الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرس الثوري كمنظمة إرهابية: بين مطرقة السكوت وسندان الرد

الحرس الثوري كمنظمة إرهابية: بين مطرقة السكوت وسندان الرد

10.04.2019
علي حسين باكير


سوريا تي في
الثلاثاء 9/4/2019
ذكرت تقارير صحفية الأسبوع الماضي أنّ إدارة ترامب تحضّر لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظّمة إرهابية. وعادة ما يشمل التصنيف من هذا النوع هيئات غير حكومية وفاعلين غير حكوميين، لكن لم يسبق أن تمّ تصنيف مؤسسة رسمية من قبل على أنّها منظّمة إرهابية. وفي هذا السياق، يعتبر هذا القرار حال صدوره سابقة من نوعه على اعتبار أنّ مؤسسة الحرس الثوري هي جزء لا يتجزأ من تركيبة النظام الإيراني وليس مؤسسة أو منظّمة مستقلّة عنه.
ويعتقد الجانب الأمريكي أن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية سيؤدي إلى زيادة الضغط السياسي والمالي والأمني على المؤسسة الإيرانية ممّا من شأنه أن يساعد على كبح نشاطات المؤسسة الخارجية لاسيما في سوريا والعراق ولبنان واليمن من خلال حرمانه من الموارد اللازمة التي يموّل من خلالها نشاطاته الإقليمية. وبالرغم من أنّ التهديد بتصنيف الحرس الثوري كمنظّمة إرهابية ليس جديداً، إلا أنّ الجديد أنّ إدارة ترامب تعتقد على الأرجح أنّ اتخاذ هذا القرار لن يترتب عليه أي مسؤوليات أو تكاليف، تماماً كما جرى في قراراته الأخيرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية والجولان والملف النووي الإيراني.
لا تحظى مثل هذه الخطوة بإجماع داخل الولايات المتّحدة، إذ أنّ هناك من يعتبر أنّها خطوة غير صحيحة، وقد تستدعي ردّ فعل إيراني من شأنه أن يهدد حياة الجنود الأمريكيين المنتشرين في المنطقة للخطر. وتعتبر ويدني شرمان، المسؤولة السابقة في الخارجية الأمريكية وعضو الوفد المفاوض مع الجانب الإيراني آنذاك، من بين المسؤولين الذين عبّروا عن خشيتهم من أن يؤدي القرار إلى مخاطر يتعرض لها الجنود الامريكيين في الشرق الأوسط.
ويلعب الجانب الإيراني على هذا الخلاف الداخلي في محاولة منه للضغط باتجاه منع مثل هذه الخطوة وذلك من خلال تصعيد التهديدات المتعلّقة بإمكانية استهداف الجنود الأمريكيين في المنطقة. وصدرت تصريحات رسمية إيرانية عن رئاسة الجمهورية والحرس الثوري مفادها أنّ المضي قدماً بهذا القرار سيدفع الجانب الإيراني للرد بالمثل وسيعرّض القوات الأمريكية الموجودة في المنطقة إلى الخطر. لكن من المستبعد أن يردع ذلك إدارة ترامب إذا ما كانت قد صمّمت فعلاً المضي قدماً في مثل هذا القرار.
يأتي هذا التصعيد الجديد بعد أن كشفت وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير حديث لها أنّ إيران كانت مسؤولة عن سقوط حوالي ١٧٪ من إجمالي العدد الرسمي لقتلى الجنود الأمريكيين في العراق في الفترة ما بين ٢٠٠٣ و٢٠١١. وتشير بعض التقارير مؤخراً إلى انّ ميليشيات إيران المنتشرة في المنطقة وعلى رأسها حزب الله اللبناني بدأت تعاني من شحّ في الموارد المالية بعد تشديد العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني، وحرمانه من العوائد النفطية وإدراج حوالي ٩٧٠ جهة إيرانية (شركات وأفراد)، بالإضافة إلى حوالي ٧٠ مؤسسة مالية.
لا بدّ أن مثل هذا التقييم يعدّ دافعاً إضافياً للمضي قدماً في زيادة الضغط على المؤسسة الأم لهذه الميليشيات وهي الحرس الثوري الإيراني، لكنّ ذلك قد لا يكون كافياً لتعطيل عمل هذه الميليشيات بشكل كامل خاصة إذا ما استطاعت إيران الالتفاف على العقوبات بطريقة أو أخرى. في المقابل، إذا ما أقدمت إيران على استهداف القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة بشكل مباشر، فقد يعدّ ذلك مغامرة غير محسوبة النتائج على اعتبار أنّه من الصعب بمكان توقّع رد فعل الرئيس ترامب بصفته رئيساً غير تقليدي. ولهذا، يعود السؤال مجدداً عن دور الميليشيات الإيرانية في المنطقة وعمّا إذا كانت طهران ستستخدمها للرد على واشنطن بالوكالة.
المعطيات المتوافرة حالياً في الوضع اللبناني والسوري تقول أنّه من الصعب استخدام هذه الميليشيات في هذا التوقيت ضد الولايات المتّحدة أو مصالحها في المنطقة، أمّا بالنسبة إلى العراق فسيكون هناك علامات استفهام حول مدى جدوى مثل هذه الخطوة، وهو ما يعني أنّ الحرس قد يستهدف المصالح الأمريكية المتواجدة خارج النطاق الإقليمي، إذا افترضنا أنّ إيران ستلجأ بالفعل إلى مثل هذه الخطوة. من شأن تصنيف الولايات المتّحدة الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أن يشجّع على الأعمال التي تستهدفه سواء داخل إيران أو خارجها باعتباره هدفاً مشروعاً. من الناحية الإقليمية، سيتيح مثل هذا القرار لإسرائيل وربما للاعبين آخرين الفرصة في ضرب الحرس الثوري أينما وجد إقليميا، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من الضغط على إيران في مقابل ازدياد التوتر في المنطقة. لا تبدو إيران في موقع مناسب حالياً للرد، فهي ترزح تحت ضغوط داخلية وخارجية كبيرة، ووضعها الاقتصادي يتدهور. ورغم أنّها متقدّمة عسكرياً في عدد من الساحات، إلاّ أنّ وضعها العسكري حرج في ظل التنافس الإقليمي والدولي المحموم في المناطق التي تلعب فيها طهران دوراً عسكرياً متقدما.