء على مدني واحد في المدينة.
لقد خذل العالم والعرب سكان داريا التي دمر نظام الأسد وإيران وروسيا وحزب الله أكثر من 80 في المائة من مبانيها، وضربوا بنيتها التحتية ما أدى إلى انعدام جميع مقومات الحياة فيها، ونفذ الغذاء ولم يتبق أي ماء صالح للشرب، ورغم كل ذلك صمدت في وجه الحملات البربرية الأسدية والإيرانية، العلوية الشيعية، حتى أطلق عليها تحالف الشيطان أسماء مثل "مثلث برمودا"، و"الثقب الأسود" و"مقبرة الدبابات".
"داريا" التي صمدت في وجه البربرية والوحشية والحقد، مثال على البطولة، ولكنها مثال على الخذلان العربي للأبطال، ومثال على دناءة روسيا ونظام الأسد وحزب الله وإيران الذين ينفذون مخططا لإنشاء كيانا علويا، باسم "سوريا المفيدة" وهو كيان لا يمكن أن يرى النور إلا إذا تم تغيير الوضع الديمجرافي وترحيل "السوريين المسلمين" غير المرغوب بهم، وتوطين العلويين والشيعة فيها، وهو مخطط يجري تنفيذه يوميا في سوريا.